بعد مرور شهر على توجيه الشاعر محمد بنيس، الرئيس السابق ومؤسس "بيت الشعر في المغرب"، لرسالة إلى الرئيس الحالي للبيت، الشاعر نجيب خداري بعنوان "الخوف من المعنى"، يطرح فيها العديد من القضايا المتعلقة بهذه المؤسسة وبالتهميش والإقصاء، الذي يطال رئيسها المؤسس، الشاعر محمد بنيسرد "بيت الشعر في المغرب"، أخيرا، على رسالة بنيس بتوجيه رسالة أخرى مضادة تحمل عنوان "في معنى الخوف"، تحمل توقيع هيئة البيت المكونة من: نجيب خداري، ورشيد المومني، وحسن نجمي، وعزيز أزغاي، ومراد القادري، ولطيفة المسكيني، وخالد بلقاسم، ونبيل منصر، ومحمد بوجبيري، ويوسف ناوري، إضافة إلى عبد الرحمان طنكول، الرئيس السابق للبيت، والردادي الشراط. وأوضحت رسالة البيت، أن الرسالة السابقة لبنيس تندرج، في إطار سلسلة من الإشارات الناقمة على الهيئة، كان آخرها تصريحاته إلى الصحافة الجزائرية، وأنها تستند على تصور شخصي في رؤيتها إلى العمل الثقافي، "يبدو ظاهريا محتكما إلى مفاهيم الحداثة، بيد أنه يرتكز، في العمق، على مسبقات موجهة بروح مانوية، تنسب إلى الذات قيم الصداقة والأخوة والتضامن والحرية والأمانة والنبل والكرم، وتقذف بالآخر إلى الجهة المُقابلة، جهة المكيدة والعداء والكذب والتهافت والخضوع والتبعية، وغيرها من النعوت، التي تفضي إلى تخوين لا يختلف، من حيث الآلية الذهنية، عن تكفير مقنع. هكذا تتقدم الذات، في رسالتها، من خلال صورة قديس خانه أتباعه، يرمي بالخطأ جهة خارجٍ مطلق تتبدل وجوهه، ليتكفل في كل مرة بتبرئة دائمة للمستنجِد به". وأضافت الرسالة أن "عقلية الزعيم، التي تحجب انفتاح المعنى، تستأنس بشعور ندم قاهر، كأن الذات نادمة على ما لم تفعله عندما كانت تتحكم في زمام البيت، نادمة لأنها لم تتخلص ممن يزعجها من الأعضاء حتى يتسنى لها أن تتوج "رئيسا أبديا". ولحسن الحظ، هناك جيل شعري جديد لا يؤمن بالرئيس الضرورة، يؤمن فقط بحريته متلفعة برؤية مضيئة للتاريخ والمستقبل. ولعل رؤية بهذه الحمولة الميتافيزيقية الثاوية هي ما يغذي النزوع إلى مناهضة الأجيال الشعرية الجديدة، ويمنع صاحبها من النظر إلى هذه الأجيال خارج منطق الأستاذية والوصاية وتوزيع البركات والهبات. فالخوف الكامن في الرسالة يبطل الدعوى التي تتعلل بها، لأنه، في العمق، خوف، من المستقبل الذي يشرق كلما تحكمت الذات في مساره، وينقلب مظلما كلما استند إلى الاختلاف، وانبنى على الحرية. لذلك لا تخطئ القراءة العادية للرسالة قناع الضحية الذي تلبسه الذات في مشهد، له ادعاء المحو والتشطيب والإعدام لتكتمل تهمة التخوين". وأشارت رسالة "بيت الشعر في المغرب" إلى أن الرسالة السابقة لمحمد بنيس، توهم بأنها تثير نقاشا عاما عن التدبير الثقافي، لكنها، في العمق، تتباكى على مصالح ذاتية، و"تشهر قناع الضحية بما يتطلبه من تهويل تستعيد فيه الأنا صدى النواح والندب وتتلذذ برواية ما تعتبره انتهاكا هو في مقام المأساة". وعن التهميش، الذي تحدث عنه بنيس، وقال أنه يطاله، جاء في رسالة البيت أن جميع أخبار ومعطيات وأنشطة ودعوات هيئة بيت الشعر ترسل إليه بانتظام على عنوانه الالكتروني، وأن مجلة "البيت" احتفت به في عددها المزدوج(11-12)، وأنها تضمنت مقالين كتبا بمحبة كبيرة عنه، إضافة إلى تهنئة ضمها العدد نفسه بمناسبة فوزه بجائزة العويس الثقافية. وذكرت الرسالة برفضه دعوة "بيت الشعر في المغرب" للمشاركة في معرض الكتاب بالدار البيضاء سنة 2008، وتصريحه بمقاطعة كل الأنشطة التي ينظمها البيت. وقالت الرسالة إن بيت الشعر في المغرب "مكان للقاء والنبل والحرية والمحبة، وهو بذلك ملك جماعي لا وصاية لأحد عليه. الانخراط فيه يقتضي التحلي بنكران الذات وبسمو العمل الجماعي، الذي يطرح دوما ضرورة تخليقه، بعيدا عن عقلية الغنائم والمنافع والمشاريع الشخصية. وبما أن هذا العمل ممارسة تاريخية فهو مشرع على النقد.