قال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة بجنيف، عمر هلال، أول أمس الثلاثاء، بجنيف، إنه ينبغي على الجزائر أن تبرهن عن لياقة وتواضع، وتستلهم من التقدم الديمقراطي الذي حققه جارها بدل مهاجمته. وأوضح هلال أن الجزائر ليست في الموقع الجيد لإعطاء دروس للمغرب في مجال حقوق الإنسان، مضيفا أن البلد الذي يعجز عن طي ماضيه الأليم، واحترام الحقوق الإنسانية حتى لشعبه نفسه، يجب أن يبين عن لياقة وتواضع عبر الاستلهام من التقدم الديمقراطي لجاره، قبل أن يتوجه إليه بالانتقاد. وكان الدبلوماسي المغربي يرد على الوفد الجزائري، الذي كرر ادعاءاته المعتادة بشأن وضعية حقوق الإنسان في المغرب، خلال الدورة السادسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأشار هلال إلى أنه في حين يشكل المغرب موضع إشادة من قبل الأمين العام الأممي، وكبار العواصم العالمية، بشأن الأوراش الكبرى للجهوية والإصلاح الدستوري الشامل والعميق، الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأسبوع الماضي، ما تزال الجزائر، بالمقابل، موضع إدانة شديدة في التقارير السنوية والخاصة لجميع المنظمات غير الحكومية، والآليات الأممية لحقوق الإنسان، فضلا عن الصحافة الدولية. وأضاف أن هذه التقارير تنتقد كلها، وبالإجماع، الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة في الجزائر، وتدعوها للوفاء بالتزاماتها الوطنية والدولية في مجال احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وأعرب السفير المغربي عن الأسف لكون أنه يبدو بجلاء أن الديمقراطية ليست بعد مدرجة ضمن جدول أعمال الجزائر. وقال إنه في وقت انخرطت فيه مجموع المنطقة المغاربية في دينامية تاريخية لصالح الديمقراطية، وتقوية دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ما تزال الجزائر عاجزة عن مواجهة ماضيها، واتخاذ قرارات شجاعة بالنسبة لحاضرها وصياغة مستقبلها ديمقراطيا. وأبرز هلال أنه منذ سنوات التسعينات، عمل المغرب على إرساء اتحاد مغاربي ديمقراطي، تحترم فيه حقوق الإنسان ويعرف اندماجا اقتصاديا. وأضاف أنه علاوة على ذلك، يريد المغرب المضي قدما مع الجزائر وليس ضدها. ويبدو أن الجزائر، من خلال موقفها السلبي من قضية الصحراء المغربية، لا تواكب الطموح المغاربي، الذي ينهجه المغرب وباقي بلدان المغرب العربي الكبير، كما أنها لا تساير التحولات العميقة الجارية في المنطقة. وأكد هلال أنه عوض تضييق الخناق على مجلس حقوق الإنسان من خلال الممارسات المعادية للمغرب، وهواجسها بخصوص تقرير المصير، كان بالأحرى على السفير الجزائري الرد على تقارير المنظمات غير الحكومية والآليات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، وكشف النقاب عن العجز الحاصل في المجال الديمقراطي ببلاده. وفي هذا الصدد، دعا الهلال، الدبلوماسي الجزائري، إلى الرد على التقارير التي أنجزتها حول بلاده كل من (هيومان رايتس ووتش) برسم عام 2011، ومنظمة العفو الدولية للسنة نفسها، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان لعام 2010، ووزارة الخارجية الأمريكية في 2009، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لعام 2010. وأشار إلى أن الجزائر ماتزال تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث تعمل سلطات هذا البلد على التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين والصحافيين، الذين توبع بعضهم بتهمة توجيه انتقادات لمسؤولين حكوميين. كما كشفت هذه التقارير أن "التعذيب ما يزال يمارس في مراكز الاعتقال" الجزائرية، وهو ما يعكس هشاشة وضعية حقوق الإنسان بالجزائر. وخلص السفير المغربي إلأى أنه إذا كانت هناك أوضاع يتعين أن تسترعي انتباه مجلس حقوق الإنسان فهي أوضاع الجزائر بصفة عامة، ومخيمات تندوف على وجه الخصوص. وسجل أنه رغم موقف المدافع الجزائري المتسم بالانتقائية في مبادئ حقوق الإنسان، فإن هاتين المنطقتين تظلان مع الأسف مغلقة في وجه المنظمات غير الحكومية الدولية والوفود الرسمية والصحافة الدولية، وهو ما يمثل خيبة أمل كبيرة بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان عبر العالم.