بكل مظاهر الفخر والاعتزاز، يخلد الشعب المغربي، اليوم الخميس، من طنجة إلى الكويرة، وفي أجواء التعبئة الوطنية الشاملة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذكرى 52 لاسترجاع طرفاية إلى حظيرة الوطن، في 15 أبريل من سنة 1958, بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، ووارث سره آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، قدم الشعب المغربي جسيم التضحيات في مواجهة الاستعمار، الذي جثم بثقله على التراب الوطني قرابة نصف قرن، مقسما البلاد إلى مناطق نفوذ، موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب، والحماية الإسبانية بشماله وجنوبه، فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي.وجعل هذا المعطى من مهمة تحرير التراب الوطني أمرا صعبا وعسيرا، بذل العرش والشعب في سبيله تضحيات رائعة، في غمرة كفاح وطني متواصل الحلقات، وطويل النفس ومتعدد الأشكال والصيغ، بغية تحقيق الحرية والاستقلال والوحدة والخلاص من نير الاستعمار بنوعيه، والمتحالف ضد وحدة الكيان المغربي. وتحقق النصر المبين والهدف المنشود بعودة الشرعية ورجوع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، والأسرة الملكية الشريفة من المنفى السحيق، إلى أرض الوطن منصورا مظفرا في 16 نونبر1955، حاملا لواء الحرية والانعتاق من ربقة الاحتلال. ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر من أجل بناء صرح المغرب الجديد، الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من تراب المملكة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار تجند جيش التحرير بالجنوب سنة 1956، لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة الانعتاق بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس بعزم قوي وإرادة صلبة. وشكل خطاب جلالته التاريخي بمحاميد الغزلان، في 25 فبراير1958، بحضور وفود وممثلي قبائل الصحراء المغربية، موقفا حاسما أكد إصرار المغرب على استعادة حقوقه الثابتة في صحرائه السليبة. وهكذا تحقق بفضل حنكة وحكمة جلالته طيب الله ثراه وبالتحام وثيق مع شعبه الوفي استرجاع إقليم طرفاية سنة 1958، والذي جسد محطة بارزة على درب النضال الوطني، بغية استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية. وواصل المغرب في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه ملاحمه النضالية، حيث جرى استرجاع مدينة سيدي إفني سنة 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخية الكبرى (المسيرة الخضراء المظفرة) في 6 نونبر1975، والتي جسدت عبقرية الملك الموحد الذي استطاع تحقيق هذا الإنجاز العظيم بأسلوب حضاري سلمي فريد، يصدر عن قوة الإيمان بالحق في استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن الأم. وكان النصر حليف المغاربة، وارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير1976، إيذانا بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية. وفي 14 غشت 1979، استرجع المغرب إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن، ثم استمرت ملحمة صيانة الوحدة الترابية بكل قوة وإصرار لإحباط مناورات الخصوم. وبالتعبئة والعزم نفسيهما، يقف المغرب اليوم، بقيادة رائده باعث النهضة المغربية جلالة الملك محمد السادس، صامدا في الدفاع عن حقوقه الراسخة، مبرزا استماتته في صيانة وحدته الثابتة، مؤكدا للعالم أجمع من خلال مواقفه الحكيمة والمتبصرة، إرادته القوية وتجنده التام دفاعا عن مغربية صحرائه، وعمله الجاد لإنهاء كل أسباب النزاعات المفتعلة، وسعيه إلى تقوية أواصر الإيخاء بالمنطقة، خدمة لشعوبها، وتعزيزا لاتحادها، واستشرافا لآفاق مستقبلها المنشود.