توالي هجوم قطعان الخنازير البرية على الحقول والضيعات الفلاحية، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بضواحي العاصمة الاقتصادية، خلف استياء وتذمرا في نفوس المشتغلين بهذه الأراضي الفلاحية، لازدياد أعداد قطعان الخنازير سنة بعد أخرىوبات الوضع ينغص الحياة على سكان هذه الدواوير، ويهدد نشاطهم الفلاحي، الذي يشكل مورد رزقهم الوحيد. كل أصابع اتهام المتضررين، تشير إلى المشرفين على غابة بوسكورة، التي توجد فيها محمية لتربية الخنازير البرية، لأنهم لا يرعون هذه القطعان، ويتركونها تخرج من الغابة في اتجاه التجمعات السكنية المجاورة لها، التي تزايدت أعدادها في الفترة الأخيرة، نتيجة النمو الديمغرافي، الذي تواجهه العاصمة الاقتصادية وضواحيها. مغامرات مع الحلوف يحكي (محمد. ز)، فلاح وأحد المتضررين من سكان دوار مرشيش، مغامرته اليومية في مواجهة زحف الخنزير إلى الحقول، بحسرة وخيبة أمل، "أصبحنا ننام النهار ونسهر الليل لنحمي محصولنا الزراعي، الذي عانينا الأمرين لمعالجته من الأمراض الموسمية، ولا يعقل أن يذهب هذا المجهود بين ليلة وضحاها، نتيجة هجوم قطعان الخنازير". ارتفاع وثيرة هجمات هذا الحيوان الوحشي، يُرجعه فلاحو هذه المنطقة إلى قلة الكلأ بالغابة، ما يرغم قطعان الخنازير على الخروج للبحث عما يشبعها في الحقول المجاورة للغابة، وتقطع كل ليلة عشرات الكيلومترات في أعداد كبيرة لتعيث فسادا في المحاصيل الزراعية، وتتلف عددا كبيرا من الأشجار، وتأكل ثمارها، وتتلف حقول الذرة. استمرار هذا الاعتداء لثلاث سنوات على التوالي، تسبب في عزوف عدد من الفلاحين عن زراعة أراضيهم في السنوات الأخيرة، لقناعتهم بحتمية تخريبها، يقول مصطفى، فلاح بالمنطقة، الذي بدا مستاء جراء توالي هجمات الخنازير البرية على حقل الذرة القريب من بيته "نعاني الأمرين مع أفواج الخنازير، التي تهاجم محصولنا الزراعي في كل سنة، وتهدد سلامة أطفالنا، الذين أصبحوا يخافون من مهاجمة هذه الخنازير لهم، عند عودتهم من المدرسة في المساء". معاناة السكان مع الخنازير البرية الجائعة لا تتوقف، إذ منهم من أصبح ينام النهار ويسهر الليل لحراسة حقله، الذي ظل لفترة، ليست بالهينة يرعاه، خوفا من أن تفسده هذه الحيوانات الوحشية، يقول مصطفى "ما بقيناش كنشوفو النعاس، نباتو عساسين على حقولنا التي تكلفنا مبالغ باهظة، لحمايتها من قطعان الخنازير التي لا تصلح لشيء"، ويضيف وعلامات الغضب تعلو وجه الترابي "إلى كانوا باغين الحلوف يديرو ليه بلاصتو، أما باش نبقاو حنا نتحاربو معاه را بزاف". قطعان الخنازير لا تتقن، حسب السكان، سوى عمل واحد هو الحفر حول جذور الأشجار المثمرة كالزيتون والتين أو الحقول الزراعية المسقية كالذرة، بحثا عن ديدان لتأكلها، ليتحول منظر الحقل وكأن أصحاب تلك الأراضي حرثوها بواسطة محراث آلي، يقول مجيد الزهاري، من أبناء جماعة أولاد صالح "بالإضافة إلى إتلاف الحقول الزراعية فإن "الحلوف" خلق لنا مشكلا مع جيراننا بسبب حرثه للأرض وإتلافه للحدود، التي تميز أرض كل فلاح"، ويضيف: "ما بقينا كنعرفوا أرض هذا من هذا". ممنوع قتل الخنزير يذكر أن هناك قوانين، في المغرب، تمنع قتل أو صيد هذا الحيوان البري، إلا وفق شروط صارمة، إذ لا يسمح لممتهني القنص إلا بصيد خنزير واحد لكل أربعة قناصين، إلا أن النسبة ارتفعت، أخيراً، إلى خنزير واحد لكل قناص، وفي حال عدم تطبيق هذا القانون تفرض على المخالف غرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف درهم، ما يزيد من استياء المزارعين ويجعلهم عاجزين عن التصرف أمام هذه الحيوانات الهائجة، ويعلق أحد السكان المتضررين: "يا إما حنا.. يا إما الحلوف، بغاو يخليو الحلوف هنا، نقلبو حنا فين نسكنو". وأمام هذا الوضع، قرر سكان الجماعة القروية المجاطية أولاد طالب، توجيه رسالة للجهات العليا، لتخليصهم من معاناتهم مع الخنزير البري، وتأتي هذه الخطوة بعد أن سلكوا كل السبل لإيجاد حل لمشكلهم، إذ سبق لهم أن وجهوا شكاية إلى المندوبية الجهوية للمياه والغابات في الدارالبيضاء، وإلى السلطات المحلية، التي تقول أنها عاجزة عن التدخل لحماية السكان ومورد رزقهم، لأن هذا الموضوع، حسب مصدر تابع لهذه الأخيرة، ليس من اختصاصها، واتصلت "المغربية" بالمندوبية السامية للمياه والغابات في الدارالبيضاء، لأخذ رأيها في الموضوع، لكن هاتف هذه الأخيرة ظل يرن دون مجيب.