فاق عدد المشاركين في "المسيرة الرمزية"، التي نظمتها خمس منظمات حقوقية، أمس الأحد بالرباط، توقعات المنظمين.. إذ لم تمنع الأمطار، التي شهدتها العاصمة، آلاف المواطنين من تلبية دعوة المنظمات الحقوقية، للمطالبة بالكشف عما تبقى من ضحايا الاختفاء القسري، وعن أماكن دفنهم، وتحديد هوياتهم، مع تمكين عائلاتهم من تسلم رفاتهم. ورفع المشاركون، من شيوخ وأطفال ونساء من مختلف المناطق، في المسيرة، التي نظمتها 5 هيئات حقوقية، من أجل التنفيذ الكامل لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، المتعلق بملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تحت شعار "من أجل تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة"، شعارات تطالب بنشر اللائحة الاسمية والكاملة لضحايا الاختفاء القسري، وباستكمال جبر الأضرار الفردية والجماعية، والإدماج الاجتماعي، والتأهيل الصحي لضحايا الانتهاكات وذويهم. "أنا زوجة النيهو الهاشمي، المختطف منذ 1977، ولم نعرف عن مصيره أي شيء". هكذا بادرت امرأة بحديثها، تلقائيا مع "المغربية"، مضيفة "أريد أن أتصل بمجموعة من الصحافيين، ليساعدونني على معرفة مصير زوجي، لهذا لجأت إليك، بعد أن عرفت أنك صحفية". وقالت زوجة النيهو إنها قدمت من الخميسات، بعد أن سمعت عن المسيرة، موضحة "لأضم صوتي لعائلة الناس المختطفين، للمطالبة بنشر اللائحة الاسمية والكاملة لضحايا الاختفاء القسري، واستكمال جبر الأضرار الفردية والجماعية والإدماج الاجتماعي والتأهيل الصحي لضحايا الانتهاكات وذويهم". من جهته، اعتبر الحسين المانوزي، أحد أفراد عائلة الحسين المانوزي، المختطف سنة 1972، الذي قدم من بلجيكا للمشاركة، أن "المسيرة يجب أن تتلوها مسيرات عدة، حتى تظهر الحقيقة، وتعلو كلمة الحق". وأضاف المانوزي ل"المغربية" أن "ملف الحسين المانوزي ثقيل، دام 38 سنة، ولابد من كشف الحقيقة عن مصيره، وعدم التماطل في إظهار الحقيقة، وعدم تجزيء الحقيقة، وعدم فصلها عن العدالة". ولم تختلف مطالب باقي العائلات، التي تحدثت ل "ألمغربية"، عن مطالب عائلتي النيهو والمانوزي. وانطلقت المسيرة في العاشرة صباحا، من ساحة باب الأحد، وجابت شوارع محمد الخامس، ومولاي يوسف، والنصر، تحت أمطار غزيرة. ورفع المشاركون، الذين حملوا صورا لأقاربهم المختطفين، العديد من الشعارات، تدعو الدولة إلى الاعتذار الرسمي والعلني، وإقرار سمو القانون الدولي لحقوق الإنسان على القانون الوطني، والتعجيل بالمصادقة والانضمام إلى الاتفاقية الدولية حول الاختفاء القسري، و البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما طالب المشاركون بفتح "حوار عمومي بخصوص تعديل الدستور، بما يضمن حماية دستورية لحقوق الإنسان، وبإصلاح المنظومة الجنائية، وملاءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتجريم الإفلات من العقاب، ووضع سياسة عمومية واضحة بخصوص الحكامة الأمنية، وإصلاح القضاء، بما يضمن استقلاليته ونزاهته وفعاليته، ويصون الحقوق والحريات". ودعا المنظمون للمسيرة إلى فتح الأرشيف والوثائق ذات الصلة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أمام خبراء التاريخ والجامعات والمشتغلين في مجال حقوق الإنسان. ونظمت هذه "المسيرة الرمزية" بمبادرة من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، وجمعية عدالة. وقالت أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن "المسيرة رمزية، للتعبير بصوت جماعي عن أهمية وضرورة تنفيذ وإعمال توصيات الإنصاف والمصالحة، وإطلاق دينامية لهذه التوصية، بانخراطنا في عدد من إعمال التوصيات، ومطالبة المتدخلين من المؤسسة التشريعية والتنفيذية بإطلاق عدد من المسارات المعقدة، ذات صبغة تشريعية مؤسساتية، لإعمال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة". وبخصوص تنسيق هذه المنظمات الحقوقية مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، قالت بوعياش إن "المنظمات الداعية للمسيرة غير حكومية، لها قرارها، وسطرت برنامج عمل، وبالتالي، يمكن أن نلتقي مع المجلس، ويمكن أن نكون مبادرين في إطلاق مواضيع، يمكن أن يلتحق بها المجلس، أو يشتغل عليها معنا". وجاء تنظيم المسيرة، حسب بلاغ للمنظمات المنظمة، بمبادرة من "هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وفي أفق عقد المناظرة الوطنية الثانية، واستحضارا للتضحيات والمجهودات، التي ساهمت في بلورة جميع تلك التوصيات لمختلف المكونات المجتمعية، وعلى رأسها الدولة المغربية، لعدم تكرار ما جرى، علاوة على تأكيد هذه المنظمات على انشغالها الشديد بالتأخر الحاصل في إطلاق مسارات التنفيذ الكامل لتلك التوصيات، خاصة منها المتعلقة بالبعد المؤسساتي والتشريعي".