أكد وزير التجهيز والنقل، كريم غلاب، أن اعتماد مدونة السير على الطريق، التي ستدخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر المقبل، يشكل رافعة أساسية لتفعيل مقتضيات الاستراتيجية الوطنية للحد من حوادث السير، اعتبارا لما أضحت تخلفه هذه الآفة من خسائر بشرية ومادية جسيمة. وقال غلاب، في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إن المدونة الجديدة تعد إطارا قانونيا مرجعيا يروم إصلاح الترسانة التشريعية، وتحديث المقتضيات القانونية الكفيلة بمواجهة حرب الطرق، من خلال توضيح حقوق وواجبات مستعملي الطريق وإشاعة ثقافة الاستعمال السليم والمسؤول للفضاء الطرقي. وأشار إلى أن تطبيق مضامينها الأساسية المتمثلة خصوصا في اعتماد رخصة السياقة بالنقط والغرامات التصالحية والجزافية وتأهيل المراقبة الطرقية والوقاية من الرشوة، كفيل بخفض متوسط الخسائر البشرية التي تقدر بعشرة قتلى و140 جريحا بشكل يومي. واعتبر الوزير أن القانون في صيغته الحالية، وبعد مجموع التعديلات التي لحقته أثناء مناقشته على مستوى غرفتي البرلمان، بتشاور مع مختلف المركزيات النقابية والهيئات المهنية وباقي الشركاء، "أضحى قابلا للتطبيق في مناخ إيجابي أثمرته الاستعدادات الجيدة الممهدة لدخوله حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر المقبل"، مؤكدا أن التدابير المتخذة في هذا الصدد، تأتي لتتميم ما أنجز، في إطار المخطط الاستراتيجي الاستعجالي المندمج للسلامة الطرقية. وفي هذا السياق، قال غلاب، إن "التعديلات التي جرى اعتمادها لم تصل إلى مستوى إضعاف المضمون الإصلاحي للقانون، على اعتبار أنه لم يجري التخلي عن الإصلاحات الجذرية في مجال النقل من قبيل مبدأ السائق المهني ونظام الرخصة بالنقط"، كما اعتبر أن "عناوين الإصلاح تساير أبرز مقتضيات قوانين السير المعمول بها في الدول الرائدة في هذا المجال". إجراءات تمهد الطريق أمام تطبيق المدونة في ظروف مواتية وفي حديثه عن الإجراءات المتخذة من طرف الوزارة الوصية بمعية مختلف الشركاء، تمهيدا لدخول مدونة السير حيز التنفيذ، فاتح أكتوبر المقبل، أوضح الوزير أن الإعداد الجيد لهذا الموعد اقتضى إحداث "لجنة قيادة" يقوم بترؤس اجتماعاتها منذ 30 مارس 2010، مشيرا إلى أنها قامت، من خلال عقد 12 اجتماعا حتى الآن، بالمصادقة على برامج العمل المعدة من طرف اللجن المديرية. وأضاف أن وزارة التجهيز والنقل "دخلت غمار إعداد الأرضية اللازمة لتطبيق القانون، منذ صدوره بالجريدة الرسمية، في إطار من التشاور والتنسيق الكامل مع مختلف الشركاء، لاسيما قطاعات العدل والدرك الملكي والأمن الوطني والصحة والتشغيل والمالية والجماعات المحلية". وأكد في هذا الصدد، أن هذه التدابير بلغت نسبة تقدم كبيرة، تتمثل في صياغة 100 في المائة من المساطر الإدارية، التي يناهز عددها 68 مسطرة، وإعداد 100 في المائة من المراسيم والقرارات التطبيقية، وكذا مناقشة تلك التي تتعلق بالمهنيين مع أزيد من 20 هيئة ونقابة خلال شهر يوليوز الماضي. من جهة أخرى، قال غلاب إن المدة التي جرى رصدها لإعداد أرضية تطبيق المدونة كانت "كافية إلى حد كبير"، معتبرا أن المجهود المبذول في هذا السياق سيتواصل بالزخم نفسه بعد دخول المدونة حيز التنفيذ، فاتح أكتوبر المقبل. وخلال تطرقه لفحوى هذه الإجراءات، أشار الوزير إلى أن الشروع في تطبيق برنامج يهم تكوين الأطر والأعوان القائمين على تطبيق مقتضيات القانون، أتاح على سبيل المثال، تأطير180 مكونا تابعين للدرك الملكي على غرار الأمن الوطني، الذين سيعملون بدورهم على تأهيل العناصر المكلفة برصد المخالفات وتحرير المحاضر. من جهة أخرى، سلط غلاب الضوء على المجهود التواصلي، الذي قامت به الوزارة بمعية باقي الشركاء للتحسيس من جهة وتفسير مضامين المدونة من جهة أخرى، وفقا للتوجهات والالتزامات التي جرى تقديمها في 18 فبراير للصحافة والرأي العام، وما جرى الالتزام به أمام البرلمان واتجاه مختلف شركاء الوزارة. وأوضح أنه جرى بث وصلات وبرامج إذاعية على المحطات الإذاعية، حسب نوعية المستمعين إليها، وكذا برنامج تلفزيوني موضوعاتي قصير يعرض على القنوات الوطنية، بغية تفسير مضمون القانون للعموم، فضلا عن وصلات إشهارية يجري عرضها عدة مرات في أوقات الذروة، وطوال الأسبوع. آليات ضمان تطبيق منسجم لمقتضيات المدونة وحرص الوزير على إبراز أهمية الدليل الموحد للمراقبة الطرقية، على اعتبار أنه يشكل آلية أساسية ملائمة تتيح منهجية تطبيق المدونة من طرف القطاعات المعنية بتفعيل مقتضياتها، وبالتالي "إجلاء الغبار عن هوامش الشك وجميع أوجه الالتباس". وقال في هذا الإطار، إنه جرى إعداد هذا الدليل بمراعاة مبادئ وأهداف القانون الرامية إلى حماية كرامة وحقوق المواطنين، والحد من السلطة التقديرية لأعوان المراقبة، عبر استعمال آليات القياس اللازمة، والإدلاء قدر المستطاع بوسائل الإثبات. وأشار إلى أنه سيجري تبسيط هذا الدليل والتواصل بشأنه وتعميمه على جميع مستعملي الطريق، خاصة مهنيي النقل الطرقي، حتى يكونوا على علم تام بواجباتهم وحقوقهم، مضيفا أنه يتوخى بشكل أساسي حماية المواطن، وضمان حقه في تحري مشروعية المساطر المطبقة، أثناء رصد المخالفات. تقوية البنية التحتية الطرقية إجراء محوري لتطبيق المدونة وأبرز غلاب أن مسلسل إعداد البنية التحتية الطرقية قطع أشواطا مهمة، منذ مصادقة البرلمان على قانون المدونة، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه سيجري إتمام مشروع تشييد 1500 كلم من الطرق السيارة في شهر يونيو المقبل. وذكر بأن الوزارة قامت بإنجاز شبكة من الطرق السريعة المفتوحة أمام حركة السير، بطول 446 كلم وبتكلفة مالية تقدر ب 2500 مليون درهم، من قبيل الطريق السريعة وجدة- أحفير- السعيدية، وتطوان - طنجة التي انتهت بها الأشغال في شهر ماي2010 . وأشار إلى أن هناك 247 كلم من الطرق السريعة التي تقدر كلفة إنجازها ب 1625 مليون درهم في طور الإنجاز، و347 كلم بكلفة تناهز 4110 مليون درهم من الطرق السريعة، التي أبرمت اتفاقيات بشأنها أو توجد في طور الإبرام. وأوضح غلاب أنه، فضلا عما تقوم به الوزارة سنويا من أشغال الصيانة والتقوية والتوسيع، جرى إعداد برنامج طموح لتحسين التشوير الأفقي والعمودي على المحاور الطرقية الاستراتيجية، وكذا تأهيل تجهيزات السلامة الموجودة بالشبكة الطرقية المهيكلة على مدى سنتين (2010 -2011 ) بتكلفة 168 مليون درهم. واستعرض في هذا الصدد، على الخصوص، إنجاز 5200 كلم من التشوير الطرقي الأفقي و11 ألفا و600 وحدة من علامات التشوير العمودي، و7100 متر مربع من علامات التشوير القبلي، فضلا عن 200 ألف متر طولي من أجهزة السلامة الطرقية. الالتزام بمختلف التوافقات المهنية المتخذة بمعية الهيئات النقابية وحرص غلاب على الإشارة إلى تفعيل جميع الالتزامات ذات البعد المهني المتعلقة بمدونة السير، والمتخذة بتوافق مع الهيئات النقابية، مشيرا إلى وفاء الوزارة الوصية بمناقشة المراسيم التطبيقية مع مهنيي القطاع. وقال في هذا السياق "خلال شهر يوليوز الأخير استقبلنا جميع النقابات، بغية استعراض المراسيم التي تهم المهنيين، خصوصا ما يتعلق منها بالبطاقة المهنية والمدة القصوى للسياقة". وفي ما يتعلق بالشق الاجتماعي، لا سيما التغطية الصحية والسكن الاجتماعي، أكد الوزير أنه تبعا للاجتماعين المنعقدين تحت رئاسة الوزير الأول، يومي 13 و15 أبريل 2009، تقرر إحداث لجنة تحت رئاسة وزير التشغيل والتكوين المهني للنهوض بالوضع الاجتماعي لشغيلة ومهنيي قطاع النقل، التي عقدت عدة اجتماعات مع الهيئات المهنية لهذا القطاع. وخلص غلاب إلى أن أهم المحطات التي مرت منها مدونة السير عشية دخولها حيز التنفيذ، تبرهن بشكل جلي "على المجهود الحكومي المبذول في هذا الصدد بمعية باقي الشركاء القطاعيين، كما يظهر سعة صدر مهنيي القطاع الذين ساهموا بقسط كبير في بلورة مضامينها"، مؤكدا أنها تشكل إجراء أساسيا كفيلا بالحد من حرب الطرقات. (و م ع)