أبرز مهتمون بالشأن التربوي ممن فاتحناهم في موضوع يتناول حضور النشيد الوطني في المؤسسات التعليمية، أن ما يسجل للاستراتيجية الجديدة لوزارة التربية الوطنية أنها نجحت في جعل مؤسساتنا التعليمية تعيش كل صباح على إيقاع النشيد الوطني.المدرسة المغربية فضاء للتربية على المواطنة الصادقة وحب الوطن وأكد محدثونا ممن استقت "المغربية" آراءهم أن هذه المقاربة "كان لها الأثر الإيجابي في ترسيخ قيم المواطنة في نفوس الناشئة بعدما فقدت المدرسة المغربية في سنوات مضت روح المقومات الوطنية، بحيث لم يكن للنشيد الوطني موقع واضح، في المناهج الدراسية المعمول بها في كل مدرسة". من جانبه، يرى سعيد لطفي، أستاذ مبرز، أن هذا الإهمال "كان له أثر سلبي على المعرفة الشخصية للتلميذ برمزية النشيد، وهذا ما جعلنا أمام العديد من التلاميذ في سن الشباب واليفاعة لا يستطيعون قراءة النشيد عن ظهر قلب دون أدنى خطأ"، الشيء الذي يحتم، يقول محدثنا، من أجل أن يكون هذا التوجه القويم يتوفر على عمق الانتماء وحمولة الارتباط، "أن تصاحبه فقرات دراسية لشرح مغزى الكلمات ومعاني الجمل، كما على المؤسسة التعليمية أن تكرس في عقلية المتعلم قدسية خاصة للعلم الوطني بألوانه الأساسية، مع إبراز المعاني والدلالات التي تطوقها". واعتبر خالد فرحاني، أستاذ باحث في علوم التربية، أن السلوك هو "غذاء روحي لترسيخ قيم المواطنة الصادقة في حياة النشء من أجل أن تعود المدرسة إلى سابق عهدها بمقاومة كل أنماط السلوكات التي تسيء للتلميذ كمواطن وللمدرسة في ظل وطن"، وأكد فرحاني، في سياق آخر أن تجربة الزي الموحد "تشكل هي الأخرى محطة حاسمة لخلق أجواء الانضباط واحترام المدرسة"، وتساءل محدثنا، لماذا يجري التعامل مع الزي "بنوع من المقاربة التجزيئية، بحيث أن تشتيت هذا المطلب وجعله غير إلزامي، جعل اللباس المدرسي الموحد، شكليا وغير ذي أهمية". وسجلت إلهام التاقي، أستاذة، وفاعلة جمعوية، بإيجابية الأسلوب الجديد الممنهج في المجال الصحي داخل فضاء المؤسسة التعليمية حاليا، حيث يجري "مراقبة شاملة لشعر وأظافر التلاميذ وحثهم على الاستحمام وقص الأظافر وتنظيف الشعر، والمقصود من هذا التوجه الجديد هو غرس تربة خصبة ثقافيا واجتماعيا وقيميا، وهذا ما سيرد للمدرسة عنفوانها ويعيد الاعتبار إلى وظيفتها التربوية والمؤسساتية"، هذه الفورة، تقول إلهام، "لا ترتبط فقط بقيمة المقررات والمراجع، إنما بسلوكات التلميذ وهندامه وأسلوب حواره مع زملائه وأساتذته، الذين هم في حاجة ماسة بدورهم إلى تحسين وضعهم الاجتماعي لعدم الإحساس بأدنى نقط ضعف، ليكونوا ميدانيا ونفسيا في كامل الاستعداد للعطاء المثمر والمنتج للكفاءات، كما هم في حاجة إلى تكوين بيداغوجي جديد يعتمد على مناهج ذات جودة في الكفايات لتسهيل مأموريتهم في سبر عقول التلاميذ". وشدد محمد إحسان، إطار تربوي، على ضرورة عدم إغفال الإدارة التربوية التي تعد حلقة وصل حاسمة لخلق تفاعل ما بين مكونات الحياة المدرسية، فالإدارة التربوية حسب محدثنا، هي الأخرى "تحتاج إلى إعادة تكوين يراعي التطور والتحول العقلاني لتلاميذ اليوم، باعتبار أن أزمة المدرسة ليست منهجية، إنما هي نتيجة غياب روح مؤسسية، نبضها تعاقد بيداغوجي أخلاقي يرفع العمل التشاركي إلى أسمى الدرجات قصد إنتاج قيم خلاقة ومبدعة، وهو الشيء الذي يحتاج إلى إحداث رجة سيكولوجية هادفة إلى خلق الاختلاف وتسطير التميز". وبغية الانتصار لهذا النمط السلوكي الجديد في المدرسة، ومن ثمة في المجتمع، فإن تسريع وتيرة الخطة الاستعجالية، التي بإمكانها الوصول إلى وضع مشروع إصلاحي واقعي ينخرط فيه الجميع ككل، لكون التعليم هو القطاع الذي يعكس الواقع الحضاري للأمم، في جميع توجهاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إذ لا تنمية دون تعليم منتج ونافع، والوعي بهذا يتطلب تعبئة متجددة لكل الشركاء والمتدخلين بغية النهوض بقطاع التربية والتعليم والتكوين، من خلال تجديد روح مدرسة تتجاوز الفشل وتكون مدرسة للنجاح، يراد منها أن تنسلخ عن الواقع المعاش، وتتجدد ممارساتها شكلا ومضمونا على نحو يؤهلها لأن تكون موضع اهتمام وتقدير، وعاملا من عوامل التنمية والتطور.