أثناء انجازي لترجمة عن الإمام أبو إبراهيم إسماعيل المزني (رحمة الله عليه) اضطرتني ظروف البحث إلى الاطلاع على بعض كتب الأنساب و السيرنبيل عواد المريني ووجدت أثناء ذلك أن آل البيت عليهم السلام قد سموا الكثير من أبنائهم بأسماء الخلفاء الراشدين ، بداية من الإمام علي رضي الله عنه، الذي كان من بين أولاده الذكور الأربعة عشر من يدعى أبو بكر ( الملقب بمحمد الأصغر) وعمر، وعثمان. وللحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ولدان من أبنائه الثمانية اسمهما أبو بكر وعمر، وأما الحسين رضي الله عنه فقد كان له ولد يدعى أبو بكر استشهد معه في كربلاء (التنبيه والإشراف للمسعودي )، وسمى الحسن بن الحسن بن علي أحد أبنائه أيضا بأبي بكر. وكذلك فعل موسى بن جعفر الكاظم، فقد كان من ضمن أبنائه أبو بكر وعمر وعائشة. وقد كنا الإمام الثامن علي بن موسى الرضى كنى نفسه بأبي بكر( كتاب مقاتل الطالبيين للأصفهاني). ولاحظت أيضا أن العلاقة الطيبة بين آل البيت عليهم السلام وبين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لم تقف عند حد إطلاق الأسماء على الأبناء، بل امتدت إلى علاقة النسب والمصاهرة بينهم، وعلى سبيل المثال، وجدت أن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (ابن أخ معاوية) تزوج من لبابة بنت عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب (المحبر..ص 441، نسب قريش ص 133، عمدة الطالب ..هامش ص 43) كما أن نفيسة بنت زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب..رضي الله عنه..كانت زوجة للوليد بن عبد الملك بن مروان، فتوفيت عنده وكانت أمها لبابة بنت عبد الله بن عباس، رضي الله عنه (طبقات ابن سعد..ج 5 ص 234، عمدة الطالب..في انساب آل أبي طالب ص 70) وكانت رملة بنت علي بن أبي طالب..رضي الله عنه زوجة لمعاوية بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية (الإرشاد للمفيد ص 186، نسب قريش ص 45 ، جمهرة أنساب العرب ص 87). كما تزوجت رملة بنت محمد بن جعفر -الطيار- بن أبي طالب..رضي الله عنه من سليمان بن هشام بن عبد الملك(الأموي) ثم تزوجت..أبا القاسم بن وليد بن عتبة بن أبي سفيان (كتاب المحبر..ص 449) وتزوج أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه من أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر (الطيار) بن أبي طالب شقيق علي رضي الله عنهما (المعارف للدنيوري ص 86) وكانت فاطمة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما متزوجة من محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان رضي الله عنه ( مقاتل الطالبيين للأصفهاني 202 ، ناسخ التواريخ 6/ 534 ، نسب قريش 4/ 114، المعارف 93 ) كما كانت أم القاسم بنت الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما متزوجة من مروان بن إبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد ولدت له محمد بن مروان ( نسب قريش 2/ 53 ، جمهرة انساب العرب 1/ 85 ،المحبر للبغدادي 438) وأيضا زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما كانت متزوجة من الوليد بن عبد الملك بن مروان (نسب قريش 52، جمهرة أنساب العرب 108) كانت هذه محاولة لإبراز علاقة النسب والمصاهرة بين آل البيت وبين الصحابة في كل جيل على الأقل مع الاختصار وإلا فالعلاقة بينهم في كتب الأنساب والسيرة أكثر من أن تحصي، وهنا يجب القول بما إننا ننادي بالكف عن نبش الماضي وإثارة الأحقاد والأحزان، فإننا أيضا نستنكر ونشجب كل من يحاول إثارة العداوة والبغضاء بين السنة والشيعة ونرى أن آراء وتصريحات الشيخ محمد العريفي، عن الطائفة الشيعية وعن المرجع الديني الكبير آية الله علي السيستاني تشدداً غير مقبول لا يخدم الأجواء الإيجابية التي خلقتها الآراء المعتدلة و الجهود المبذولة لتعزيز الانسجام القائم بين السنة والشيعة. ومما هو معلوم لكل ذي عقل وحكمة أن التعايش السلمي بين طوائف الأمة أصبح ضرورة شرعية أكثر من ذي قبل، حيث الأخطار تحيط بالأمة من كل حد وصوب، وقد اثبت التاريخ أن الخطاب الديني المتشنج يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، ولذا وجب عدم إعطاء الفرصة للنيل من وحدة المسلمين، وعدم إشغال أبناء خير أمة أخرجت للناس في النزاعات والمهاترات، التي لا خير فيها وليكن شعارنا جميعاً " وعند الله تجتمع الخصوم " و" تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ". فإذا كان آل البيت عليهم السلام والصحابة الكرام عليهم رضوان الله أحباب، فلماذا نحن نكون أعداء! باحث وكاتب - الولايات المتحدة