بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس ببرقية تهنئة إلى رئيس جمهورية السنغال عبدو اللاي واد، بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال بلاده. وعبر جلالة الملك في هذه البرقية، عن أحر تهانئه وأصدق متمنياته للرئيس السنغالي بموفور الصحة والسعادة. وقال جلالة الملك "يسرني أن أغتنم هذه المناسبة السعيدة لأنوه بجودة العلاقات العريقة وروابط التعاون التي تشمل كافة المجالات التي تجمع بلدينا الشقيقين"، مؤكدا للرئيس السنغالي عزمه الدائم على مواصلة العمل، بتشاور مع فخامته، من أجل تعزيزها وتنويعها بشكل أكبر، في إطار شراكة قوية وفاعلة، لما فيه رفاه الشعبين ومجموع بلدان القارة الإفريقية. كما أعرب جلالة الملك للرئيس واد، عن ارتياحه "للجهود الموصولة التي ما فتئتم تبذلونها لضمان التطور ورفاه الشعب السنغالي الشقيق، الذي أعبر له عن متمنياتي الحارة بالتقدم والازدهار الدائم، تحت قيادتكم الحكيمة". يذكر أنه جرى، بهذه المناسبة، مساء أول أمس السبت، بالسنغال، تدشين "معملة النهضة الإفريقية"، وهو نصب تذكاري من البرونز يبلغ طوله 50 مترا، مشيد على واحدة من الهضبات البركانية الأربع، غرب مدينة دكار. وتعد هذه المعلمة الأثرية رمزا لقارة إفريقية معاصرة ودينامية تأخذ زمام أمورها بيدها وتطمح إلى غد أفضل. وجرى تدشين هذه المعلمة، في حفل كبير، ترأسه الرئيس السنغالي عبدو اللاي واد، بحضور العديد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، ضمنها وفد مغربي مهم يقوده الوزير الأول، عباس الفاسي. ويتكون الوفد المغربي الرسمي، الذي يحضر أيضا استعراضا عسكريا مخلدا للذكرى الخمسينية لاستقلال السنغال، من كل من رئيسي مجلسي النواب والمستشارين، على التوالي، مصطفى المنصوري ومحمد الشيخ بيد الله، والمفتش العام للقوات المسلحة الملكية الجنرال دو كور دارمي، عبد العزيز بناني. ويعد هذا العمل الضخم، الذي يطل على العاصمة السنغالية، الأول من نوعه بإفريقيا ويرتفع شامخا في السماء، ليتجاوز علوه تمثال الحرية بالولاياتالمتحدة. وكلف إنجاز هذا النصب، الذي شيده صناع سنغاليون وفريق من العمال المؤهلين من مختلف البلدان الإفريقية ومن العالم، رسميا 15 مليار فرنك إفريقي (7 ر249 مليون درهم). وتجسد هذه المعلمة، المشيدة على قمة هضبة، رجلا مهيبا يحمل في يده اليسرى طفلا، وفي يمناه امرأة، ويصوب نظره نحو الغرب بحيث يوجه الطفل سبابته نحو المحيط الأطلسي، بمتعة فنية بالغة، وبحماسة تذكر بالنصب المخلدة للأحداث التاريخية الكبرى في البلدان الغربية. ويزن هذا النصب حوالي 222 ألف طن وتطلب إنجازه ملايين ساعات العمل. وبالنسبة للرئيس السنغالي، فإن مصصم هذا النصب، المهندس المعماري السنغالي، بيير غوديابي اتيبا، يقدم من خلال هذا العمل الضخم رمز إفريقيا، التي تتحرر من كافة أشكال السيطرة والظلامية لولوج عالم جديد من الأنوار. وأوضح الرئيس واد أن صورة الرجل والمرأة وطفلهما في مواجهة الشمس، تعبر عن انفتاح القارة على باقي مناطق العالم. وحسب وزير الشؤون الخارجية السنغالي، ماديك نيانغ فقد حضر حفل التدشين أربعون وفدا أجنبيا، ضمنهم 22 رئيس دولة، ووزيران أولان، وخمسة رؤساء لمجلس الشيوخ، أو للمجالس الاقتصادية والاجتماعية أو الجمعيات الوطنية. وتدفق حشد يضم مئات الآلاف من الأشخاص منذ صباح أول أمس السبت على موقع النصب التذكاري، الذي يؤرخ لفترة بارزة من تاريخ هذا البلد الواقع بغرب إفريقيا. وشكل قص شريط النصب، الذي حظي بشرفه الرئيس النيجيري السابق، أولوسيغون أوباسانغو، إحدى اللحظات القوية للحفل، الذي تزامن مع تقديم فقرات موسيقية إفريقية، وتصفيقات حشود الجماهير. وفي كلمة له بالمناسبة، دعا الرئيس واد الشباب الأفريقي إلى العمل من أجل غد أفضل، تسود فيه الحرية والانعتاق والتقدم، وكذا الدول الإفريقية إلى الاعتماد على نفسها، معربا عن أمله في تحقيق مشروع "الولاياتالمتحدة الإفريقية". وأتيح لرؤساء الدول، الذي حضروا حفل التدشين، معاينة معرض يبرز أهم الوجوه، التي ناضلت من أجل أن تنال البلدان الإفريقية استقلالها. وتميز الحفل الرسمي أيضا بتقديم عروض موسيقية إفريقية ولوحات فنية أداها مئات الشباب مرتدين ألبسة ملونة بالأزرق والأصفر. إن نصب النهضة ليس مجرد تمثال شامخ، بل أيضا مكانا جرى وضع تصور بخصوصه لكي يصبح أحد فضاءات الاستقطاب السياحي الرئيسي بالعاصمة دكار. ويرتقب أن يجري تشييد متحف وفضاءات تجارية ومطاعم، وكذا تهيئة ساحة للعروض بمدرجات، بالإضافة إلى إحداث مساحات خضراء. كما يعتزم مصممو النصب وضع خريطة كبيرة لإفريقيا وشاشة عملاقة لعرض الأفلام السينمائية أو الوثائقية حول هذه المعلمة. وفي أعلى هذه المعلمة البرونزية، سيجري إحداث استوديو للتسجيل خاص بالإذاعات والقنوات التلفزيونية. كما جرى وضع مصعد للوصول إلى المرافق الموجودة في وسط التمثال. وخلال الليل، يجري إشعال أضواء جذابة تمكن من رؤية التمثال على بعد كيلومترات عديدة. وتجعل هذه البنى التحتية من نصب النهضة الإفريقية، الذي يحتل مكانا استراتيجيا على ساحل مدينة دكار، ويمنح رؤية رائعة سواء على المحيط الأطلسي أو على العاصمة السنغالية، قطبا للتنمية السياحية. وعلى غرار نصب الحرية الأميركية، أو برج إيفل بفرنسا، أضحت إفريقيا تتوفر على معلمة كبيرة تمثل رمزها وفخرها. وتميزت المشاركة المغربية في هذه التظاهرة الكبرى، التي حضرها العديد من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة، بمشاركة تجريدة من القوات المسلحة الملكية تضم 160 عنصرا في الاستعراض العسكري الوطني السنغالي، الذي جرى أمس الأحد بدكار. وتجسيدا للعلاقات العريقة الممتازة بين البلدين الصديقين، جرى اختيار المغرب لتمثيل منطقة شمال إفريقيا في الشق الثقافي للاستعراض المدني والعسكري ليوم 4 أبريل، العيد الوطني للسنغال الذي يصادف هذه السنة الذكرى الخمسينية لاستقلال هذا البلد. (و م ع).