وفقا لمصادر جزائرية موثوقة، فإن الجنرال رشيد العلالي، نائب الجنرال "توفيق"، المكلف بالعمليات الخارجية، غادر ألمانيا فجأة، مساء يوم 9 دجنبر الجاري، حيث كان رفقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في زيارة رسمية. وتوجه الجنرال العلالي مباشرة من لندن إلى مالي، حيث يعتقل ستة من كبار مهربي المخدرات من جبهة بوليسارو، عقب اعتقالهم، في اليوم نفسه، وهو ما تداولته وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب"، رغم الوعود الشفهية للماليين بعدم نشر الخبر قبل السبت الموالي، وعمد العلالي إلى كراء طائرة خاصة للوصول، في أسرع وقت، إلى باماكو، عاصمة مالي. وستكون مهمة العلالي، وهو أكثر جنرالات الجزائر دراية وتمرسا بالشؤون الإفريقية، باعتباره شغل سابقا بالكونغو منصب رئيس القيادة العامة للجنة العسكرية المشتركة، إلى جانب أمور أخرى، حساسة بخصوص كيفية التعامل مع هذا الملف، وبالتالي، إقبار سجل مهرب المخدرات، سلطان ولد بادي، أحد المهربين الستة المعتقلين. ويرجح أن ولد بادي، المكلف بمهمة "خاصة" لدى البوليساريو، عمد إلى تهديد السلطات المالية بكشف خبايا وخلفيات عدد من الروابط بين تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وأجهزة الاستخبارات الجزائرية، خاصة مصلحة الاستعلامات والأمن (DRS)، المسيرة من قبل رئيس العلالي، الجنرال دوكور دارمي، محمد مديين، الملقب بتوفيق. ويبدو أن الجنرال العلالي سيكون مطالبا باستعمال كل أساليبه ومهاراته الإقناعية، وطرقه الخاصة، لعرقلة سير التحقيقات المالية إلى نهايتها، والكشف عن هذا الملف الضخم، بتعاون مع مصالح الأمن الموريتانية. يشار إلى أن الموقع الإخباري "الساحل.أنتليجانس" أفاد أن اعتقال ستة أعضاء من البوليساريو، الخميس الماضي، يكشف تورط هذه الجماعة في الأنشطة الإجرامية والإرهابية في منطقة الساحل. وأوضح كاتب مقال الموقع، استنادا إلى مصادر أمنية مالية شمال البلاد، أن "قوات الأمن المالية تمكنت من اعتقال ستة مهربين دوليين للمخدرات، ينتمون إلى لبوليساريو، في إطار عملية واسعة النطاق، وبتنسيق مع الجارة موريتانيا"، مبرزا أن "زعيم هذه الجماعة، الذي يعرف باسم سلطان ولد بادي، قد يكون على رأس إحدى أكبر ثلاث شبكات لتهريب المخدرات في اتجاه أوروبا، مرورا بمنطقة الساحل". وأكد "الساحل.أنتيلجانس"، نقلا عن مصادر أمنية مالية، أن "ولد بادي انتقل مرات عدة، خلال الشهور الأخيرة، إلى غينيا بيساو، ما يعزز فرضية كونه الوسيط الغامض لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، مشيرا إلى "حضوره، أيضا، خلال اجتماع سري مع بارونات المخدرات في أميركا اللاتينية في جزيرة بالأرخبيل بيجاغوس". وأبرز كاتب المقال أن "سلطان ولد بادي لا يشكل إلا الجزء البارز من جبل الثلج لشبكة تعمل تحت غطاء حركة بوليساريو، المتورطة في الاتجار في المخدرات بمنطقة الساحل، التي تزود تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالمعدات والمؤن، الأمر الذي يقلق، بشكل كبير، القوى الغربية". وكان تقرير صادر عن المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن، نشر، أخيرا، أن البوليساريو توجد حاليا في مرحلة متقدمة من التفكك، تجعلها تشكل تهديدا جديا للاستقرار الإقليمي. ويوضح التقرير، الذي يشير إلى حصول تقارب بين بعض عناصر البوليساريو وجماعات إسلامية إرهابية، أن "انتشار الإيديولوجية السلفية بالمنطقة، المتمثلة في منظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والاستنزاف الناتج عن 30 سنة من صراع عبثي، سهلا اقتراب الشريحة الأكثر شبابا ببوليساريو من الحركات الراديكالية". ويؤكد التقرير أن هذا "التقارب تجسد، للأسف، من خلال اتصالات بين أعضاء من الحركة وإرهابيين من الجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر". ويشير المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن إلى أن "بوليساريو أصبح أحد خزانات التجنيد الرئيسية لمنظمة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مضيفا أن "غياب التعبئة وتأثر شريحة من بوليساريو بالفكر السلفي، يصبان، في الواقع، في مصلحة منظمة مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي لديها حاجة ماسة في تجنيد مقاتلين جدد". ويعزو التقرير علاقة التكامل بين بوليساريو والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الإرهابية، إلى حاجة الأخيرة "لامتدادات محلية، وحاجة هذه الحركة الانفصالية للاستفادة من الدعم المالي والزخم الإيديولوجي، الذي تقدمه الجماعات الإسلامية المتطرفة، ما يسمح لها بإعادة تعبئة قواعدها، التي أنهكتها ثلاثون سنة من الوعود الزائفة". من جهة أخرى، يحذر المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن من انتشار أعمال العصابات والجريمة المنظمة العابرة للحدود كخطر آخر من الانحراف، الذي قد تسلكه البوليساريو، إذ يشير إلى أن "خطرا آخر يرتبط بشكل مباشر بتعثر بوليساريو وإفلاسها الإيديولوجي، ويعززه الفقر المدقع السائد في مخيمات تندوف، والعزوف الشعبي عن الانضمام لهذه الحركة الانفصالية، ساهم في تنامي أعمال الجريمة". ويتابع التقرير أنه، إضافة إلى العوامل الداخلية لبوليساريو، شجع غياب العقاب في منطقة جنوب الصحراء على نمو التهريب بجميع أشكاله (المخدرات، وتهريب البشر، وتحويل المساعدات الإنسانية)، كما ساهم في انتشار الإرهاب بالمنطقة.