اختتم، أمس الخميس، بمدينة أرمونك شمال نيويورك، الاجتماع الثاني غير الرسمي، بين المغرب والبوليساريو، بحضور وفدي الجزائر وموريتانيا، تحت إشراف كريستوفر روس، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الملكف بملف الصحراء. ولم ترد، إلى حدود منتصف نهار أمس الخميس، أي معلومات بشأن الاتفاق حول موعد بدء الجولة الخامسة من المفاوضات الرسمية بين الطرفين. وكان مارتن نيزيركي، الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أكد، في وقت سابق، أن من السابق لأوانه الحديث عن توقيت المفاوضات الرسمية، أي الجولة الخامسة، معتبرا "اللقاء الثاني غير الرسمي، في حد ذاته، خطوة مهمة، لكنها مازالت بعيدة عن بلوغ الأهداف المتوخاة". وحسب معلومات حصلت عليها "المغربية"، فإن وفد بوليساريو في المفاوضات سافر إلى أرمونك، وهو يحمل قرارا بإعادة النقاش إلى نقطة الصفر، والتشبث بالعودة إلى ورقة الاستفتاء في الصحراء، التي أقبرتها قرارات مجلس الأمن، خاصة القراران 1813 و1871، الصادران، على التوالي، في أبريل 2008، وأبريل 2009، اللذان يدعوان الأطراف المعنية إلى الدخول في مفاوضات جوهرية ومكثفة، من أجل الوصول إلى تسوية سياسية لمشكل الصحراء. وحسب مصادر "المغربية"، فإن وفد البوليساريو تلقى توجيهات، في حال ما إذا وصلت فكرة الاستفتاء إلى الباب المسدود، وبدت غير قابلة للنقاش، بتحوير المحادثات حول مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب، سعيا للالتفاف حول المبادرة المغربية، واحتوائها، وإفراغها من محتواها. من جهته، أصر المغرب على رفض فكرة الاستفتاء، ودعا كلا من بوليساريو والجزائر إلى "التخلي عن موقفهما المعرقل واستراتيجيتهما التحريفية". وجدد الوفد المغربي تنبيهه للمبعوث الأممي والأطراف المشاركة إلى أن "المقاربة القائمة على الاستفتاء ذي الخيارات القصوى غير قابلة للتطبيق، وأنها استبعدت تماما"، مؤكدا أن " اللجوء إلى الاستفتاء يبقى نادرا في الممارسة الأممية، إذ جرت تسوية معظم الحالات من خلال المفاوضات بين الأطراف". كما دافع الوفد المغربي عن مقترح الحكم الذاتي، باعتباره أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه، وهو مقترح حظي بتأييد إقليمي ودولي، ويشكل سابقة سياسية في المنطقة، من خلال تسوية واقعية، وقابلة للتطبيق، من شأنها أن تحقق السلم والاستقرار لبلدان اتحاد المغرب العربي الخمس، وتساعد على تحقيق التقدم والرخاء لسكانه. ويرى المتتبعون لقضية الصحراء أن وفدي الجزائر وبوليساريو شاركا في الاجتماع الثاني غير الرسمي حاملين معهما علبة من العراقيل، كانا يطمحان إلى تفجيرها خلال هذا اللقاء، والمتمثلة في قضايا جانبية، شاركت المخابرات الجزائرية في فبركتها، من قبيل قضية مجموعة التامك، وأمينانتو حيدر، وقصص عن اعتقالات سياسية في الصحراء المغربية. وتتحدث الجزائر وبوليساريو عن "وضعية حقوق الإنسان في الصحراء"، آملة أن تتولى أجهزة الأممالمتحدة تدبير هذا الملف، في الوقت الذي تشن ملشيات بوليساريو حملة اعتقالات واسعة ضد الناشطين الصحراويين في المخيمات، الذين يطالبون الجبهة بالتخلي عن موقفها الراديكالي، ومبارحة مكانها الجامد منذ ما يزيد عن ثلاث عقود. ومازالت مليشيات بوليساريو تحاصر، في هذه الأثناء، أفراد قبيلة الرقيبات العيايشة، المحتجزين بمخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، الذين يتعرضون للقمع منذ ثورة 2006، المدعومة من قبل "خط الشهيد"، الذي طالب، بدوره، بعدم اعتبار بوليساريو الممثل الوحيد للصحراويين في مخيمات تندوف. للإشارة، فإن الوفد المغربي المشارك في لقاء أرمونك ضم كلا من الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات، وماء العينين بن خليهن ماء العينين، الكاتب العام للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية.