تواصلت ردود الأحزاب السياسية المغربية، والمنظمات الحقوقية، والقبائل الصحراوية، المنددة بالتصرف الاستفزازي واللامسؤول، من طرف 14 إسبانيا، السبت الماضي، بمدينة العيون، عندما رفعوا أعلام بوليساريو، في تحد سافر لمشاعر المغاربة وسيادة وطنهم. وأدان حزب التجمع الوطني للأحرار "الأعمال اللامسؤولة لبعض السياح الإسبان المعادين للوحدة الترابية بمدينة العيون، التي تعبر عن نوايا مبيتة من بعض الجهات، التي تحاول الإساءة إلى العلاقات الطيبة، التي تجمع بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية". وذكر بلاغ للحزب، أول أمس الأربعاء، أن هذا التصرف استفز الشعور الوطني لكل المغاربة من طنجة إلى الكويرة، "ويدل على مدى اليأس، الذي وصلت إليه شرذمة البوليساريو، بعد الضربات المتتالية، التي تلقتها من المنتظم الدولي، الذي يساند مشروع المغرب المبني على الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية". كما أشاد الحزب بالتصرف "المسؤول المبني على الحكمة، الذي أبانت عنه السلطات المحلية، وهي تتصدى للسلوك الاستفزازي، في الوقت نفسه، الذي قامت بحماية الإسبان من غضب المواطنين الذين استنكروا هذا العمل". من جهته، ندد حزب الحركة الشعبية بشدة ب"تسخير عناصر إسبانية في عمليات إنزال استفزازية بمدينة العيون، وقيامها بتصرفات لامسؤولة، مستغلة انفتاح المغرب وكرم الضيافة ومناخ الحرية، الذي تنعم به كل أقاليم المملكة، من الشمال إلى الجنوب". واعتبرت الحركة الشعبية، في بلاغ، صدر أول أمس الأربعاء، أن هذه "الممارسات الهوجاء ترمي، أساسا، إلى تعكير المسار، الذي عرفته قضية الصحراء المغربية، والذي يتخذ منحى يرسخ مشروعية الحق المغربي، في ظل التأييد الدولي المتزايد للمقترح المغربي القاضي بتخويل الأقاليم الجنوبية حكما موسعا في ظل جهوية موسعة، وأيضا تنامي العودة المكثفة، وعلى دفعات منتظمة، للصحراويين المغاربة الهاربين من جحيم مخيمات تندوف، علاوة على سحب العديد من البلدان لاعترافها بالكيان الانفصالي الوهمي". وعبرت عن اقتناعها بأن هذه "الممارسات المعزولة لأشخاص من جنسية إسبانية لا تخرج عن إطار أجندة كيان الانفصال بدعم استخباراتي جزائري"، وجددت اطمئنانها لطبيعة العلاقات الودية التي تجمع الشعبين المغربي والإسباني الجارين، مؤكدة حرصها على تحصين هذه العلاقات من كل المحاولات الرامية إلى التشويش عليها. ونوهت الحركة الشعبية بتعامل "قوات الأمن المغربية مع هذه الأعمال الاستفزازية بحكمة وروية وضبط للنفس، ما فوت الفرصة على العناصر المستفزة ومن يسخرها في الاستغلال المغلوط لأسطوانة حقوق الإنسان"، مشيدة بالجموع الغفيرة من المواطنين الصحراويين الوحدويين الذين تصدوا لمحاولات الاستفزاز، وعبروا عن تشبثهم بمغربيتهم. من ناحية أخرى، أشادت الحركة الشعبية بالموقف الشجاع والجريء لمصطفى ولد سلمى سيدي مولود، المسؤول الأمني في "البوليساريو"، الذي حل بالمغرب ليعلن تأييده لمقترح الحكم الذاتي، قبل عودته للدفاع عن هذا الطرح في أوساط مخيمات تندوف، داعية إلى أخذ التخوفات التي أعلن عنها ولد سلمى بمأخذ الجد، وتحميل السلطات الجزائرية مسؤولية ضمان سلامته الجسدية وحقه في التعبير عن رأيه بكل حرية وفي منأى عن التهديدات. كما أدانت قبيلة آيت لحسن التصرفات اللامسؤولة للإسبانيين. وعبر شيخ قبيلة آيت لحسن وشيخ تحديد هويتها، عبد الله الصالحي بن إبراهيم، في رسالة وجهها لسفير إسبانية بالرباط باسم أفراد قبيلته، عن "رفض القبيلة لهذه السلوكات، التي أرادت من خلالها هذه المجموعة إثارة الفتنة بالمنطقة"، مبرزا أن هذه الأفعال تتناقض مع المواقف، التي عبرت عنها إسبانيا في أكثر من مناسبة تجاه المغرب، في حق وحدة صحرائه. واعتبر شيخ القبيلة، في رسالته، أن تصرفات أفراد هذه المجموعة "لا تحترم التعاون والتضامن والغايات، التي تسعى لها المملكتان الصديقتان، المغرب وإسبانيا"، مبرزا أن هذه "التصرفات، التي تقف وراءها الجزائر والبوليساريو بعيدة كل البعد عن أيادي الأشراف والنبلاء وأصحاب الرأي والقرار الصائب من مملكتكم الصديقة". وأعرب الصالحي عن أمله في ألا تتكرر مثل هذه التصرفات، التي تخدم "ضغائن دفينة من الجزائر والبوليساريو، اللذين ما انفكا يسخران كل شيء للنيل من وحدة المغرب وطنا وشعبا". وأكد أن أفراد القبيلة سيتصدون لكل جمعية أو مواطن إسباني يطعن في مغربيتهم، داخل المملكة وخارجها. من جهته، اعتبر الناشط الحقوقي، إبراهيم الغزال، أن هذه الأعمال الاستفزازية، تدخل في خانة الأعمال المأجورة، التي تدعمها الجزائر والبوليساريو للتأثير على التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية الصحراء المغربية. وأوضح الغزال، في تصريح للإذاعة الوطنية أن "هذا الحدث يأتي في سياقات مهمة ودقيقة جدا"، وأن هذا "العمل ممنهج" تسعى من خلاله بعض الأطراف للتأثير على الأوراش الكبرى، التي أطلقها المغرب لاستكمال الوحدة الترابية، وما لقيته مبادرة الحكم الذاتي ومشروع الجهوية الموسعة من تجاوب كبيرعلى الصعيدين المحلي والدولي. وقال"نحن هنا في العيون نعلم متى تتحرك جبهة بوليساريو، ومتى تتحرك الجزائر، وهذه أجندة خارجية معادية للمغرب". كما أدانت "شبكة الصحراويين المقيمين بإفريقيا جنوب الصحراء لدعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء" بشدة تصرفات الإسبان المرتزقة ووصفتها بالاستفزازية البخيسة. وذكر بلاغ للشبكة أنها تدين وتندد بشدة التصرفات اللامسؤولة، التي استهدفوا بها استفزاز الحس الوطني لسكان هذه المدينة الوحدوية من خلال رفع شعارات انفصالية. وأضاف البلاغ "في وقت ننتظر استئناف المفاوضات حول قضية الصحراء تحت إشراف الأممالمتحدة، لا يدخر موجهو الانفصاليين أي جهد من أجل الإضرار بمسلسل المفاوضات، الذي أضحى ذا مصداقية وباعثا على الأمل، بفضل مقترح الحكم الذاتي، الذي ترى الأممالمتحدة وبلدان كبرى عديدة أنه بمثابة حل واقعي لهذا النزاع المفتعل". وكانت شبكة الصحراويين تأسست في دكار، بالسينغال، لتعبئة الصحراويين المقيمين بمختلف بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، للدفاع عن المقترح المغربي بمنح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية والتقدم، لدى بلدان الاستقبال، بشهادات تثبت تشبث الصحراويين بهذا المقترح، الذي يشكل السبيل الأكثر مصداقية لإيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.