أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد سيدي بوعبيد بمدينة طنجة.وذكر الخطيب في مستهل خطبة الجمعة بأن من الأوراش المفتوحة في المغرب، هذه الأيام، ورش إعداد الميثاق الوطني للبيئة، انطلاقا من التصور المتكامل، الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مؤكدا أن هذا الورش يهدف إلى صيانة مصالح دنيوية عظيمة. وقال إنه يتعين أن ننظر إلى هذا الورش من زاوية المصلحة الدينية الشرعية، المرتبطة به، لأن المحافظة على البيئة هي من صميم ديننا الحنيف، ولأنها إصلاح في الأرض، التي تعد سكة الإنسان نحو غاية خلقه في مناكبها يعبد ربه، ومسرح خلافته ومستودع حضارته وأعماله ومتحف معارفه وأنها تخدمه، بأمر ربها، بنباتها وحيوانها بحيها وميتها بنورها وظلامها. لذلك، يضيف الخطيب، فإن الإسلام يحث على استغلال نعم الله في الأرض والمحافظة عليها، لاسيما أن الإنسان مستخلف من قبل الله عز وجل في الأرض، وعليه أن يعمرها كما أراد الله لا كما يهوى هو، مشددا على أن فساد البيئة هو النتيجة الحتمية لاتباع الهوى والنكوص عن طريق الحق، الذي جاء به الله عز وجل في قوله تعالى "ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن". وأوضح الخطيب أن خلافة الإنسان في الكون المحيط به تجعله متحملا بأمانة عظيمة، أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال، كما تفرض عليه تحقيق أمر الله في الكون، باتباع هداه وسننه في الخلق، والأمر والحفاظ على ما عهد به، والحذر من الإخلال به سهوا أو تقصيرا، أو عمدا، لأن في ذلك ظلما للنفس، ودليلا على الجهل بحقيقة الأمانة وقدرها. وذكر بأن استشعار المسلم لعظم مسؤوليته عن البيئة يترتب عنه ألا يحتقر أي شيء قد يخل بتوازنها وسلامتها مهما صغر شأنه، مؤكدا أن المسلم الحق لا يقف، في محافظته على البيئة، عند ما هو مرتبط بشخصه وأهله فقط، بل إنه يتطلع أيضا إلى أن يحافظ على الأمن البيئي لجميع المسلمين. وبين الخطيب أن البيئة نوعان، مادية ومعنوية، يتمثل عنوان الأولى في النظافة والحرص على توازن عناصر الطبيعة، فيما يتجلى عنوان الثانية في الطهارة من كل ما يسيء إلى أخلاق الأمة الإسلامية، حاثا المسلم على أن يتعهد هاتين البيئتين معا بالعناية اللازمة، ويستمع لنداء الحق، الذي يحرص على أن تتوافق الأقوال مع الأفعال، ويتطابق المظهر مع المخبر حتى لا يدخل المرء في عداد من توعدهم الله عز وجل بسوء العاقبة. وأكد، في هذا السياق، أن إفساد البيئة وإتلافها محرم شرعا، ويتنافى مع مراد الله تعالى وأنه يستوي في ذلك أن يجري هذا الإتلاف بالاستعمال العبثي للبيئة الذي ليس وراءه منفعة حقيقية للإنسان أو باستنزاف موارد الأرض، الذي يفضي إلى عجز البيئة عن التعويض الذاتي لما يقع إتلافه، سواء جرى ذلك بالاستهلاك المباشر أو التخريب، أو الإسراف في الاستعمال بغير ضرورة، ولأغراض غير الحاجيات الأساسية للنوع البشري. وقال الخطيب إن المحافظة على البيئة تبدأ بمحافظة الإنسان على نظافته ونظافة بيته وحيه ومدينته لأن من يهمل نظافة جسمه لا يستطيع أن يفكر في نظافة أخرى، مبرزا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حرص على توجيه المؤمنين بسنته القولية والفعلية إلى العناية بطهارة ظاهر الإنسان وباطنه، على اعتبار أن طهارة أحدهما لا تغني عن طهارة الآخر. وتضرع الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويكون له وليا ونصيرا، ومعينا وظهيرا، وأن يحفظه في ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما ابتهل إلى العلي القدير بأن يتغمد بواسع رحمته فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما، محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويسكنهما الجنة مع عباده الصالحين.