لا يختلف اثنان على أنها ممثلة مختلفة، تضفي رونقا خاصا على أي عمل تشتغل فيه، استطاعت، في سنوات قليلة، إغناء رصيدها الفني، وفتحت أمامها فضاءات أوسع للاشتغال إنها الفنانة المغربية سعاد العلوي، التي شاركت في مجموعة من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، منها فيلم "شفاه الصمت"، و"محاكمة امرأة"، و"فين ماشي يا موشي" لحسن بنجلون، و"السمفونية المغربية" لكمال كمال، و"ألو بيتزا" لمراد الخودي، إلى جانب مشاركتها في مجموعة من الأفلام التلفزيونية الوطنية، ومجموعة من الأعمال الكوميدية، التي عرضتها القنوات التلفزيونية الوطنية، فضلا عن مشاركتها في عدد من حلقات برنامج "مداولة"، الذي تعرضه القناة الأولى. تتحدث سعاد العلوي، في حوارها مع "المغربية"، عن مسارها الفني، وعن انتظاراتها وطموحاتها الفنية، كما تبوح بأسرار وخبايا المجال الفني، ماذا أخذ منها وماذا أعطاها. ماذا عن جديدك الفني؟ أنا الآن بصدد دراسة مجموعة من المشاريع الفنية، كما أنني أجريت مجموعة من المقابلات مع عدد من المخرجين، و"الله يسهل اللي فيه الخير". ولدي بطولة في مجموعة مسلسلات قيد التحضير، من بينهم مسلسلان من حوالي 120 حلقة. وأعتبر نفسي محظوظة لأنني انطلقت في مجال التمثيل منذ فترة طويلة، ومنذ بدايتي، أخذت البطولة المطلقة في المسلسل المغربي "راضية"، والحمد لله راضية بالمستوى، الذي وصلت إليه، في الأول لم تكن لدي علاقات، لكنني أيقنت بأنني يجب أن أتصل بالمخرجين وأسألهم إن كان لديهم دوري. أيهما تفضلين أكثر السينما أم التلفزيون؟ أعتقد أنهما متلائمان، لأنهما يكتملان في المجال الفني، كما أنني لا أفضل أحدهما عن الآخر. وأي من المجالين يمنح مساحة أكبر للفنان في نظرك؟ الاشتغال على مجموعة من الأعمال الفنية، وتحقيق مساحة أكبر يرتبطان بمدى حضور واستعداد الفنان، وتحركاته ومهاراته وأدائه الجيد، وإيمانه بالنقد والتطور وانخراطه الدؤوب في العمل وتأقلمه مع الأدوار، التي تناط به، سواء في التلفزيون أو في السينما، فتحقيق مساحة أكبر في نظري ترتبط بفترة من الممارسة، التي يعتمد فيها الفنان على حس المهارة والتطلع نحو الأحسن. هل ساهمت أسرتك في تكوين شخصيتك الفنية منذ الطفولة؟ بالعكس، كانت أسرتي الوزانية محافظة جدا، ولم يكن الفن يعني أي شيء بالنسبة إليهم، لذلك لم تنم في تلك الموهبة الدفينة التي كنت أختزنها، إذ كانت لدي مواهب داخلية لم أكتشفها في ذلك الوقت، إذ كان والدي صعبا وكان القمع والخوف يؤثران في نفسي آنذاك، كما عارض إخواني اهتمامي بالفن، لأنه يتطلب الكثير من التنقلات والمتاعب. وما هو موقفهم الآن؟ اعتادت عائلتي على نشاطي الفني، لأنني أثبتت لها أن الفن رسالة تنهل من الالتزام الأخلاقي ومن اهتمامات الفنان، الذي يعبر عن بيئته ومحيطه، ويعيش همومه ومتاعبه اليومية، وهذه الرسالة مهمة جدا. وما هو الدور الذي قدمك للجمهور؟ كان ظهوري الأول من خلال مسرحية عرضت سنة 1984، وكان لدي تخوف لأنها البداية، لكنني غامرت وانسقت لميولي بعشق كبير. هل كان زوجك من شجعك في البداية على شق طريقك في المجال الفني؟ تزوجت منه وأنا ممثلة، وكانت له ميولات فنية في مسرح الطفل، وكان يشجعني. غيرت اسمك من سعاد صابر إلى سعاد العلوي، لماذا كان هذا الاختيار؟ (تضحك) بالفعل، فقد أخذت اسم زوجي المحامي مولاي هشام العلوي، رحمه الله، بسبب الخلط الذي يحدثه لي اسم الممثلة القديرة سعاد صابر، لدرجة أنني سبق أن لعبت دورا في مسرحية ونشرت إحدى الجرائد صورة للفنانة سعاد صابر. وكيف هي علاقتك بالوسط الفني؟ أنا صديقة الجميع، من فنانين وممثلين ومنتجين ومخرجين، كما أنني أعتاد على الناس بسهولة وأثق بهم، لكنني سرعان ما أنخدع، ما يجعلني أتخوف كثيرا، كما أخشى الصدمات، وأقلق كثيرا. فعلاقاتي الآن لا تتجاوز الإطار المهني الضيق، لأتفادى المشاكل وكل ما يسيء إلى صفوها واستمراريتها. ما الذي يضايقك، وهل سبق أن تعرضت لما يؤلمك؟ أكره الخيانة والكذب وأتألم أكثر إذا صدرا عن صديقة. وسبق أن تعرضت لموقف من إحدى صديقاتي وأثر ذلك في نفسي، لأنني أتحرى الصدق وأرفض الانتهازية، وكل العلاقات التي تطبعها الأنانية. معنى ذلك أنك الآن وحيدة؟ لست وحيدة فابنتي تملأ حياتي. كيف هي علاقتك بابنتك أحلام؟ ابنتي هي المتنفس والنقطة المشعة في حياتي، أستنير بها وبمحبتها، لأنها مطيعة ومحبوبة وتستشيرني، وهي صديقتي وسندي... نتناقش ونتحاور معا، وأحاول دائما توجيهها وأحترم كل رغباتها واختياراتها حتى الدراسية. كيف تستطيعين التفرغ لابنتك في ظل ظروف عملك؟ كان الأمر مطروحا عندما كانت ابنتي صغيرة، لذلك اضطررت لرفض مجموعة من الأعمال الفنية، كان لدي مشكل في البداية، حين كانت ابنتي صغيرة، لأوفر لها الرعاية التامة، أما الآن، فقد تجاوزت هذه المشاكل، لأنها في ربيعها السادس عشر، كما تعيش معي أختي الكبرى في بيتي وتعتني بها، حين يتطلب مني عملي الفني التنقل والسفر. إلا أنني أستغل كل وقت فراغ لمرافقتها والسفر معها. هل تغيرت نظرة الجمهور إليك، بعد سنوات من العطاء الفني؟ الجمهور والمتتبعون، من داخل وخارج الحي، أصبحوا ينادونني "مداولة"، ويعبرون عن إعجابهم بأدواري في حلقات هذا البرنامج، الذي يحظى بنسبة كبيرة من المشاهدة، لأنه، في نظرهم، مجال مهم للتحسيس والتوعية، وعلاقتي مع الجمهور بدورها جيدة. ما هي الأدوار التي تميلين إليها أكثر؟ أميل لبعض الأدوار ذات الطابع الاجتماعي، كما أنني أجسد الشخصيات ولا أؤدي شخصية واحدة طلبا في التنوع وتجنبا للنمطية. هل تفكرين في أعمال عربية أو أجنبية إن طرحت عليك؟ لا أمانع في الانفتاح على أعمال فنية عربية أو أجنبية، لكنني أشترط ألا يكون محتواها يسيء إلى سمعتي وكرامتي وسمعة بلدي، مهما كان الحافز المادي. وما هي أهم القضايا التي تثير اهتمامك؟ أنا صديقة الجمعيات، وأعتقد أن هذا العمل مهم جدا ويفيد المجتمع، فهو مرتبط بالمحيط وباليومي، كما لا أتردد في مرافقة الجمعويين في الأعمال الخيرية، التي يقومون بها، وفي كل المبادرات التي تجلب الفرح والسرور لبعض الفئات، كدار العجزة والأطفال المحرومين، ومن طبعي أنني أحب مواساة الآخرين وجلب السرور إليهم. وأعتبر ذلك جزءا من الرسالة التي على الفنان أن يقوم بها تجاه محيطه الاجتماعي. كفنانة، ما هو تقييمك لوضعية المرأة المغربية؟ هناك ثقافة حقوقية عرفها المغرب في السنوات الأخيرة، واستفادت منها المرأة المغربية، إلا أن المسار ما يزال طويلا من أجل العمل على ترسيخها في مجتمعنا، فالمرأة توجد في مواقع القرار وتؤدي مجموعة من الوظائف، التي كانت، منذ عهود، مقتصرة على الرجل، ورغم هذا التحول ما تزال بعض الظواهر تلقي بظلالها على المجتمع وهي في الواقع كارثية مثل العنف الزوجي، فالرجل ما يزال لا يتقبل تفوق المرأة ويعتقد بأنها تزاحمه وتنافسه في العديد من المجالات، بيد أن عقلية الرجل في حاجة للتغيير، وهذه دعوة للمساواة كثقافة وكفلسفة. ماذا عن الصعوبات التي تواجهك في مسارك الفني؟ الصعوبات مقترنة بالحياة، إلا أنني لا آبه بها، وبعبارة أدق أعتقد أننا ودون صعوبات لا يمكن أن نستمر، فهي التي تحفزنا على الاستمرار والنجاح. أنت كثيرة المرح، كيف تستطعين تجميع كل هذا الكم من المقالب المضحكة؟ أستمده من مأساتي لأنني عشت في طفولتي العديد من المآسي والمشاكل، التي لا يمكن تحملها. وحتى الآن، أنا حمالة الأسى، فالضغط الذي ألاقيه أفجره في النكتة والضحك، لكي لا يؤثر في أي شيء، والداي ماتا في سن مبكرة، وأتفقد أحوال عائلتي بحكم أنني تعودت على التضحية.