كلما كانت بيداغوجية التدريس والتلقين "سهلة المراس، كلما استطاع الأستاذ أن يتخذ الوجهة الصحيحة إلى عقل التلميذ، ينمي قدراته الفكرية والمعرفية" هذا ما أكده فاعلون تربويون، وأبرزوا في حديثهم مع "المغربية" أن بيداغوجيا التدريس الحديثة هي التي "تفعل من دور التلميذ في التعلم، بحيث لا يكون فيه هذا الأخير متلق للمعلومات فقط، بل مشاركا وباحثا عن المعلومة بشتى الوسائل الممكنة" . وقالوا إن بيداغوجيا التدريس الجيدة "تعتمد على النشاط الذاتي والمشاركة الإيجابية للمتعلم، التي من خلالها يقوم بالبحث مستخدما مجموعة من الأنشطة والعمليات العلمية كالملاحظة والقياس وقراءة البيانات والاستنتاج، التي تساعد في التوصل إلى المعلومات المطلوبة بنفسه وتحت إشراف الأستاذ وتوجيهه وتقويمه". وبهذا الخصوص، يرى محمد لطفي، أستاذ باحث في علوم التربية في تصريحه ل"المغربية" أن بيداغوجيا التدريس الفعالة "تربي التلاميذ على ممارسة القدرة الذاتية الواعية، التي لا تتلمس الدرجة العلمية كنهاية المطاف، ولا طموحا شخصيا تقف دونه كل الطموحات الأخرى"، مبرزا في السياق ذاته أن البيداغوجيا الجيدة في التدريس "ترفع من مستوى إدارة الفرد لنفسه ومحيطه ووعيه لطموحاته ومشكلات مجتمعه"، وهذا يتطلب حسب محدثنا أن يكون التلميذ "ذا قدرة على التحليل والبلورة والفهم، ليس من خلال المراحل التعليمية فقط، ولكن مستمرة ينتظر أن توجدها وتنميها المراحل التعليمية التي يمر من خلالها الفرد ". وفي حديثهم عن الطرق الناجعة في التدريس، أكد العديد من أطر التدريس ممن استقت "المغربية" آراءهم أن "اختيار الطريقة المناسبة لتدريس الموضوع لها أثر كبير في تحقيق أهداف المادة"، مبرزين في السياق ذاته أن طرق التدريس تختلف باختلاف المواضيع والمواد وبيئة التدريس". وأجمع محدثونا على أنه كلما "جرى إشراك التلميذ في العملية التعليمية التعلمية كلما كانت الطريقة أفضل". وأكد محمد بلفاطمي، مفتش بالتعليم الابتدائي، متقاعد، أن دور الأستاذ "كبير وحيوي في العملية التربوية والتعليمية"، داعيا الأساتذة إلى "الابتعاد عن الدور التقليدي الإلقائي، وألا يكونوا وعاء للمعلومات، بل إن دورهم هو توجيه التلاميذ عند الحاجة دون التدخل الكبير"، وعليه فإن دور الأستاذ الأساسي، يقول محدثنا "يكمن في التخطيط لتوجيه التلاميذ ومساعدتهم على إعادة اكتشاف حقائق التعلم". الشيء نفسه ذهب إليه عبد الرحيم الشدادي، أستاذ الرياضيات، بقوله "إن براعة وذكاء الأستاذ، في كيفية خلق أجواء ملائمة للتدريس، وكلما اكتشف أن مجهوداته في التلقين والشرح لا تجد صداها، عليه أن يبحث عن الطريقة المثلى، لإعطاء شحنة إضافية للتلاميذ، من أجل التعاطي إيجابيا مع أساليب التدريس"، وأكد بهذا الخصوص، أنه اكتشف غير ما مرة، أن التلاميذ الجالسين في الصفوف الأمامية، يكونون أكثر حظوة من القابعين في الصفوف الخلفية، وأكثر انتباها وحضورا، وأرجع السبب في ذلك إلى عوامل نفسية لدى التلميذ، تؤثر سلبا على روح المبادرة فيه، ومن ثمة يقول محدثنا إن المدرس "ملزم بتكييف أجواء فصله الدراسي، مع منهجية تدريسه والبحث عن مكامن الاختلالات التي تقف حجرة عثرة في بعض الأحيان دون أن تكون نتائج أداء التلاميذ في القسم في المستوى المطلوب". من جانبها، ترى نعيمة سليم، أستاذة التعليم الابتدائي، أن الأجواء المعاشة في القسم هي التي "تتحكم عادة في نمطية وكيفية اشتغال المدرس، الذي مفروض فيه معرفة كيف يصل إلى ذروة المردودية في أقصر مدة زمنية وبأقل الخسائر"، وهذا التوجه تقول محدتثنا "محكوم هو الآخر بمدى شغف المدرس بمهنته واستعداده لتحقيق أفضل النتائج، بغض النظر عن وضعه الاجتماعي والمالي، حيث إن ربط الإنتاجية والاجتهاد بالملفات المطلبية، يعد تقصيرا في حق التلميذ وضربا بنبل مهنة التدريس". وما من شك أنه بإمكان المدرسين أن يكونوا أكثر قوة في العطاء، وتأخذ بيداغوجيا تدريسهم في إطار أيام دراسية للاستفادة من أساليبها وقوة تفاعلها مع المحيط التعليمي، وهذا ما يقتضي أن تخلق الجهات الوصية على الشأن التربوي والتعليمي ببلادنا، إطارات للتنافس وإبراز المهارات وتبادل الخبرات والمنهجيات في الاشتغال، فالالتفاتة للمدرسين وكيفية اشتغالهم واختيار الأقسام النموذجية في التدريس وإعمال آليات التحفيز والتشجيع، من شأنه أن يعيد الروح إلى العملية التربوية ببلادنا ويجعلها تحقق أفضل النتائج.