شهدت شبه الجزيرة الكورية قصفا مدفعيا متبادلا على طرفي الحدود البحرية بين الشطرين الشمالي والجنوبي لم يسفر عن وقوع إصابات، لكنه رفع درجة التوتر بالعلاقات المضطربة بين الطرفين، في إطار الأزمة المستعصية بين الغرب وكوريا الشمالية بسبب ملفها النووي.وذكرت وزارة الدفاع الجنوبية أن المدفعية الساحلية الشمالية أطلقت وبشكل متقطع لأكثر من 1.5 ساعة عددا من قذائفها على الجزء الشمالي من الحدود البحرية المتنازع عليها، فبادلتها المدفعية الجنوبية بطلقات تحذيرية وتوجيه رسائل لاسلكية. كما أصدر القصر الرئاسي في سول توضيحا للحادث أكد فيه أن كلا الطرفين أطلقا قذائفهما في الهواء ولم تقع أي إصابات، مشيرا إلى أن الرئيس دعا لاجتماع عاجل لأعضاء مجلس الأمن القومي وبعض الوزراء لبحث هذه التطورات. وأدان البيان الجنوبي ما أسماها التصرفات الشمالية الاستفزازية، متوعدا بالرد عليها بقوة في حال تكرارها مستقبلا. بيد أن وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) أفادت نقلا عن مصادر عسكرية أن القذائف المدفعية الشمالية سقطت بالقرب من جزيرة بانغنيونغ الخاضعة للسيادة الجنوبية في البحر الأصفر، وأن القوى البحرية المتمركزة بالجزيرة ردت بقذائف فولكان المدفعية التي يصل مداها إلى أربعة كيلومترات. وترك الحادث أثرا سلبيا على تعاملات أسواق الأسهم في البورصة الجنوبية حيث خسرت الكثير من النقاط التي كسبتها قبل أن تعود إلى حالتها الطبيعية، بعد التأكد من عدم تطور الحادث إلى أكثر من تراشق مدفعي محدود. يُشار إلى أن الحدود البحرية الغربية بين الكوريتين كانت مصدرا مستمرا للتوتر منذ قيام الأممالمتحدة بترسيم الحدود استنادا إلى اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب الكورية التي وقعت ما بين 1950-1953، دون توقيع معاهدة سلام مما يبقي الطرفين من الناحية التقنية في حالة حرب. بيد أن كوريا الشمالية لا تزال تعترض على هذا الترسيم وتطالب بإرجاع خط الحدود عدة كيلومترات إلى الجنوب، ما جعل هذه المنطقة البحرية المتنازع عليها مسرحا لثلاثة صدامات وقعت عام 1999 و2002 وآخرها في نوفمبر الماضي عندما وقع اشتباك بين الطرفين أدى إلى إحراق زورق دورية شمالي. ولفتت مصادر جنوبية إلى أن الشماليين فرضوا حظرا لمدة شهرين على حركة الملاحة البحرية بالمنطقة التي وقع فيها الاشتباك، ما أعطى انطباعا باحتمال قيام بيونغ يانغ بإجراء مناورات أو تجارب صاروخية شبيهة بتلك التي وقعت نهاية العام المنصرم. وكان الجيش الشمالي أصدر الشهر الماضي تحذيرا طالب فيه السفن الجنوبية بتجنب منطقة الحدود البحرية، على خلفية قيام مدفعيته البحرية بتدريبات بالذخيرة الحية ردا على ما أسماه "الاستفزازات العسكرية الطائشة". وبلغ التوتر ذروته بين الكوريتين الأحد الماضي، عندما هاجمت القيادة الشمالية وبعنف ما صدر عن الجنوب من تصريحات تحدثت عن نيته القيام بضربات استباقية لإجهاض أي هجوم نووي محتمل من الجار الشمالي الذي وصف في بيان رسمي هذه المواقف بأنها بمثابة "إعلان مفتوح للحرب". وسبق ذلك بأيام تهديدات شمالية ببدء حرب "مقدسة" ردا على تقارير إعلامية جنوبية ذكرت أن سول أعدت خطط طوارئ للتعامل مع احتمالات انهيار النظام الشيوعي في بيونغ يانغ بفعل الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية. في الأثناء، قلل عدد من المراقبين المتابعين للمستجدات بشبه الجزيرة الكورية من خطورة القصف المدفعي بين الجارين مرجحين ألا يتعدى الأمر إطار المناورات السياسية من قبل الشمال لتخفيف الضغط عنه والتمهيد للعودة إلى المحادثات السداسية المرتبطة بملفه النووي بلغة القوة، ولفت اهتمام الولاياتالمتحدة تحديدا إلى خطورة الموقف. واستشهد المراقبون بالمواقف الكورية الشمالية الأخيرة التي دعت واشنطن إلى الحوار المباشر للتوصل إلى معاهدة سلام تحل محل اتفاق الهدنة الموقعة عام 1953، وتطوير العلاقات الثنائية بين الطرفين.