قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودام كلينتون، إن الولاياتالمتحدة تعتقد عند هذه المرحلة من عملية السلام في الشرق الأوسط، أن الوقت قد حان للتعامل مع القضايا الجوهرية للنزاع: الحدود والأمن، المستوطنات، اللاجئين والقدس. الوزيرة كلينتون تلقي كلمتها خلال مأدبة عشاء منتدى سابان السنوي السابع، في 10 ديسمبر. وقالت كلينتون إن الجانبين قالا إنهما يريدان أن تواصل الولاياتالمتحدة جهودها الرامية إلى إقامة السلام، بحيث يقوم المفاوضون بدفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الكشف عن مواقفهم حول القضايا الجوهرية دون تأخير وبصورة محدّدة. وأضافت الوزيرة في كلمة ألقتها يوم 10 ديسمبر، خلال مأدبة عشاء منتدى سابان السنوي السابع، وهي حلقة دراسية حول سياسة الشرق الأوسط ترعاها مؤسسة بروكنغز، مركز الأبحاث السياسية القائم في واشنطن: "ليس سِرّاً أن أمام الطرفين طريقاً طويلاً وأنهما لم يتخذا بعد القرارات الصعبة التي يتطلبها السلام. وعلى غرار الكثيرين منكم، آسف لكوننا لم نتقدم أكثر وبصورة أسرع في جهودنا الأخيرة." وشدّدت كلينتون على الموقف الأميركي المعلن منذ أمد طويل وهو أنه لا بديل عن التوصل إلى اتفاقية بين الجانبين. وخاطبت وزيرة الخارجية الأميركية الحضور في ذلك المنتدى بقولها: "الرهانات والمصالح الأساسية كبيرة جداً، والآلام عميقة جداً والقضايا معقدة جداً إلى حد لا يقدر عليه أي نهج آخر". وقال المتحدث الرسمي بإسم وزارة الخارجية، فيليب كرولي، إن كلينتون اجتمعت مع مفاوضَيْ السلام الرئيسيين الإسرائيلي والفلسطيني خلال اليومين السابقين وناقشت معهما مطولاً الطريقة التي تريد حكومة أوباما أن تسير بها محادثات السلام خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. وقد أجرت كلينتون محادثات مع المفاوض الإسرائيلي الرئيسي، يتسحاق مولهو، في 9 كانون الأول/ديسمبر، ومن ثم، وبصورة منفصلة، في 10 ديسمبر، مع المفاوض الفلسطيني الرئيسي، صائب عريقات، ومع تسيبي ليفني، رئيسة حزب كاديما ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة. وشارك رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، المبعوث الخاص لرباعية الشرق الأوسط- التي تضم الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي- في المفاوضات الجارية. واجتمعت كلينتون، قبل منتدى سابان، مع رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ووزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك. وقالت كلينتون إن جورج متشل، المبعوث الخاص الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، سيغادر في 12 ديسمبر إلى الشرق الأوسط لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس؛ وسوف يزور أيضاً عدداً من العواصم العربية والأوروبية. القضايا الجوهرية قالت وزيرة الخارجية إن الولاياتالمتحدة تدخل هذه المرحلة من عملية السلام مع توقعات واضحة بالنسبة للطرفين. وأضافت أن جدّية الطرفين حول التوصل إلى اتفاقية سوف تقاس من خلال انخراطهما في القضايا الجوهرية. وأضافت: "سوف نعمل على تضييق الفجوات، من خلال طرح الأسئلة الصعبة، وتوقع الأجوبة الأساسية عليها. وفي سياق محادثاتنا الخاصة مع الطرفين، سوف نعرض أفكارنا الخاصة ومقترحاتنا التي تسد الفجوات في الوقت المناسب". أولاً، حول الحدود والأمن، الأراضي بين نهر الأردن والبحر المتوسط محدودة، وعلى الجانبين أن يعرفا تماماً الأجزاء التي تعود لكل منهما. يجب أن يتفقا حول خط واحد مرسوم على خريطة يفصل إسرائيل عن فلسطين وحول حصيلة تطبق حلّ الدولتين مع حدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل، والأردن، ومصر". ثانياً، حول اللاجئين، قالت كلينتون إن هذه "القضية الصعبة والعاطفية" يجب أن تجد لها حلاً دائماً يلبي حاجات كل طرف". ثالثاً، حول المستوطنات، إن مصير المستوطنات القائمة قضية يجب التعاطي معها إلى جانب القضايا الأخرى للوضع النهائي. وقالت كلينتون: "موقف الولاياتالمتحدة حول المستوطنات لم يتغير ولن يتغير. وعلى غرار كل الحكومات الأميركية طيلة عقود، اننا لا نقبل بشرعية النشاطات الاستيطانية المتواصلة." وأخيراً، حول القدس، قالت كلينتون إنه لن يكون هناك سلام دون اتفاقية حول المدينة المركزية بالنسبة لليهود والمسلمين والمسيحيين، معترفة بأنها أكثر القضايا حساسية. ولذلك فإن مفاوضات النوايا الحسنة مركزية للتوصل إلى اتفاقية ترضي الجميع حول القدس وتحافظ على وضعيتها. وقالت كلينتون إن القضايا الجوهرية مترابطة، وإن النظر إلى الصورة الإستراتيجية الأوسع يجعل من الأسهل تقدير التسويات التي يجب القيام بها من قِبَل الإسرائيليين والفلسطينيين. وأردفت وزيرة الخارجية في كلمتها بمنتدى سابان قائلة: "في نهاية الأمر، وبصرف النظر عن مدى العمل الذي ستقوم به الولاياتالمتحدة والدول الأخرى في المنطقة لرؤية حل لهذا النزاع، فإن الأطراف نفسها هي وحدها التي ستكون قادرة على تحقيق ذلك. ليس بوسع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي فرض حل." وأعادت كلينتون تأكيد الموقف الأميركي وهو أن الولاياتالمتحدة لن تكون مشاركاً سلبياً، بل سوف تدفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى عرض مواقفهما حول القضايا الجوهرية دون تأخير، وبنية حسنة، ومع وضع النقاط على الحروف.