خلفت الدعوة التي أطلقها المثقفون المغاربة، لمقاطعة جائزة المغرب للكتاب، أصداء واسعة في الوطن العربي رئيس المرصد المغربي للثقافة، شعيب حليفي إذ بادر العديد من الكتاب العرب، إلى مقاطعة مختلف الجوائز المعروفة كجائزة "البوكر العربية"، التي أجمع العديد من الكتاب العرب على أنها مصممة لتلقى جاذبية عند الجماهير الغربية، ويغلب عليها الطابع السياسي، حسب الأديب أحمد صبري أبو الفتوح، الذي أعلن مقاطعته للجائزة، واصفا إياها بأنها "فاشلة" لأن هناك معايير أخرى غير جودة العمل وجديته تتحكم في الفوز بها، مضيفا أن العديد من الأدباء الكبار قاطعوها فعلا، مثل جمال الغيطاني، وإبراهيم عبد المجيد، وغيرهم. وفي هذا السياق، أكد الروائي جمال الغيطانى، أنه رفض عرض "دار الشروق" بترشيحه للجائزة العالمية للرواية العربية المعروفة ب"البوكر العربية" عن روايته الصادرة أخيرا، "من دفتر الإقامة"، قائلا في تصريحات تلفزيونية، "فوجئت بإحدى الجرائد تنشر خبر ترشيح الشروق لي وهو خبر غير صحيح تماما، لأنني أرفض دخولي في مسابقة دون المستوى"، موضحا أن طريقة التحكيم فيها لا تليق بأي كاتب، و"ميصحش الكتاب يعرضوا نفسهم بالشكل غير اللائق ده، وفى الآخر يلاقوا نفسهم بيتهزأوا، وأنا شخصيا مش عاوز أتهزأ". كما دعا الروائى إبراهيم عبد المجيد كبار المبدعين والشباب إلى مقاطعة جائزة "البوكر"، موضحا أنها جائزة أثبتت فشلها بجدارة، وأنه لا ينبغي أن يضع المبدعون أنفسهم تحت رحمة أعضاء لجنة التحكيم "الهوائيين"، الذين أثبتوا عدم مصداقية الجائزة على مدار تاريخها". وفي تصريحات مماثلة، قال الشاعر عبد المنعم رمضان "أعلم أن الكتاب الحقيقيين في مصر وغيرها، لا يريدون أن يعرضوا أنفسهم لجائزة أثبتت أنها "مهينة"، منذ دورتها الأولى، التي منحت للروائي الكبير بهاء طاهر، وأثيرت حولها الشائعات الكثيرة، وكان المحكمون فيها يريدون منحها لأحد الشباب لولا أن الناقدين الكبيرين فيصل دراج ومحمد برادة، كما أشيع، كتبا بيانا مضادا للجائزة وهددا بنشره إن لم يمنح بهاء طاهر الجائزة"، موضحا أن الجائزة، منذ دورتها الأولى وهى تعمد إلى إقصاء وتنحية المبدعين الكبار، وهذا ما اتضح في الدورات التالية. من جانبه، دعا الناقد هيثم الحاج، إلى تعديل قوانين جائزة البوكر العربية وقال: الجائزة في حاجة لتعديل شروطها ولوائحها القانونية، وتحتاج للجنة أمناء واضحة قادرة على رصد المشهد الروائي العربي، وينبغي أن تكون بعيدة عن الاعتبارات المسبقة. وأضاف أن المفاجأة التي فجرتها شيرين أبو النجا باستقالتها من لجنة تحكيم الجائزة العام الماضي، أكدت أنه لا يوجد وضوح في معايير لجنة التحكيم وتتحكم فيهم أهواؤهم إلى حد كبير، ورغم أن الجوائز العربية بها عيوب إلا أنها لم تصل إلى حد عيوب جائزة "البوكر" التي ظهرت بكثرة في دورتها الأخيرة . واكتفى الناقد محمود الضبع بقوله إن الجوائز العربية يشوبها الكثير من الشكوك، ويدور حولها العديد من الأسئلة، بدءا من الاختيار، مرورا بالتوزيع على الأقطار العربية، إذ لم يعد العمل الجيد هو المؤهل للفوز، لكن تتدخل اعتبارات أخرى عديدة. من خلال هذا النقاش، الذي أعاد إلى الأذهان المواقف الجريئة للمثقف في مواجهة ما تتعرض له الثقافة من التهميش والتبخيس حسب بيان "للمرصد المغربي للثقافة"، الذي دعا كافة المثقفين المغاربة للإمساك عن المشاركة في المعرض الدولي للنشر والكتاب، كما دعاهم لمقاطعة الترشح لجائزة المغرب برسم دورة 2010 في كل فروعها. وبرر رئيس المرصد المغربي للثقافة، شعيب حليفي، أن الدعوة لمقاطعة الترشح لجائزة المغرب وكافة أنشطة وزارة الثقافة "تنبع من إيمان أعضائه والمتعاطفين معه على أن الرهانات الفعلية والواقعية للثقافة في العالم اليوم، تساهم في حل العديد من المعضلات الاجتماعية والسياسية. لأن بناء الأفكار السياسية وتدبير المشاريع الاجتماعية يتحكم في المجتمعات الحديثة على منح الثقافة مكانة حقيقية في مخططات التنمية". من جانبه، صرح الكاتب والناقد المغربي، عبد اللطيف محفوظ، في بيان له، أنه قاطع جائزة المغرب للكتاب لأن الرأي المعلن في بيان المرصد، الذي يمثل موقفه، أيضا، مندمجا مع الموقف العام المتفق حوله، مؤكدا أنه لا يمكنه أبدا أن يشارك في إعطاء المصداقية لما لم يعد موثوقا لديه، لأنه جرب من موقع الثقة في المؤسسة وفي التحكيم النزيه سابقا واقتنع. وفي السياق ذاته، قال محفوظ إن الخلل لا يخفى على أي قارئ متتبع يقارن بين الكتب المتوجة سنويا والكتب، التي نافستها، دون الحديث عن كتب تميز أصحابها ببعد النظر، فرفضوا الترشح لأنهم يعتبرون التحكيم بدءا من انتقاء اللجان والخبراء وصولا إلى النتائج خاضعا للمزاجية ومجانبا للموضوعية العلمية. وخلص في بيانه، إلى أن "ما يحدث يدعونا إلى تذكر مسرحية عربية شهيرة، ربما تجسد، حقيقة بعض أعضاء اللجان (شاهد ما شافش حاجة) لفهم مسرحية (محكم لم يقرأ شيئا)، لذلك لم تستطع أغلب الكتب المتوجة أن تفرض ذاتها في الساحة الأدبية أو الثقافية، وأغلبها لا نسمع به إلا يوم الإعلان عن الجائزة لننساه في اليوم الموالي، بينما كتب يجري تجاهلها ما زالت حاضرة ضمن سلسلة الكتب الأكثر مبيعا، رغم مرور سنين على طبعتها الأولى، كما أنها تشكل موضوعات للأطروحات بجامعات عربية مختلفة".