فيلم "شقوق" ينتمي إلى نسق لم يؤكد مكانته الإبداعية في الصناعة السينمائية العربية بعد كاميرا متحركة في الشارع توغل في قعر المدينة وعالمها السفلي بتناقضاته وإرهاصاته وتمزقاته وانكسارات ناسه وخيباتهم المدوية كاميرا مشوقة ومتعِبة في آن واحدبعد عرضه بمهرجانات وطنية ودولية، وحصوله على العديد من الجوائز، اختار منتجو فيلم "شقوق" ثاني أفلام المخرج، الشاب هشام عيوش، تاريخ 02 يونيو المقبل، موعدا لعرضه تجاريا بمختلف قاعات مدن الدارالبيضاء، وطنجة، ومراكش. ويثير الشريط، الذي يمنع على الأطفال، الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة مشاهدته، بقوة واقع المهمشين في أزقة وشوارع مدينة طنجة، من خلال رجلان وامرأة يبحثون عن ذواتهم، وهم عبد السلام، الذي يغادر السجن ويجد نفسه مجبرا على بدء حياته من الصفر، وصديقه نور الدين، المهندس المعماري، المدمن على الكحول ورفيقه الوحيد كلبه "بيلا"، وأخيرا مارسيلا، الفنانة التشكيلية غريبة الأطوار. يقول الممثل عبد السلام بونواشة بطل الفيلم، "شقوق" "يحكي عن المهمشين بطنجة.. وهو واقع لا يمكن نكرانه أو تجاهله والتغاضي عنه.. هناك فئات عريضة من المهمشين في مجتمعنا.. الفيلم يسلط الضوء على هذه الشريحة، التي تعتبر في نظر المجتمع خارجة عن القيم الأخلاقية، لتعاطيها الدعارة والمخدرات والخمور والتسكع في الطرقات.. وهي مظاهر مألوفة نشاهدها يوميا في أحياء وشوارع طنجة، وفي عدد من المدن الكبرى بالمغرب". يضيف بونواشة، الذي تقمص دور شخص دخل السجن وهو شاب، وخرج منه في الستين من عمره، ليجد نفسه في قاع المجتمع، بين المهمشين والمشردين، أن الفيلم يحمل رسالة عميقة، موجهة بالخصوص إلى المسؤولين من منتخبين، من أجل الالتفات إلى هذه الشريحة من المواطنين، مشيرا إلى أن عالم المهمشين واقع يجب أن نقبله، ونقر بوجوده، وألا نتخوف من طرح مثل هذه المواضيع، لأنها تدخل في تربية الذات على النقد.. فالنقد الذاتي هو السبيل إلى الإصلاح، والفيلم يفضح جانبا من واقع شريحة في مجتمعنا، ساهمنا في تهميشهما وآن الأوان للالتفات إليهما، والسينما من الوسائل التي تطرح مثل هذه الإشكاليات. وحول الهجمة الشرسة التي تعرض لها الفيلم، يقول بونواشة، "هي ارتسامات ما بين مديح وتجريح، كل حسب رؤيته وفهمه للفيلم، الشيء الوحيد، الذي أطلبه من المشاهد عند مشاهدة فيلم "شقوق" أن يقرأه بعقله وليس بغريزته، لأن الفيلم يطرح إشكالا خطيرا يتعلق بتنامي ظاهرة المهمشين، التي تفرز المنحرفين...أقول للمعاتبين إن السينما فرجة، وإذا لم نقم كسينمائيين بالتطرق إلى مثل هذه المواضيع والتقرب من 50 في المائة من الأميين وعدد كبير من المهمشين، الذين هم في حاجة إلى من يخاطبهم سنكون من المساهمين في تهميشهم". وفي السياق ذاته، وصف بعض النقاد فيلم "شقوق"، الذي حصل على عدة جوائز، منها جائزة أول عمل وأفضل مونتاج وأفضل ثاني أحسن دور رجالي للممثل نور الدين دنول، في مهرجان السينما الوطنية بطنجة، بأنه مغامرة كبرى وتجربة سينمائية جديدة في المغرب، لأسلوب إخراجه المميز، وعدم احتوائه على سيناريو، واستعراضه لطابوهات المجتمع المغربي. يقول الناقد اللبناني نديم حرحورة، الذي شاهد الفيلم خلال عرضه في مهرجان تطوان السينمائي "المهرجان بدا مثقلا بأعمال هابطة، لولا الجمالية الفاقعة والواقعية الحادة التي ميزت فيلم شقوق" لهشام عيوش، الذي تميز بقوة المادة في مقابل بساطة المعالجة، أو ارتباكها"، مضيفا في قراءة نقدية نشرتها جريدة السفير اللبنانية "إن فيلم "شقوق" ينتمي إلى نسق لم يؤكد مكانته الإبداعية في الصناعة السينمائية العربية بعد. كاميرا متحركة في الشارع. مطاردة الشخصيات الثلاث في علاقاتها وهواجسها وضياعها وانزلاقها في متاهة البؤس اليومي والشقاء الحاد. توغل في قعر المدينة المغربية طنجة وعالمها السفلي، بتناقضاته وإرهاصاته وتمزقاته وانكسارات ناسه وخيباتهم المدوية. كاميرا مشوقة ومتعِبة في آن واحد". ومن المتوقع أن يشد هذا الفيلم، الذي أثار جدلا واسعا، خلال عرضه أول مرة، خارج المسابقة الرسمية في مهرجان مراكش الدولي، ضمن فقرة "خفقة قلب"، عددا كبيرا من الجمهور، الذي ينجذب عادة إلى هذا النوع من الأفلام، الذي يخلو من النعومة والرقة ويتطرق إلى "الطابوهات"، بكثير من المشاعر المضطربة والعنيفة التي تعكس قسوة الحياة.