انكشف سر انقلاب الفريق المفاوض للبوليساريو على نفسه، في اللحظة الأخيرة، بسحبه لبند حقوق الإنسان من المناقشة في جدول أعمال المباحثات غير الرسمية في مالطا، ما بين سابع وتاسع مارس الجاري. بعدما كانت بوليساريو، وبدعم من الجزائر، تصر على وضع بند خاص يتعلق بالوضع الحقوقي في الصحراء المغربية في جدول أعمال المباحثات غير الرسمية. وتفيد معطيات جديدة، حصلت عليها "المغربية"، أن التحول المفاجئ لوفد بوليساريو جاء بتوجيه سريع من أعلى أجهزة الاستخبارات الجزائرية، خصوصا من قيادة الاستعلام والأمن الجزائرية، التي يديرها الجنرال دو كور دارمي محمد مدين، الملقب ب "توفيق". وتكشف المعلومات، التي حصلت عليها "المغربية"، أن سبب الارتباك المفاجئ، الذي سقطت فيه البوليساريو كان مصدره المدير العام للاستعلامات والأمن الجزائري، الذي أرسل تحذيرا على وجه السرعة إلى فريق بوليساريو المفاوض، من احتمال تعرضه لهجوم مضاد من طرف الوفد المغربي في حالة تمسكه بالإبقاء على مسألة حقوق الإنسان كنقطة في جدول أعمال المفاوضات غير الرسمية، موضحا لهم، في تحذيره، أنهم، في حالة مناقشة تلك النقطة المدرجة في جدول الأعمال، سيمكنون الوفد المغربي من فرصة تاريخية لاستعراض أهم الإصلاحات، التي أعلن عنها جلالة الملك، في خطاب 9 مارس، مجال حماية حقوق الإنسان، واحترام الحريات أمام المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، المكلف بملف الصحراء المغربية. وتضيف المعطيات أنه، بعد أن توصل فريق البوليساريو بالتحذيرات السرية للغاية، بادر إلى تقديم ملتمسه بشكل ملح، للأميركي كريستوفر روس، مبعوث الأممالمتحدة، بهدف إسقاط بند حقوق الإنسان من جدول أعمال المباحثات غير الرسمية، متظاهرا أن ملتمسه كان بهدف رفع التشنج، الذي قد يطبع المباحثات أثناء مناقشة تلك النقطة، وإلى رغبته في تسريع وتسهيل أشغال المباحثات مع الوفد المغربي. وأكد أكثر من مصدر جزائري لموقع "البوليساريو كونفيدونسيال"، المعلومات نفسها، التي حصلت عليها "المغربية". وقالت مصادر الموقع إن تعليمات سرية أرسلها المدير العام للاستعلام والأمن الجزائري إلى الفريق المفاوض تحثه، بشكل واضح، على ضرورة حذف بند وضع حقوق الإنسان من المناقشة لتفويت الفرصة على الوفد المغربي لاستعراض، أمام الوسيط الأممي، الإصلاحات السياسية والحقوقية، التي راكمها المغرب، خصوصا منها الجهوية المتقدمة. من جهة أخرى، شعر وفدا البوليساريو والجزائر بالحرج والقلق، بعد أن تطرق الوفد المغربي إلى الحديث عن آخر تطورات الوضع في ليبيا، والتهم، التي تسربت عبر مختلف وسائل الإعلام الدولية، بشأن بعث البوليساريو والجزائر مرتزقة شاركوا القذافي في حربه على الشعب الليبي، مقابل مبالغ مالية مغرية، لم يكشف عن قيمتها. يشار إلى أن بوليساريو والجزائر فشلا في التلويح بالورقة الحقوقية خلال السنة الماضية، أثناء تجديد مدة ولاية المينورسو في الصحراء المغربية، إذ رفض بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره لتجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة، في أبريل 2010، التطرق لمسألة حقوق الإنسان، بعد أن كانت تلك النقطة تشكل العمود الفقري لهجوم البوليساريو والدبلوماسية الجزائرية على المغرب في الأممالمتحدة. ويولي المغرب للجانب الحقوقي أهمية بالغة، وأوصى خطاب جلالة الملك يوم 9 مارس الجاري بدسترة توصيات الإنصاف والمصالحة في التعديلات الدستورية المقرر عرضها على الشعب المغربي للاستفتاء في الشهور المقبلة، ما يشكل تطورا غير مسبوق، وطنيا وإقليميا، لاتساع دائرة الحريات الفردية والجماعية في المغرب.