عندما كنا نسفه الأطروحة الانفصالية في الصحراء المغربية، بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي، في المنتديات السياسية الأوروبية والعربية..معتمدين في ذلك انتفاء الفواصل المفرقة، الاجتماعية واللغوية والدينية، بين المنطقة وبقية جهات البلاد، ورسوخ الروابط الموحدة، القبلية والسياسية، ومعتمدين، أيضا، الهزال السكاني، يومئذ، في تلك المنطقة واسعة الأرجاء، باعتباره عاملا إضافيا في تسفيه الأحلام الانفصالية... عندئذ، كان الانفصاليون ينفخون في أرقام السكان، و يصلون بها إلى حوالي ثلاثة أرباع مليون نسمة. وفي الوقت الذي حافظت الأطروحة المغربية، في هذا المجال، على تماسكها ومعقوليتها وواقعيتها، منطلقة من الإحصاء الإسباني، مع التنبيه إلى عدد من نقائصه، ومستندة، كذلك، إلى الأعداد الكبيرة من أبناء الأقاليم الصحراوية المغربية، الذين نزحوا عن تلك الأقاليم، أو وقع تهجيرهم منها، خلال مرحلة الاحتلال الاستعماري. في هذا الوقت، ابتلع الانفصاليون ادعاءاتهم القديمة، واعتنقوا الإحصاء الإسباني، الذي يحصر سكان الصحراء في سبعين ألفا ونيفا، ولا يتضمن أسماء بعض قادتهم. وبعد تقلص مزاعم الانفصاليين في موضوع السكان، بمناسبة معركة الاستفتاء، انتبه هؤلاء إلى أهمية المساعدات الإنسانية، وإلى حيوية مواصلة استدرار العطف الدولي، وما يتصل بذلك من الأرباح المادية، والمكاسب السياسية، والترويج الإعلامي. و أصروا على النفخ في أعداد المحتجزين في مخيمات تندوف، ووصلوا بها إلى ما يفوق 150 ألف نسمة، في وقت يقدرها المراقبون الموضوعيون بما يتراوح بين 40 و50 ألفا، ولا يستبعدون وجود غير الصحراويين ضمن تلك الأعداد. لكن المزاعم الانفصالية لم تعد تنطلي على أحد، بعد أن أصروا على رفض إحصاء محتجزي المخيمات من طرف المفوضية العليا للاجئين، ولم تعد تجدي كثيرا، بعد التحولات الجذرية، التي شهدتها الأقاليم الصحراوية المغربية، منذ عودتها إلى حضن الوطن.