كشفت يومية "الأخبار"، من مصادرها بوزارة التجهيز والنقل، أن الوزير عبد القادر اعمارة، أطلق، مؤخرا، طلبات عروض تخص الحصول على رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري أو تجديدها بالعديد من الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا خلال فصل الصيف، وذلك مقابل إتاوات لا تتجاوز في بعض الأحيان مبلغ 4 دراهم للمتر المربع. وأوضح المصدر ذاته أن عدد الرخص المسلمة من طرف الوزارة، يبلغ حاليا حوالي 900 رخصة، أزيد من 50 في المائة منها عبارة عن رخص استغلال محلات الاصطياف بكل من شاطئ بوزنيقة بإقليم بنسليمان، وشاطئ "كيفيل" بمنتجع الهرهورة بضواحي الرباط، وشاطئ "الأميرات" بطنجة، بالإضافة إلى رخص استغلال الملك العمومي البحري لإنجاز مشاريع استثمارية سياحية، ورخص استغلال الشواطئ التي تعتبر رخصا موسمية خاصة بفترة الاصطياف الممتدة من 15 يونيو إلى 15 شتنبر من كل سنة. واستند اعمارة على قرار أصدره وزير التجهيز والنقل السابق، عزيز رباح، يتعلق بتحديد الإتاوة المستحقة عن الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، ومنها الملك العمومي البحري، ينص على تفويت قطع أرضية ببعض الشواطئ بمبلغ لا يتجاوز 4 دراهم للمتر الواحد. والمثير في هذا القرار أنه جاء لتكريس "ريع" احتلال الملك العمومي بالشواطئ المغربية، رغم التوصيات والملاحظات التي أبداها المجلس الأعلى للحسابات حول هذا الموضوع. وحسب الجدول المرفق بالقرار الذي يحمل توقيع رباح، حدد ثمن تفويت احتلال محلات الاصطياف بالشواطئ كثيرة الإقبال بمختلف المدن المغربية بثمن 64 درهما للمتر المربع، وبالنسبة لباقي الشواطئ بثمن 40 درهما للمتر المربع، وبالنسبة للمركبات السياحية والاستجمامية، حدد الرباح ثمن تفويت المركبات بشاطئ عين الذياب بثمن 15 درهما للمتر المربع، وبالشواطئ كثيرة الإقبال بثمن 8 دراهم للمتر المربع، وباقي الشواطئ بثمن 4 دراهم للمتر المربع، وبالنسبة للمنشآت التجارية، حدد الرباح ثمن تفويت محلات بيع المثلجات والمأكولات الخفيفة بثمن 26 درهما ومحلات كراء المعدات الرياضة البحرية بثمن 8 دراهم، ومحلات الخيام بثمن 4 دراهم، والرشاشات العمومية بثمن 4 دراهم للمتر المربع، ومنح الرباح امتيازا للمنظمات النقابية والثقافية والاجتماعية، حيث تستفيد من تخفيض 50 في المائة من الإتاوة المطبقة على الخواص، كما منح الرباح الامتياز ذاته لأصحاب المشاريع التي تكتسي أهمية خاصة، من حيث خلقها لفرص الشغل، أو محاربة التلوث، أو نقل تكنولوجية حديثة، أن تستفيد من تخفيض في الإتاوة المطبقة على احتلالها المؤقت للملك العمومي بنسبة لا تتعدى 50 في المائة. هذا، وتجاهل الوزير توصيات المجلس الأعلى للحسابات، الذي سجل من خلال دراسة جدول الإتاوات المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، أن أسعار هذه الإتاوات زهيدة، فضلا عن عدم احترام المقتضيات المنظمة للاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، وعدم تسديد الإتاوات المستحقة، وأكد التقرير أن العديد من الأشخاص يستفيدون من رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري لكنهم لا يسددون الإتاوات المستحقة في ذمتهم، ومع ذلك لا تلجأ مصالح وزارة التجهيز والنقل إلى سحب هذه الرخص تطبيقا للمادة 6 من ظهير 30 نونبر 1918 المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي. وأشار تقرير المجلس إلى أنه خلافا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل وبنود قرارات الترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، لوحظ أن بعض المستفيدين يقومون بتفويت حقوق الانتفاع المرتبطة بالملك العمومي الذي يحتلونه (فيلات ومساكن مختلفة) والتنازل للمشترين على رخصة الاحتلال المؤقت في غياب تام لمصالح الوزارة الوصية والتي عوض أن تسحب هذه الرخصة تقوم بتحويلها في اسم المستفيدين الجدد. وتبين للمجلس الأعلى للحسابات من خلال دراسة أزيد من ثلاثين ملفا للتحويل وعقود البيع المتعلقة بها أن ثمن التفويت وصل في بعض الحالات إلى مبالغ مرتفعة، كما لوحظ أن نفس القطعة الأرضية المندرجة ضمن الملك العمومي البحري يتم تحويلها عدة مرات عن طريق البيع الأمر الذي يشجع على المضاربة، كما سجل التقرير أن العديد من المستفيدين من رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي يتجاوزون المساحات المرخص لهم بها، وتبين من خلال مراقبة تلك الرخص أن المساحات المحتلة بشكل غير شرعي قد تتضاعف ب128 مرة مقارنة مع المساحة المرخص بها في قرار الاحتلال. وأكد التقرير أن المستفيدين من قرارات الاحتلال المؤقت لا يحترمون المقتضيات القانونية بشكل صارم، مما تسبب في استغلال مفرط لهذا الملك وساهم في تدهور حالته العامة، حيث أن غالبية المستفيدين من رخص استغلال الملك العمومي البحري لا يتقيدون بشرط استعمال مواد خفيفة في البناء على أراضي هذا الملك، فالعديد من محلات الاصطياف المشيدة على الملك العمومي تحولت إلى فيلات فاخرة ومحلات تجارية يتم بيعها بغير وجه حق، بأثمنة مرتفعة، ما جعل بعض المستفيدين يتحولون إلى منعشين عقاريين يشيدون فيلات ومساكن على الشواطئ ثم يبيعونها، وأمام هذا الوضع، أكد التقرير أن الوزارة الوصية، تجد نفسها عاجزة على فرض احترام الشروط الواردة في قرارات الترخيص بالاحتلال المؤقت ودفاتر التحملات المتعلقة بها.