شارك وفد مغربي، مساء يوم الأحد المنصرم، بدكار، في الحفل الرسمي للتجمع الكبير للتجانيين، احتفالا بالذكرى 31 ل"الزيارة السنوية للعائلة العمرية"، وهي تظاهرة دينية تقام تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأشادت العديد من الشخصيات الكبرى من الأسرة العمرية التجانية، في هذه المناسبة، بالعلاقات العريقة بين المغرب والسينغال، حيث يضطلع البعد الديني بدور الرابط بين الشعبين منذ قرون، منوهين بالرعاية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل الحفاظ على هذه العلاقات وتعزيزها، التي تعود إلى عهد السلطان العلوي مولاي سليمان. وكان الوفد المغربي، الذي ترأسه عبد اللطيف بكدوري الأشقاري، المسؤول بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وسفير المملكة بدكار، طالب برادة، حاضرا في المنصة الرسمية لهذا الاحتفال، الذي عرف مشاركة العديد من أعضاء الحكومة السينغالية، ووفود تمثل عددا من البلدان الإفريقية. وخصصت هذه التظاهرة للاحتفال بذكرى خليفة الطريقة التجانية العمرية، سايدو نورو تال، المتحدر من عائلة من كبار العلماء، الذين كرسوا حياتهم لنشر الإسلام في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. ومثل جده الحاج عمر تال، يعد خليفة العائلة العمرية تييرنو سييدو نورو تال (1880-1980) مرجعية بالنسبة لمريدي الطريقة التجانية، بفضل التقوى الدينية الكبيرة التي يتمتع بها ومعرفته الدينية الواسعة، كان له تأثير كبير على المؤمنين في "هال بولار"، وهي إثنية يطلق عليها ""تو كولور" (جميع الألوان)، ويعيشون في منطقة "بوغي" بموريتانيا، وهي إثنية تعيش، أيضا، في مناطق نيورو، وكاييس، وباندياغارا، ومالي. كما ألف تييرنو سييدو نورو تال مرجعا في مجلدين عن حياة وعمل جده الحاج عمر تال، الذي خاض حربا مقدسة ضد الاستعمار الغربي. وحسب المنظمين، فإن تجمع "الزيارة السنوية" للعائلة العمرية يشكل مناسبة لجمع أتباع الطريقة في أجواء من التقوى والتأمل. ويتعلق الأمر، أيضا، بترسيخ وتعزيز قيم الطريقة التجانية لدى شباب الجيل الجديد، التي تعكس الإسلام الحقيقي المتسامح والمنفتح. وأكدوا أن الطريقة التيجانية، التي تمثل ممارسة إسلامية، تقوم على عقيدة صحيحة وتصور حكيم للتعاليم الدينية، شكلت على الدوام ركيزة للعلاقات العريقة القائمة بين المغرب والسينغال، مذكرين بمختلف المبادرات المتخذة من طرف جلالة الملك بغية إذكاء دينامية البعد الروحي للعلاقات بين البلدين الشقيقين والمساهمة في تحقيق المزيد من الإشعاع لهذه الطريقة بإفريقيا. وتحت خيمة كبيرة نصبت على ساحة المسجد العمري بدكار، توجه آلاف التجانيين بالدعاء ورددوا الأذكار (الأمداح) استحضارا لذكرى الشيخ سيدي أحمد التجاني، مؤسس الطريقة وأتباعه الذين حملوا المشعل من أجل الدعوة بطريقة هذا الشيخ وضمان إشعاع الإسلام في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. وككل سنة، توافد أتباع الطريقة لحضور "الزيارة السنوية" من مختلف مناطق السينغال، وموريتانيا، ومالي، وغامبيا، والنيجر، ونيجيريا، وغينيا، وكوت ديفوار. كما شكلت هذه التظاهرة مناسبة للنقاش الروحي من مستوى رفيع حول الطريقة التجانية، وقيمها التي بلغت العالمية، أخذ الشأن المعاصر حيزا من برنامج هذه النقاشات بين العلماء والخبراء في مجال الإسلام الصوفي. ويتعلق الأمر بتثمين درر الحكمة الصوفية، التي يمكن لها تقديم أفضل الأجوبة لما يعتمل في المجتمع المعاصر، حيث يعلو ما هو مادي على ما هو روحي وصوفي. ويشكل الاحتفال ب"الزيارة السنوية" لمدة أسبوع، كذلك، مناسبة للصلاة والتضرع وإحياء الأمسيات الدينية من أجل التأمل والاحتفاء بالطقوس الدينية ضمن تقاليد الطريقة التجانية.