يقال إن الحقيقة تخرج من أفواه الصغار بحكم عفويتهم وبراءتهم، التي تجعلهم ينطقون، دون أدنى تفكير، في ما إذا كان الأمر سيزعج أحدهم أو يفرحه. غير أن أسر هؤلاء الأطفال يتضايقون كثيرا من هذه العفوية في الكلام، لأنها تحرجهم وتحرج ضيوفهم، في الكثير من الأحيان. ويعاني آباء آخرون عادة نقل الأخبار، أو ما يحكى داخل البيت، إلى أناس آخرين ما يزيد في إحراج الوالدين، أو الإخوة أو الأقارب. سميرة أم لخالد ونادية، وهما طفلان توأمان، ينتابها قلق كبير، في كل مرة حضر ضيوف عندها في البيت، وكان طفلاها موجودين... " لأنهما سيحاصرانهم بوابل من الأسئلة المحرجة، في غالب الأحيان، وسيقولان كل شيء وكل ما جرى في البيت، وينتظران التعليق، والإجابة حتى يشبعا فضولهما". ويختلف اختصاصيو التربية في تقييم هذه الظاهرة، ليخلص البعض إلى أن الأمر طبيعي، وكل الأطفال، في طور التطور والنمو واكتشاف محيطهم، يعبرون عن ذلك بهذا الفضول الزائد أو المبالغ فيه، برأي أسرهم، والأمر يحتاج إلى تعامل خاص ومتزن، حتى يمكن الحد من فضوله بطريقة إيجابية، وليس بما يمكن أن يحد إرادته في المعرفة والتعلم، فيما يرى البعض الآخر أن ذلك ينم عن وجود خلل في تربية الطفل داخل البيت، ما يحتم على الأبوين العمل على بث أبسط دعائم التربية، وأساليبها المختلفة في نفسه. في بعض الأحيان، ينقل الأطفال الكلام، دون تفكير في إيقاع الضرر بالغير، بل وكأنما يريد إثبات وجوده وذكائه في تذكر ما يراه ويسمعه. ويرى الاختصاصيون في تربية الأطفال أن لدور الأسرة تأثيرا كبيرا على الطفل، في تشكيل وعيه وسلوكه. ولأن الطفل يتأثر، أيضا، بالبيئة المحيطة به، دون أن يتعمد ذلك، فقد يتعلم عادة نقل الكلام من أصدقاء المدرسة مثلا. ويقدم خبراء التربية بعض النصائح للتخلص من هذه العادة، التي يعتبرها بعض الآباء سلبية في سلوكات وتربية أبنائهم، أهمها أن يكون للأطفال مجالهم الخاص بهم كأطفال، بمعنى عدم إشراكهم في مواضيع، أو قضايا تهم البالغين، وتفوق قدرتهم الذهنية، ما يجعلهم يجهدون في الفهم، وبالتالي، نقل الأمور محرفة بعض الشيء تزيد من حدة المشاكل داخل الأسرة. فالحوار ممكن بما يقترب من ذهنهم وبشأن قضاياهم هم فقط. أيضا، ينصح بعدم سماح للطفل في التدخل في شؤون الكبار، إلا بعد إعطائه الإذن لذلك، أو بطلب من الأبوين. على أساس الكثير من الصراحة والصدق في القول، الذي يجنب الإنسان الوقوع في كثير من المهالك، والمواقف الاجتماعية الحرجة. ينصح الخبراء، أيضا، بفرض رقابة واعية على كل المصادر المؤثرة في تكوين فكر، وشخصية الطفل، مع تعليمه أن عادة نقل الكلام من الأمور غير مرغوب فيها، وأنها تزعج الآخرين، وأن هناك أمورا أخرى من الممكن أن يقوم بها الطفل لكي يجذب انتباه الآخرين. للأم دور في توجيه الطفل، من خلال توضيح مدى خصوصية ما يدور داخل البيت من أحداث، وإخبار الطفل بأن ما يدور داخل البيت، يعد أمرا خاصا بالبيت فقط، ولا يجب أن يطلع عليه الآخرين، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو جيران. وعلى الآباء البحث عن أسباب نقل الكلام عند الطفل، فإذا كان يسعي لنقل الكلام من أجل الحصول على الثناء والانتباه، فلابد من منحه مزيدا من الثناء والتقدير لذاته، ولما يقوم به، لكي لا يلجأ لهذا السلوك . على أن يلتزم الأبوان بأن يكونا قدوة حسنة بعدم نقل الكلام للغير أمام الطفل، لأنه قد يتعمد نقل الكلام من باب التقليد. ينبغي، كذلك، تجنب استخدام العنف في معالجة المشكلة، لأن العنف مع الطفل يتسبب في تفاقمها، مع الحذر من اللوم المستمر والنقد وإعطاء الأوامر، في حين من الممكن إشعار الطفل بقيمته داخل الأسرة، وبأهميته، وأنه فرد مسؤول داخلها. وتبقى تنمية مهارات الطفل، وقدراته في مجال أكثر نفعا، بتوجيه طاقاته لتأليف القصص، أو ممارسة الرياضة، أو غيرهما من الأنشطة، التي تملأ وقت فراغه، وتعود عليه بالنفع . كل هذا يجب أن يكون مواكبا لمجهود الأسرة في غرس الآداب والأخلاق الحميدة داخل الطفل، مثل الأمانة، وحب الآخرين، وعدم نقل الكلام، وإفشاء الأسرار .