تحتضن المركب الثقافي لمدينة بني ملال، معرضا تشكيليا جماعيا، لمجموعة من الفنانين المغاربة من جهة تادلة أزيلال، ومن مناطق أخرى من المغرب، إلى غاية 28 يناير الجاري، تحت عنوان "على خطى أحمد الشرقاوي". يحتفي المعرض، الذي تنظمه جمعية "الفن إيكون"، بتنسيق مع المديرية الجهوية لوزارة الثقافة ببني ملال، بالذاكرة الفنية للرسام والتشكيلي أحمد الشرقاوي، أحد أبناء مدينة أبي الجعد، الذي خلدت لوحاته الفنية اسمه في تاريخ التشكيل الفني المغربي، لذلك كان المعرض تكريما لروحه الخالدة في الفن والإبداع باللون والريشة والأصباغ. انطلقت هذه التظاهرة الفنية بعرض شريط وثائقي، يؤرخ لتجربة أحمد الشرقاوي وزميله الفقيد الجيلالي الغرباوي، مستعرضا حياتهما الفنية والأسرية داخل وخارج الوطن، ومعاناتهما، التي جسدتها موهبتهما الفنية، في لوحات تعتبر غاية في الجمال والإبداع، تنقل المشاهد إلى عالم يغوص بالعلامات والإشارات والإيحاءات والرموز المستعارة، من مكونات العالم المحيط بالفنانين، ويستقي مادته من الثقافة الشعبية الوطنية، المجسدة في نماذج فنية، تجد حضورها قبل الانتقال إلى اللوحة، في الزرابي والحناء والوشم وفن العمارة وكل مكونات الحياة الاجتماعية. كما شهدت التظاهرة تنظيم ندوة حول تجربة الفنان التشكيلي الراحل أحمد الشرقاوي، أشرف على تسييرها الناقد إبراهيم الحيسن، وشارك فيها مجموعة من النقاد والمهتمين بالفن التشكيلي المغربي، أمثال بنيونس عميروش، ورشيد الحاحي. تمحورت الندوة حول مداخلتين، حملت الأولى عنوان "أحمد الشرقاوي .. رائد العلامة " للناقد والفنان بنيونس عميروش، فيما جاءت الثانية تحت عنوان "الرمز والهوية في تجربة الفنان أحمد الشرقاوي" للناقد والفنان رشيد الحاحي، بالإضافة إلى كلمة المندوب الجهوي للثقافة، الكاتب عبد الكريم جويطي، الذي استعرض بعض أعمال الراحل، التي شكلت علامة مميزة في تاريخ التشكيل المغربي، ودعا إلى ضرورة صيانة هذه النماذج الفنية، كتحف إبداعية تؤرخ للذاكرة الفنية للشرقاوي، الذي قضى جزءا كبيرا من حياته بمدينة بني ملال، التي أحبها من الأعماق، وجسد ولعه بها بالرسم والصورة في لوحاته الفنية، التي تجسد حضوره في هذه المدينة، ومن خلاله للفن المغربي الأصيل. وعبر مجموعة من الفنانين التشكيليين المشاركين في هذا المعرض الفني الجماعي، عن أن الملتقى انفتاح على محيط المدينة، وتظاهرة تؤشر على أهمية هذه المبادرة المهداة إلى روح الفقيد الشرقاوي، الذي عاش عمرا قصيرا تميز بعطاء غزير، بعد أن نذر حياته لسحر الألوان، وترك الشهرة في باريس، التي عاش بها ردحا من الزمن، ما ساعده على صقل موهبته الفنية في ديار الغربة، والانفتاح على التناغم الفني، الذي يؤسسه عنصر المثاقفة مع الغرب الفني، لتكون عودته إلى الوطن الأم، وهو يحمل أسرار الفن، وتلاوين التشكيل، التي فتحت آفاقا جديدة أمام فنانين مغاربة، صقلوا تجاربهم وأغنوها من خلال تجربة الفنان أحمد الشرقاوي الغنية بالدلالات والإيحاءات. كما وقف الزوار خلال الحفل، على مجموعة من اللوحات الفنية، التي أبدعتها ريشة بنيونس عميروش، وإبراهيم الحيسن، ولحسن بنبوطة، ورشيد الحاحي، وسعيد شكير، وعبد الله لغزار، والصديق راشدي، التي تمزج في تناسق بديع بالألوان بين الفنين، التعبيري والتجريدي. تجدر الإشارة إلى أن الفنان الراحل أحمد الشرقاوي، ابن مدينة أبي الجعد، الذي غيبه الموت وهو في ريعان شبابه، قضى جزءا كبيرا من حياته بمدينة بني ملال، التي أحبها من الأعماق وجسد ولعه بها بالرسم والصورة في لوحاته الفنية محلقا في عالم الإبداع والتفوق.