تحتفي الدورة الخامسة لمهرجان الثقافة الصوفية، الذي ينظم من 16 إلى 23 أبريل الجاري بفاس، بالمرأة المتصوفة من خلال مشاركة وجوه نسائية مرموقة في مجال التصوف، وتنظيم ندوات حول النساء المتصوفات. وقال رئيس المهرجان، فوزي الصقلي في ندوة صحفية نظمت مساء الخميس المنصرم بالدارالبيضاء، لتقديم برنامج الدورة الخامسة للمهرجان، التي ستنظم تحت شعار "وجوه نسائية في رحاب التصوف"، إن هذه الدورة ستحتفي بالمرأة المتصوفة، لأن الثقافة الصوفية تفتح أعيننا على الأهمية القصوى، التي يكتسبها البعد "الأنثوي"، وعلى القيم المرتبطة به في كل تنمية مجتمعية، مؤكدا أن للمرأة مكانة مهمة في عالم التصوف، إذ حفل تاريخ التصوف بنماذج من النساء الزاهدات المتصوفات لعل أشهرهن رابعة العدوية. فتاريخ التصوف مزيج من النساء والرجال، والتصوف الحقيقي لا يستعمل اللغة الذكورية في أي شأن يمس المرأة، بل أجاز التصوف تسليك المرأة وأن يتولاها شيخ، فهناك مريد ومريدة وسالك وسالكة، وعارف وعارفة، كما أكد الشيخ ابن عربي أن الرجال والنساء يشتركان في جميع المراتب حتى في القطبية، داعيا إلى توقير المرأة واحترامها بقوله "إن الذات الإلهية مؤنثة وأن التوحيد مذكر"، مضيفا "كن على أي مذهب شئت فأنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة، الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم، والعلة مؤنثة وإن شئت قلت القدرة فالقدرة مؤنثة أيضا". وأبرز الصقلي أن برنامج الدورة الخامسة، سيتضمن العديد من الندوات، وجلسات السماع الصوفي، التي سيحتضنها متحف البطحاء، فضلا عن تخصيص الليلة الختامية لفن الملحون كرافد مهم من روافد الثقافة الصوفية من خلال ليلة "من الملحون إلى النوبة الروحية" مع كبار منشدي السماع بالمغرب، مشيرا إلى أن أهل الحرف في المغرب ارتبطوا منذ القديم بالزوايا الصوفية، ما أسس للعلاقة بين النشاط الروحي والتنمية الاجتماعية والبشرية على نحو طبيعي في السياق الثقافي والتاريخي. كما لعبت هذه الزوايا دورا مهما في نشر قيم السلم، والمحافظة على الوحدة الترابية. وفي هذا السياق، قال عبد الله الوزاني المشرف على هذه الليلة، إن الانتماء إلى طريقة من الطرق الصوفية لم يكن يعد نقصا أو عيبا، بل إن أخذ الطريقة كان شيئا يعلن عنه ويشاع بين الناس ويمارسه العلماء والتجار على حد سواء، مشير إلى أن المتصوفة في المغرب دأبوا على تذوق الموسيقى وممارسة السماع، الذي ارتبط بالشعر الشعبي (الملحون) ارتباطا عضويا، إذ كان بعض شعراء الملحون متخصصين في مدح بعض الأولياء من الأقطاب أو من مؤسسي الطرق الصوفية الكبرى. ومن الواضح، في هذا السياق، أن الشعر الملحون، لا معنى لوجوده إذا لم يتحول إلى أغان ومدائح. ومن هنا كان شيوخ الصوفية يؤكدون على ضرورة صياغة تعاليمهم وتوجيهاتهم ووجدانياتهم في شكل قصائد من الشعر الملحون سواء بأنفسهم، أو الذين كان لهم شعراء ينتسبون إلى طرقهم ويصوغون تعاليمهم شعرا ويمدحونهم كما هي حال مولاي إدريس بن ادريس شاعر ومداح سيدي محمد بن عيسى الملقب بالشيخ الكامل مؤسس الطريقة العيساوية دفين مكناس. وستشهد الدورة الخامسة من المهرجان، تنظيم العديد من سهرات السماع والإنشاد الصوفي، سيشارك فيها كل من كريمة الصقلي ومجموعة الكوثر من غرناطة، وشادية حامد من سوريا، ومصطفى سعيد من مصر، وليلى أنور من إيران، ورونو غارسيا فونس من فرنسا، ومجموعات سماع الطريقة الخلواتية من تركيا، والشرقاوية، والوزانية، والصقلية القادرية، والبوتشيشية من المغرب. فضلا عن تنظيم ندوات ومحاضرات حول التصوف النسائي، نذكر منها محاضرات "للا زهرة الكوشية، ولية في كنف الكتبية" لثريا إقبال، و"رموز الأنوثة في الشعر الصوفي" لأحمد الخليع، و"رمزيات المرأة لدى الأمير عبد القادر" لبارزة الخياري، وإيريك جوفري، و"سيرة خديجة" لسوسن أزارين، و"من الهندوسية إلى الإسلام: تجليات الشخصية النسائية "ما" لكاتيا ليجريا" لمحمد فالسان، و"الشيوخ النسائية لمحيي الدين بن عربي" لجين كلارك، ونيك بيرسن، و"النساء والسلوك الروحي: نساء صوفيات بارزات في إفريقيا الغربية" سلماتو ساو، "نانا أسماعو (1793-1864 شمال نيجيريا) امرأة صوفية من طراز خاص" لماري ميران غويون، و"ليست الحياة قصيرة لكن الزمان محسوب..امرأة متصوفة في زمانها (مالك جان النعماني 1907- 1993) لليلى أنور، و"المرأة والتصوف والبيئة" لفطومة بنعبد النبي. والعديد من الندوات والموائد المستديرة، نذكر منها ندوة "أدبيات الطريق.. إيزابيل إيبرهاردت، وإيفا دوفيتاري ماييروفيتش"بمشاركة ماري أوديل أولو دولاكور، وجان رونيه أولو، وسعد الخياري، وجان بيير مونتاني، وأمال العرفاوي، و"قصص وليات صالحات"، بمشاركة عبد الله الوزاني وإكرام بناني الرطل، وسعادة موالينين، والتهامي الحراق، و"النموذج المثالي للمرأة عند ابن عربي" بمشاركة عبد الإله عرفة، وجعفر الكنسوسي، وليلى خليفة.