أعطيت، أمس الأربعاء، بالرباط، الانطلاقة برنامج تكويني، يعتبر الأول من نوعه في المغرب، حول تدريس "مدونة القيم القضائية" لفائدة الملحقين القضائيين، الذين يتابعون تكوينهم بالمعهد العالي للقضاء، بهدف تقوية وعيهم بدورهم في المجتمع، وترسيخ إحساسهم بمسؤوليتهم، إسهاما منهم في رفع صرح القضاء المغربي. وقال محمد الناصري، وزير العدل، في كلمة بالمناسبة، إن إدراج مادة القيم القضائية ضمن برامج المعهد سيمكن الملحق القضائي من الولوج إلى مفاهيم أخلاقيات القضاء وآدابه، وكذا تدارس ومناقشة القضايا المرتبطة بتخليق الوسط القضائي. وأشار الناصري إلى أن المعهد، في إطار المقاربة الشمولية في التكوين على القيم القضائية، أعد برنامجا خاصا لتكوين كتاب الضبط على "ميثاق قيم وسلوك كتابة الضبط"، بشراكة بين المعهد وودادية موظفي العدل، وبمساعدة الجمعية الأميركية للمحامين. كما أعد المعهد، بتعاون مع "مركز التعاون القانوني الدولي بهولندا"، منهاجا دراسيا، يتضمن درسا خاصا بأخلاقيات كتابة الضبط في مجال القضاء الأسري. وأوضح الوزير أن هذه المبادرة تأتي في إطار المكانة المحورية، التي تحتلها أخلاقيات القضاء بالنسبة لدولة الحق والقانون، مبرزا أنه، بسيادة القيم القضائية المثلى، يكتمل دور القاضي في المجتمع الديمقراطي المعاصر، وأنه، باحترام القضاة لأخلاقيات رسالتهم، تعم الثقة والطمأنينة في النفوس، ويترسخ الأمن القضائي، سيما أن القضاء أصبح في طليعة مؤسسات ومقومات المجتمع الديمقراطي، ويحتل مكانة محورية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، باعتباره ضامنا للقيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وصون دولة القانون. وأكد الناصري أن القضاء أكثر ارتباطا بالأخلاق، لصلته بالعدالة، كمفهوم فلسفي مثالي، وقيمة اجتماعية فضلى، مشيرا إلى أن العدالة هي الوليدة المباشرة لأخلاقيات القضاء وقيمه المثلى. وأضاف الوزير أن منهجية دقيقة روعيت في عملية تدريس مادة "القيم القضائية"، من خلال التعريف بالحمولة الأخلاقية المتميزة لمدونة القيم القضائية، التي تكرس مجموعة من المبادئ الكونية، التي ألزم القضاة أنفسهم بالتقيد بها، ترسيخا للمسؤولية الأدبية والأخلاقية للقاضي تجاه مجتمعه، موضحا أنه يقع التركيز على دراسة مجموعة من القيم والمبادئ، التي تعد من صميم مقومات العدالة المعاصرة، المتمثلة في استقلال القاضي، ونزاهته وحياده، وحرصه على تحقيق المساواة، وضمان المحاكمة العادلة، والتقيد بمقومات الاستقامة والوقار واللياقة، والحرص على التمسك بالسلوك القضائي القويم، والعمل المتواصل للرفع من كفاءة القاضي. وأشار الناصري إلى أن المعهد اعتمد منهجية حديثة في تدريس الأخلاقيات القضائية، ترتكز على الطريقة التشاركية التفاعلية، وتعطي فرصة للملحقين القضائيين للمشاركة الفعالة في عملية التكوين، وتفتح أمامهم إمكانيات المناقشة والتحليل، وإيجاد الحلول العملية لكثير من الوضعيات المرتبطة بسلوك وتصرف القاضي إزاءها. من جهته، اعتبر محمد سعيد بناني، المدير العام للمعهد العالي للقضاء، أن مدونة القيم وردت في ظرفية ملائمة، تعتبر المسؤولية وقيم القضاء في قلب الجدل الحالي في المغرب بشأن تخليق الحياة العامة. وأوضح أن مدونة القيم انبثقت عن حماس القضاة، الهادف إلى وضع مبادئ تحكم تصرفات القاضي في مواجهة نفسه قبل غيره، وأنها تمتد إلى كثير من الأفعال الخارجية المحسوسة. وقال المدير العام للمعهد "إذا كانت المسؤولية الأخلاقية للقضاة توجد في قلب الجدل الحالي لمجموع ديمقراطيات العالم، وحديث كل المجتمعات، وإن كانت بدرجات متفاوتة، فإن اندماج المغرب، من خلال مدونة القيم، يفرز مدى قناعة القضاة بأن ضمان القيم يندرج في إطار احترام قواعد الأخلاق اللصيقة بمهامهم". وأكد بناني أن المبادئ المتعلقة بالقيم تساهم في إصلاح القضاء، لأنها تتضمن سلوكات يعمل القاضي على احترامها.