لم تمنع وعورة المسالك وصعوبة الجبال والمنعرجات، التي مر منها الرالي النسوي الدولي المغاربي (رالي الجنوب) على مدى ثلاثة أيام، النساء المشاركات من السياقة والتنافس للظفر بنتائج إيجابية خلال جميع مراحل السباق. وينظم هذا الرالي الجمعية المغاربية لسباق السيارات، بتنسيق مع "رالي بول بوزيشن"، تحت الرعاية السامية للأميرة للامريم، وبمساهمة مجموعة من الشركات. متسابقات تتراوح أعمارهن ما بين 24 و56 سنة، يسابقن الرياح ويخترقن الجبال بسيارتهن العجيبة، منها الرباعية الدفع والسيارات الخفيفة، ورغم تعطل سيارات بعضهن، فإنهن يواصلن السير بروح رياضية وعلى أنغام موسيقية. وأوضح بناصر الرحيوي، نائب مدير بالنيابة على الرالي النسوي الدولي، ل"المغربية" أن الرالي شهد خلال الثلاث المراحل الأولى نجاحا وانضباطا من طرف المتسابقات، والتي شملت أولا، مرحلة البيضاء وأزود ومراكش وورزازات وتارودانت والصويرة. وعن الصعوبات التي شهدها السباق، حددها الرخوي، في وعورة المسالك وكثرة المنعرجات الصعبة، مشيرا إلى أنه رغم ذلك استطاعت المتسابقات تجاوز الصعاب والسياقة بحكمة وتأن مع احترام قانون السياقة. على إيقاع الدقة المراكشية وأنغام الأغنية المغربية والغربية، انطلقت المتسابقات في الرالي النسوي الدولي، بدءا من نقطة الانطلاق بمدخل المركز التجاري مرجان كاليفورنيا بالبيضاء، في اتجاه منطقة البروج بضواحي إقليمسطات، حيث أعطيت الانطلاقة الرسمية تحت هتافات المتسابقات. "خمسة"، "أربعة"، "ثلاثة"، "اثنين"، "واحد"، "صفر"، على هذه الأرقام أعطى، المدير التقني للسباق، الانطلاقة، بتسجيل الوقت الذي انطلقت فيه كل متسابق، في حين كلف فريق من المتعاونين بتقديم الماء للمتسابقات مع الحفاظ على ابتسامة عريضة، والإلحاح على أخذ كل متسابقة داخل السيارة ست قارورات من الماء المعدني، وأربع قاروات من المشروب الغازي، دون أن ينسى المتعاونون ترديد كلمة "بون كوراج"، و"إياكم والسرعة"، و"ردوا البال في الفيراجات". كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف صباحا، حين انطلقت سيارات المتسابقات، اللواتي بلغ عددهن 56 متسابقة الواحدة تلو الأخرى، وخلفها كانت تسير سيارة الإسعاف و"الديبناج" بتأن، خوفا من حدوث حادثة ما أو أي عطب تقني في هياكل السيارات. أجمل ما ميز رالي الجنوب في نسخته الرابعة أنه نسائي وشبابي بامتياز، ويحمل في الوقت نفسه طابعا اجتماعيا، إذ اصطحبت المتسابقات شاحنة مملوءة عن آخرها بالمساعدات، التي قدمتها الجمعية المغاربية لسباق السيارات إلى الأسر المعوزة في المناطق النائية بمدينة أزيلال، وبالضبط بشلالات أزود إيموزار، إضافة إلى توزيع ملابس على المحتاجين. وفي هذا السياق، أكدت سعيدة إبراهيمي، رئيسة الجمعية المغاربية لسباق السيارات ل"المغربية"، أنه رغم الصعوبات التي تعترض تنظيم الرالي، والمجهود البدني والفكري الذي يبذل من أجل إنجاحه، فإن الطابع الاجتماعي والإنساني، الذي تسهر الجمعية على الحفاظ عليه، ينسيها كل تلك المشاكل والعراقيل مادام، تضيف، الهدف إنساني وخيري بامتياز. ويشارك في هذا الرالي الدولي حوالي 26 منظما، و56 مشاركة من مختلف أنحاء المغرب العربي والدولي، لكن مشاركة الأجنبيات كانت ضعيفة مقارنة مع السنوات الماضية، إذ أكد الرحيوي أن بركان إيسلندا منع عددا من المتسابقات من أوروبا وأمريكا من المشاركة. وأضاف أن عدد المشاركات الأجنبيات لم يتعد خلال الرالي النسوي الدولي المغاربي في نسخته الرابعة، سوى أربع مشاركات من الجزائر، واثنتين من تونس، ومشاركة من فرنسا. وعبرت المشاركات الجزائريات خلال الرالي عن حبهن للمغرب مرددات عبارة "الله المغرب جميل وطبيعته خلابة"، أما التونسيات فأبدين بدورهن إعجابهن بجمال المغرب مع ترديد كلمة "برشة برشة المغرب جميل وناسوا أجمل"، والشيء نفسه أكدته المشاركة الفرنسية، التي أعجبت كثيرا بالطبخ المغربي. في الطريق إلى مدينة مراكش مرت المتسابقات من عدة دواوير بمنطقة أزيلال، حيث تجسد الفقر وظهر جليا التهميش والعزلة، التي يعيشها سكان تلك الدواوير المهددين في أية لحظة بأن يجرفهم الوادي المحاذي لسد بين الويدان. ففي الوقت الذي كانت تسير فيه سيارات المتسابقات بسرعة وتحدث صوتا مدويا، كان أطفال حفاة وآخرون بثياب ممزقة يلوحون بأيديهم، ويطلبون من المتسابقين الوقوف، كانوا يظنون أنهم سيخلصونهم من الفقر ويفكون عنهم العزلة، لكن كانت كلما مرت السيارة بسرعة تغيرت قسمات وجوه هؤلاء الأطفال الأبرياء، وعادوا أدراجهم علهم يجدون أملا في وفود قادمة من العاصمة الإدارية. استمتعت المتسابقات خلال الرالي بجولات سياحية والوقوف على المناظر الخلابة، التي يزخر بها المغرب، والمآثر التي تشهد على موروث ثقافي وتاريخي زاخر، لكن كانت كلما ولج أحد الزوار المحلات التجارية في كل من مدن مراكش وورززات وتارودانت والصويرة، إلا وسمعت كلمات من قبيل "الحركة واقفة وتعاونوا معانا"، و"هاذ البركان ديال إيسلندا خرج علينا"، و"قلنا بدا يسخن الحال وغادي نترزقوا شويا مع السياح، لكن هاذ البركان خرج من الجنب".