"حكايتي غير عادية وغريبة نوعا ما، ففي سنّي المبكرة كنت مفتونا دائما بالنجوم وامتداد الكون الفسيح." هذه ذكرى يستحضرها كمال الودغيري. كمال الودغيري باحث في وكالة ناسا الأميركية ولعل الأغرب من افتتان الودغيري بالنجوم والفضاء الخارجي السحيق هو فطنته وروح المبادرة التي دفعته على طريق تحقيق أحلامه والعمل مع إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) ثم مساعدة الأطفال الآن على تحقيق أحلامهم إلى جانب إيجاد الوعي في مجتمعه بالعناصر المشتركة بين الثقافتين المغربية والأميركية. فحكاية الودغيري قصة مغامرة وجرأة لشاب في الثامنة عشرة من عمره يحط به الترحال في لوس أنجلوس من بلده المغرب وهو لا يحمل من مؤهل تعليمي أكثر من دبلوم الدراسة الثانوية. قال الودغيري "لم أكن أتكلم كلمة واحدة بالإنجليزية، ولم أكن أعرف أحدا على الإطلاق. ولم يكن معي من المال إلا ما يكفيني لمدة شهرين بشق النفس. وبدت لي لوس أنجليس بعيدة نائية عن المغرب وفي وقت لم يكن فيه إنترنت في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ولم يكن هناك تلفزيون يبث من الأقمار الصناعية، وكانت تكلفة مكالمة هاتفية إلى عائلتي في المغرب عبر هاتف إيه تي أند تي (AT&T) نحو 5 دولارات للدقيقة. كنت بالفعل على بعد عالم آخر." لكن الودغيري ما لبث أن شق لنفسه دون أن يتخلى أبدا أو يغفل عن أحلامه، طريقا لا عودة فيه إلى بلاده. فهو الآن عالم في مختبر الدفع النفاث التابع لإدارة الطيران والفضاء (ناسا) بالقرب من لوس أنجلوس. وهو لا يسهم بعلمه ومعرفته لبرنامج الفضاء وحسب، بل ويتطوع بوقته أيضا متبرعا بقدراته الخلاقة وحماسته للمنظمات غير الربحية التي أنشأها سعيا وراء تحقيق المهام الحبيبة إلى قلبه. ففي العام 2003 أسس الودغيري منظمة أطلق عليها اسم "بستان الأمل" من أجل تحقيق هدفين اثنين. الأول، أراد أن يزيد إدراك ومعرفة المعلمين الأفريقيين في المدارس بإمكانية الوصول والحصول على مصادر ناسا التعليمية. ويوضح أن "ناسا تنفق ملايين الدولارات على تطوير المواد التعليمية التي تتوفر للمعلمين مجانا. والمدارس في الولاياتالمتحدة وأوروبا تستفيد منها، لكن المعلمين الأفارقة لم يعرفوا كيف يحصلون عليها ويستخدمونها." ومن هذا المنطلق تنظم منظمة بستان الأمل نشاطات مثل أسبوع المغرب للعلوم للعام 2009. وقد تصدر نشاطات هذه الحدث التي استمرت ثلاثة أيام متطوعون برعاية ناسا والجامعات في ورشة عمل أطلعت المعلمين المغاربة وعرّفتهم على كثير من الدروس الابتكارية في العلوم والتي يمكنهم الإفادة منها وتدريسها في فصولهم. وشهد الودغيري الأثر الإيجابي لمثل تلك الدروس على الطلاب وعلى رغبتهم في الاستطلاع وقدرتهم على استكشاف أسرار الفضاء وذلك خلال مشاركة طلاب المدارس المغاربة في نشاطات مختبر تفاعلي نظمه وجهزه بستان الأمل خصيصا لذلك الحدث. يقول الودغيري "أنا لا أستطيع الفصل والتفريق بين العمل الذي نقوم به في ناسا وبين ما يثير حماسة الأطفال في كل أنحاء العالم. ولا بد من رؤية بريق عيونهم وبسماتهم العريضة عندما يتعلق الأمر بالفضاء."