سجلت تحويلات المواطنين المغاربة القاطنين في الخارج، ارتفاعا بنسبة 11 في المائة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، مسجلة قيمة إجمالية بلغت 2 مليار درهم. غالبية مغاربة الخارج تفضل قضاء عطلة الصيف في بلدهم الأصلي (خاص) وسجلت التحويلات المغاربة المقيمين في إسبانيا أداء جيدا، رغم معدل البطالة المرتفع، وركود التحويلات الواردة من فرنسا، التي تعتبر المصدر الأساسي لهذه التحويلات. وشهدت تحويلات المغاربة في الخارج انخفاضا كبيرا سنة 2009، نتيجة الأزمة، وبشكل أكبر العائدات المحولة من بلدان الاتحاد الأوروبي، حيث يشكل المغاربة أكبر جالية، بعد الجالية التركية. وتقدر نسبة الانخفاض ب 15 في المائة. وتفيد الإحصائيات أن اقتصاديات البلدان التي تستقبل جالية مغربية مهمة من ناحية العدد، خصوصا إسبانيا (750 ألف مغربي)، وإيطاليا (أكثر من 400 ألف)، وفرنسا (800 ألف)، إضافة إلى بلجيكا، وهولندا، على الخصوص، بدأت تنتعش، مع بداية السنة الجارية، لكن الأزمة سادت اليونان ألقت بمخاوف في الأوساط الاقتصادية، لاسيما في إسبانيا، حيث تقطن جالية مغربية مهمة. قبل ثلاث سنوات، سجلت التحويلات مبلغا ناهز 56 مليار درهم، وتشكل البلدان الأوروبية، التي يقطنها حوالي 60 في المائة من مغاربة العالم، المصدر الرئيسي لهذه التحويلات. تفيد المعطيات أن تحويلات المغاربة في فرنساوبلجيكا وهولندا، تشكل وحدها نسبة 50 في المائة من مجموع المبلغ الإجمالي، لكن ظهرت في السنوات الماضية القوة الاقتصادية والاستثمارية، التي أضحى يشكلها المغاربة القاطنون في إيطاليا، حيث يشكل المغاربة أكبر جالية في هذا البلد. سجلت التحويلات نموا متواصلا لم يقل عن 7 في المائة سنويا، منذ سنة 1999، باستثناء سنة 2002، التي كانت ضعيفة جدا في هذا المورد، وتعزى هذه الحصيلة إلى الاهتمام الموجه إلى هذه الفئة من المغاربة، في بلدها الأصلي أو في البلدان المضيفة، الأوروبية والعربية والأميركية. وأضحى هذا المورد عاملا مساهما في تنشيط الاقتصاد الوطني، لاسيما أن الأموال المحولة لم تعد توجه من أجل الاستهلاك أو الادخار، بل للاستثمار، وخلق مشاريع مدرة للدخل، وتنمية الثروات، وتحسين ظروف عيش السكان في البوادي والمناطق النائية، التي يتحدر منها المهاجرون المغاربة. وكانت ندوة نظمت، أخيرا، في الرباط، حول الجالية والأزمة، أبرزت أن أفراد الجالية المغربية هم الأكثر عرضة للبطالة، بالنظر إلى اشتغال عدد كبير منهم في قطاع البناء. كما أضحت هذه الفئة تعاني ممارسات تمييزية على مستوى التوظيف، والتسريح من الشغل. وتوقف متدخلون في هذه الندوة عند السياسات المتبعة في مجال الهجرة، الأكثر تقييدا، التي تبنتها البلدان الأوروبية. ووجهوا أصابع الاتهام إلى القوانين الجديدة حول التجمع العائلي بفرنسا، وقانون الحفاظ على الأمن العام بإيطاليا، والقانون الجديد للهجرة بإسبانيا، وكذا برامج العودة الطوعية، التي اقترحها هذا البلد. وقال إن انعكاسات الأزمة العالمية عززت من قيم التضامن في أوساط الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خاصة في فرنساوإسبانيا وإيطاليا. وبخصوص القطاعات الأكثر تضررا من الأزمة، أوضحوا أن قطاع البناء يعاني أكثر من غيره تداعياتها، إذ وجد العديد من أفراد الجالية أنفسهم في وضعية تسريح من العمل، أو عرضة لتقليص ساعات العمل اليومية، الأمر الذي دفع العديد منهم إلى التفكير في قضاء عطلة غير محددة الأمد بأرض الوطن. وحسب دراسة أنجزها البنك الإفريقي للتنمية، أخيرا، يتميز المغرب بحجم مهم في تحويلات أموال المهاجرين بالعالم، و"يمتلك سياسة نموذجية في استبناك التحويلات". ووصفت القطاع البنكي المغربي ب "السوق الناضجة"، مذكرة بأن البلاد "تتميز عن باقي الدول الأخرى في مجال شركات تحويل الأموال، إذ أنه من أصل 20 بنكا توجد أربعة بنوك مغربية تتقاسم 85 في المائة من حصة سوق المهاجرين. ويبلغ عدد المغاربة في الخارج، وأساسا في بلدان أوروبا الغربية، أكثر من ثلاثة ملايين فرد، يتمركز غالبيتهم في فرنسا، التي كانت أول بلد هاجر إليه المغاربة، منذ الستينيات، وتحتل الجالية المغربية في هذا البلد الأوروبي المكانة الثانية من ناحية العدد، بعد الجالية الجزائرية، في وقت تشكل الجالية المغربية في مقدمة الجاليات من ناحية العدد في بلجيكا، وإسبانيا، في حين تزايدت أعدادها وأهميتها مع توالي العقود في إيطاليا، على الخصوص.