قررت الحكومة الجزائرية، أخيرا، مصادرة أملاك عشرات الآلاف من المغاربة، الذين أبعدوا قسرا سنة 1975 من التراب الجزائري، وتفويتها لخزينتها العامةهذا ما يعتبره المراقبون الدوليون والمدافعون عن حقوق الإنسان إمعانا في الإجهاز على حقوق الآخرين، وإصرارا على الاستمرار في تكريس ما أقدمت عليه الجزائر قبل 35 سنة، حين باغتت أعضاء الجالية المغربية المقيمة آنذاك في الأراضي الجزائرية، وهجرتهم قسرا، واستولت على أملاكهم وأمتعتهم. واعتبر بيان، أصدره "مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل"، هذه "الخطوة التعسفية المناقضة لكل مبادئ حقوق الإنسان ولقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والأعراف الوطنية والدولية، والمتنصلة من الالتزامات، التي تفرضها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ومبادئ حسن الجوار والعلاقات الودية بين الدول، تأتي في مرحلة ينتظر فيها الشعبان المغربي والجزائري تدارك الانزلاقات والتشنجات، التي شابت العلاقة بين البلدين منذ استرجاع المغرب لصحرائه، والقطع مع أسلوب الشحن والعداء، ويتطلعان لطي كل مخلفات المرحلة الاستعمارية، والعمل المشترك، بما تمليه اعتبارات الجوار، والقيم الحضارية والإنسانية المتقاسمة". وقال المركز، في البيان، الذي توصلت "المغربية" بنسخة منه، إنه "فتح ملف العلاقات المغربية الجزائرية، وما يشوبه من اختلالات، جراء الإرث الاستعماري ومخلفاته، في أفق معالجتها، في إطار العدالة الانتقالية بين الدول، التي بدأ التأسيس لها منذ ما يزيد عن سنتين، بما يخدم المصالح المشتركة بين الشعبين، الجزائري والمغربي". وأضاف البيان أنها "مقاربة كان يتمنى تفعيلها في جو أقل تشنجا وتوترا من الذي خلقه هذا الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان، المتمثل في مصادرة أملاك هؤلاء المغاربة". واعتبر المركز "مصادرة وتمليك الخزينة الجزائرية لأملاك عشرات الآلاف من المغاربة سيرا في اتجاه يعاكس تحقيق الحق، وجبر ضرر ضحايا الطرد التعسفي، اللاإنساني، من التراب الجزائري"، كما ندد المركز بهذا الإجراء التعسفي، وطالب الحكومة الجزائرية بالتراجع الفوري عنه، معلنا تضامنه اللامشروط مع الضحايا وذويهم، ومؤكدا على متابعة قضيتهم وطنيا وإقليميا ودوليا. وطالب الدولة الجزائرية بالاعتذار الواضح عما اقترفته الحكومة الجزائرية سنة 1975، من طرد لعشرات الآلاف من المغاربة، وما تمخض عن ذلك من مآس إنسانية، خلقت شرخا بين الأسر المغربية. وأعلن مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، في البيان ذاته، التزامه بمتابعة الموضوع في إطار العدالة الانتقالية بين الدول، التي يشتغل عليها.