سلمت، مساء يوم السبت الماضي، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، جوائز الثقافة الأمازيغية لسنة 2009، التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كل سنة، لإعادة الاعتبار للغة والثقافة الأمازيغيتين، والتعريف بالمجهودات المبذولة للرقي بها.وخلال هذا الحفل، المنظم من قبل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في الذكرى التاسعة لخطاب أجدير التاريخي، وذكرى تأسيس هذه المؤسسة، سلمت الجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2009 للباحث الأمازيغي، ورئيس جمعية البحث والتبادل الثقافي، إبراهيم أخياط. وسلمت، أيضا، خلال هذا الحفل، الذي حضرته مجموعة من الشخصيات من مجال الفكر والثقافة، الجائزة الوطنية للفكر والبحث للصافي مومن، والجائزة الوطنية للإبداع الأدبي لكل من فؤاد أزروال، والحسن زهور، والجائزة الوطنية للترجمة لكل من العربي مموش، وعمر أفا، وإبراهيم شرف الدين. كما تسلم الجائزة الوطنية للتربية والتعليم عبد الله أزنتو، والمصطفى عقاد، وإبراهيم بخشين، ونادية كجى، وإدريس يشو، وإبراهيم عزيزي، فيما تسلمت كل من خديجة عزيز، ورشيدة أمرزيك، الجائزة الوطنية للإعلام والاتصال. أما الجائزة الوطنية للفنون صنف الأغنية العصرية تسلمها امبارك والعربي، وفي صنف الأغنية التقليدية لحساين موحاج (بومية)، وفي صنف الرقص الجماعي فرقة احمامن عين الشكاك (صفرو)، وفرقة شباب ماخفامان بجماعة أساكي (تارودانت). وعادت الجائزة الوطنية للفنون في صنف المسرح لفرقة "فوانيس" بورزازات عن مسرحها "بوتارشومين"، وفرقة "البديل المضيء" من الخميسات عن عملها الركحي "أبريد أقورار"، وحاز الجائزة الوطنية للفنون صنف الفيلم الأمازيغي كل من عبد اللطيف أفضيل عن فيلمه "تتفاحت تزواغت" (التفاحة الحمراء)، ومراد خلو عن عمله السينمائي "أييس إينو" (حصاني)، فيما عادت الجائزة الوطنية للمخطوط الأمازيغي لمحمد كنبارك. وخلال ندوة صحفية نظمها المعهد بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة للخطاب الملكي بأجدير، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ذكر أحمد بوكوس، عميد المعهد، أن النهوض بالأمازيغية يستوجب تضافر جهود الجميع، من مؤسسات ومنظمات وأفراد وجماعات، معتبرا أن إدراج الأمازيغية في مختلف السياسات العمومية المغربية، لا سيما في مجال الإعلام والتعليم، يشكل مكسبا مهما للمملكة. وأعرب، في هذا الصدد، عن ارتياحه لتحول الحديث من إدماج الأمازيغية في المشروع المجتمعي الوطني إلى الحديث عن الطرق الإجرائية لتنفيذ الإرادة السياسية، التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2001 في السياسات العمومية. وبخصوص وضعية اللغة الأمازيغية داخل المنظومة التعليمية، أوضح بوكوس، أن نسبة متعلمي هذه اللغة تمثل حاليا 10 في المائة من التلاميذ بسلك التعليم الابتدائي، كما أن عدد الأساتذة وصل إلى1200، والأقسام حوالي أربعة آلاف، فيما بلغ عدد المسجلين في مسالك الدراسات الأمازيغية برسم السنة الجامعية الحالية، أزيد من ألف طالب يتابعون دراستهم بكل من وجدة، وفاس، وأكادير. وبعد أن نوه بتجربة تدريس اللغة والثقافة الأمازيغيتين داخل المدرسة والجامعة، سجل بوكوس بالمقابل أن تعميم تدريس هذه اللغة لم يشمل بعد كامل التراب الوطني، وأن الموارد البشرية ما تزال تعرف عجزا، خصوصا على مستوى المؤطرين والمفتشين. ومن جانب آخر، ذكر بوكوس بأهمية إطلاق القناة الأمازيغية والشراكات، التي تربط المعهد بعدد من المؤسسات والجمعيات، التي تعنى بالنهوض بالثقافة الأمازيغية، وكذا بالمكاسب الحقوقية، التي تحققت للمهتمين بالشأن الأمازيغي، مشيرا إلى أن المغرب أصبح، بالنظر إلى هذه الاعتبارات، يحتل مكانة متقدمة في مصاف البلدان، التي تعرف دينامية كبيرة في مجال التعدد اللغوي والثقافي. وفي هذا السياق، شدد بوكوس على أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية "سيسهم في التصدي لبعض الطروحات، التي تشكك في الإرادة السياسية للمغرب والانخراط المجتمعي في مشروع النهوض بالأمازيغية"، مبرزا أن الخطاب الملكي السامي لأجدير يشكل "السند السياسي والقانوني لسياسة وطنية جديدة تؤسس لمفهوم متقدم للثقافة الوطنية المتعددة الروافد والمنفتحة على العالم المعاصر". تميزت هذه الندوة بتدخلات العديد من الفعاليات المهتمة بالشأن الأمازيغي تمحورت حول إبراز المكاسب التي تحققت في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية، وكذا الإكراهات المطروحة من قبيل تعميم تدريس اللغة الأمازيغية، وإدراج البعد الأمازيغي، في إطار مشروع الجهوية الموسعة، وضعف التحسيس بأهمية الثقافة الأمازيغية في وسائل الإعلام. وفي حفل تسلم الجوائز ذكر محمد المنور، رئيس لجنة الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية، بأهم أهداف المعهد، التي تتمثل في تنفيذ السياسات المعتمدة في هذا المجال، والعمل على إشعاع الثقافة الأمازيغية في الفضاءات الاجتماعية، والثقافية، والإعلامية، وطنيا، وجهويا، ومحليا. وأضاف أن من بين هذه المهام، أيضا، جعل المعهد قطبا مرجعيا، والمساهمة في الحفاظ على الثقافة الأمازيغية، والنهوض بها في جميع تعابيرها، مبرزا أن الجائزة الوطنية تدخل في هذا الإطار. من جهته، اعتبر فؤاد أزروال، الفائز بالجائزة الوطنية للإبداع الأدبي في تصريح للصحافة، أن حصوله على هذه الجائزة أتى تتويجا لأبحاثه، التي تنطلق من "رؤية جادة وحديثة لمفهوم الإبداع الجديد"، بتنويع التقنيات السردية وتجاوز الحكي أو القص التقليدي، مضيفا أن الجائزة دافع لمواصلة اشتغاله على الإبداع الأمازيغي برؤى وأدوات ثقافية وأدبية معاصرة وحديثة. أما الصحافية خديجة عزيز، الفائزة بجائزة الإعلام المكتوب، فاعتبرت من جانبها أن هذه الجائزة تشكل دفعة قوية في اتجاه تشجيع الكتابة الصحفية، مضيفة أنها تأتي، أيضا، في إطار تشجيع الكتابات النسائية المهتمة بهذا المجال وبالإبداع بمفهومه الشامل. تميز حفل تسليم الجوائز ببرمجة مجموعة من الفقرات الموسيقية والغنائية تضمنت لوحات فنية من أداء كورال المعهد، ومجموعة إثران ميمون الرحموني، ومجموعة آيت علي أوسعيد بوضار، وأحواش إيمي نتانوت وإسمخان (تنغير)، ومجموعة كبيري حوسي.