بعد هدنة لم تدم سوى بضعة أسابيع، عاد الصراع القائم بين سكان الأحياء الصفيحية والمنازل الآيلة للسقوط، ليتصدر واجهة الأحداث في الدارالبيضاء، رغم التزام مجلس المدينة بإذابة الخلاف، من خلال عقد جلسات حوار، تضم ممثلي المجلس والسلطات العمومية إلى جانب اللجنة المكلفة بالسكن، والسكان المتضررين.جانب من مظاهرات سابقة لسكان كاريانات سيدي مومن (أرشيف) قررت اللجنة المكلفة بملف الكاريانات بالدارالبيضاء، تصعيد وثيرة الاحتجاج، واتفقت اللجنة، وضمنها مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على تنظيم وقفة احتجاجية ضد أحكام الإفراغ أمام المحكمة الابتدائية بأنفا، قرب ولاية الدارالبيضاء الكبرى، وخوض اعتصام أمام مقر مجلس المدينة، والإضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة، احتجاجا على وضعية السكان، وتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر القناة الثانية، يوم الأحد 16 ماي الجاري، للتنديد بما أسموه "التعتيم الإعلامي" الممارس من قبل إدارة هذه المؤسسة في حق ضحايا ملف السكن. "وعود كاذبة" جاءت هذه الخطوة بعد أن اتضح للجنة متابعة ملف السكن، أن ما وصفوه ب"الوعود الكاذبة"، التي قدمها مسؤولو مجلس المدينة في شخص النائب الأول لرئيس المجلس، لم تغير من الواقع المزري للسكان، رغم البلاغ المشترك والمتفق عليه بين مجلس المدينة ولجنة المتابعة، بحضورممثلي السكان الضحايا، إذ أن البلاغ تضمن استعداد مجلس مدينة الدارالبيضاء، لعقد لقاء موسع يجمع كل ممثلي الولاية والعمالات والشركات المعنية بملف السكن، ومناديب إدارة السكنى والتخطيط والإحصاء ومكتب الدراسات، وتضمن كذلك العمل على إيقاف تطبيق أحكام الإفراغ وتشريد السكان، إلا أنه سرعان ما تبخرت هذه الوعود، واستمر مسلسل الإفراغات بوثيرة أسرع مما كانت عليه. وحاولت "المغربية" أكثر من مرة الاتصال بالنائب الأول لرئيس المجلس لأخذ رأيه في الموضوع، لكن دون جدوى. إلى جانب هذا يعيش سكان مجموعة من الأحياء الصفيحية، ضمنها سكان كريان الكريمات ودوار السكويلة ودوار المعلم عبد الله، أياما مرعبة، بعد أن تسلل إلى علمهم أن السلطات العمومية تنوي هدم عدد من المنازل، التي تعتبرها غير شرعية، وقال حميد.ش، من سكان كريان الكريمات، "إن خبر قدوم السلطات لهدم "البراريك" انتشر وسط السكان منذ الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ومنذ ذلك ونحن في حالة يرثى لها، لأن السلطات عازمة على هدم منازلنا لتسهيل مهمة المنعش العقاري، الذي يريد إكمال الشطر الرابع من مشروعه السكني، دون الأخذ بعين الاعتبار حالتنا الاجتماعية والمادية". وحسب مصدر، فضل عدم ذكر اسمه، فإن السلطات العمومية بدأت تنهج حيلا جديدة في تعاملها مع هذا الملف، إذ تلجأ أثناء خرجتها لهذه "الكريانات" لتنفيذ قرارات الهدم، إلى نشر أخبار زائفة توهم فيها الرأي العام أنها ستهدم منازل صفيحية، في منطقة معينة، مثل دوار الكريمات، لكنها تغير وجهتها في آخر لحظة وتتجه نحو دوار آخر كدوار السكويلة، لكي تتجنب الدخول في صراع مع السكان وممثلي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأوضح سعيد شهاب، المكلف بملف السكن في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن هذه الوقفات، تأتي بعد أن أخلف مسؤولو مجلس المدينة وعودهم، لمواصلة التفاوض حول هذا الملف، وقال "بعد الجلسات التي جمعتنا بمسؤولي مجلس المدينة، لم يف هؤلاء بوعودهم، بمواصلة الحوار وعقد جلسات أخرى، مبررين موقفهم بوجود ضغوطات وتزامن هذا مع الزيارة الملكية لمدينة الدارالبيضاء". ومن المنتظرأن يستفيد سكان دوار الكريمات، من شقق سكنية تصل مساحتها في أحسن الأحوال إلى 48 مترا مربعا، الشيء الذي يرفضه السكان جملة وتفصيلا، مبررين رفضهم، بأن هذه الشقق لن تضمن لهم سكنا لائقا وحياة كريمة، خاصة أنهم كانوا يقطنون ببقع أرضية تتراوح مساحتها بين 200 و300 متر مربع. فاتح ماي وكان سكان "الكريانات" نددوا خلال فاتح ماي الماضي، بقرارات الإفراغ الصادرة في حق العديد منهم، بموجب أحكام قضائية، التي كان آخرها فشل القوات العمومية، في تنفيذ هذا القرار، في حق سيدة تقطن بسيدي مومن القديم، والقاضي بالإفراغ دون أي تعويض، إذ كان اعتصم في اليوم نفسه أزيد من 400 شخص من سكان سيدي مومن القديم، ومجموعة من الأحياء الصفيحية المجاورة من دوار بيطرة، ودوار العربي بن امسيك، ودوار فكيك، وحالوا دون تنفيذ قرارالإفراغ، في خطوة تضامنية مع السيدة، المهددة بالإفراغ في أي لحظة، ويصل عدد "البراريك"، التي اجتثت في حي سيدي مومن لوحده، 82 ألف براكة، في ظرف أربع سنوات، واستفاد أصحابها من منازل في أناسي بالبرنوصي.