طلب الممثل المدني لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان من سكان القرى المدنيين البقاء داخل المنازل حين يشن آلاف من جنود مشاة البحرية الأميركية هجوما كاسحا في منطقة مزدحمة بالسكان، خلال الأيام القليلة المقبلة.وتعتزم قوات الحلف، التي تقودها الولاياتالمتحدة شن واحدة من أكبر هجماتها خلال الحرب الأفغانية المندلعة منذ ثماني سنوات للسيطرة على مرجة، وهي منطقة صحراوية تكثر بها القنوات وحقول الأفيون وتعتبر واحدة من آخر المعاقل الرئيسية لحركة طالبان في إقليم هلمند وهو أكثر الأقاليم الأفغانية اضطرابا. من جهة أخرى، قتل اثنان من جنود حلف شمال الأطلسي (الناتو) أحدهما أميركي في هجومين بأفغانستان. وقالت قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف)، التي يقودها حلف الأطلسي، في بيان، إن الجندي الأميركي قتل في انفجار عبوة ناسفة في الجنوب الأفغاني المضطرب. وأوضح البيان أن جنديا آخر من قوات الحلف قتل في معركة مع مقاتلين يعتقد أنهم من طالبان ولم يكشف عن جنسية الجندي. وفي باريس أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن جنديا فرنسيا قتل في أفغانستان. وقتل الجندي الذي لم يُحدد اسمه في هجوم شنه أشخاص يشتبه في انتمائهم لحركة طالبان واستهدف قافلة تابعة للجيش الأفغاني كان يقوم بحراستها لدى مرورها في واد شمال شرق العاصمة كابل. ولم يتضح ما إذا كان الجندي هو أحد الجنديين القتيلين اللذين أشار إليهما بيان قوات إيساف. في غضون ذلك كثفت قوات التحالف في أفغانستان استعداداتها لشن هجوم واسع على ولاية هلمند معقل حركة طالبان جنوبي البلاد، ومن المقرر أن يشن جنود من البحرية الأميركية والقوات البريطانية هجوما واسعا على بلدات وسط هلمند في عملية تحمل اسم "مشترك" باللغة المحلية أي "معا". وشوهدت قوات تفتش منازل تبعد خمسة كيلومترات عن بلدة مارجا القريبة من لشكر غاه عاصمة الولاية، في حين كان الجيش البريطاني أعلن بدء عمليات بطائرات مروحية لتجهيز ميدان القتال. وقال قائد القوات البريطانية في الولاية جيمس كوان إن توقيت انطلاق العملية لا يزال طي الكتمان، ولم تعلن الفترة التي ستستغرقها القوة المؤلفة من عشرة آلاف جندي حتى الآن لتطهير المنطقة من مقاتلي طالبان. ومع أنباء قرب العملية وتحذيرات السلطات للسكان، بدأت موجات النزوح من مارجا التي يسكنها نحو 80 ألف شخص، حيث غادرها أكثر من مائتي أسرة على موجتين، حسب ما ذكره حاكم ولاية هلمند محمد غولاب مانغال. وقال مانغال إنه جرى نقل العائلات إلى مراكز إيواء، مشيرا إلى استعدادات اتخذتها إدارة الولاية وإلى أنه تم تزويد السلطات المحلية بخيام وطعام. لكن القائد البريطاني قال إن الأعداد المتوقع نزوحها ليست كما توردها الأنباء، بيد أن التحالف يراقبها عن كثب. وكانت الوزارة أعلنت عن مقتل الجنديين بانفجار في ذات الإقليم الجنوبي، ما رفع عدد قتلى الجنود البريطانيين في أفغانستان إلى 255، ذات حصيلة الخسائر البريطانية في حرب الفولكلاند التي اندلعت في أبريل عام 1982، عندما تصدت بريطانيا للاجتياح الأرجنتيني للجزيرة. تزعم الأرجنتين سيادتها على المنطقة التي يحتلها البريطانيون منذ 1833، وتقع على بعد 670 ميلاً من سواحل الدولة اللاتينية. واستعرت مواجهات بحرية وبرية عنيفة لمدة شهرين بين الجانبين، انتهت باستسلام الأرجنتين في 14 يونيو 1982، لتعلن بريطانيا نهايتها رسمياً في 20 يونيو. وبلغ حجم خسائر القوات الأرجنتينية قرابة 650 قتيلاً. ويتوالى ارتفاع الخسائر بين صفوف القوات البريطانية التي تستعد حالياً للمشاركة في عملية عسكرية واسعة ضد مقاتلي طالبان لدحر مقاتلي الحركة المتشددة من آخر معاقلهم الحصينة في هلمند. وأخيراً، كشف تقرير بريطاني أن قوة أميركية- بريطانية مشتركة من قوات المهام الخاصة تسللت إلى بلدة "المرجة" المعقل القوي الوحيد الخاضع تحت سيطرة طالبان في الإقليم الجنوبي، لتصفية قيادات الحركة قبيل تدشين الحملة العسكرية.