قرر آباء وأوليات تلاميذ مركزية مجموعة مدارس "الدشيشة"، الواقعة بالمجال الترابي لجماعة تغرامت (إقليم الفحص أنجرة)، منع أبنائهم من الالتحاق بأقسامهم الدراسية، احتجاجا على انعدام المرافق الصحية بالمؤسسة، وعدم تفاعل المسؤولين مع مراسلاتهم المتكررة بخصوص "الوضع الكارثي"، الذي أصبح يهدد سلامة أبنائهم الصحية والنفسية، ويساهم في انقطاعهم عن الدراسة، خصوصا في صفوف الفتيات. واضطر الآباء لاتخاذ هذه الخطوة الاحتجاجية المفتوحة، بعد تنصل الجهات المعنية من التزاماتها التي قطعتها مع الآباء عند نهاية السنة الماضية، حين تعهدت ببناء المرافق الصحية وإيجاد حل جذري لكل المشاكل البنيوية والتربوية مع بداية السنة الدراسية الجديدة، إلا أنها لم تحرك ساكنا، وهو ما اعتبره السكان استهتارا بأبنائهم الذين يواجهون صعوبات في متابعة دراستهم وسط ظروف تحتم عليهم اللجوء إلى حواشي الأقسام والغابات المجاورة لقضاء حاجاتهم. وذكر عدد من الآباء والأمهات ، أنهم ضاقوا ذرعا ولم يجدوا تفسيرا لانعدام المرافق الصحية بمدرسة مركزية تقع بتراب إحدى الجماعات الغنية بالإقليم، ولا تبعد عن ميناء "طنجة المتوسط" إلا بحوالي 6 كيلومترات، مؤكدين أنهم يفضلون عدم التحاق أبنائهم بالدراسة على أن يجبروا على التبرز أو التبول في "مرحاض" مفتوح في الهواء الطلق أو أن تتحول ملابسهم إلى "كابنات" بديلة، مبرزين أن غياب المرافق الصحية بالمؤسسة مشكل مطروح ليس فقط أمام التلاميذ، بل كذلك أمام الأستاذات، اللائي يتعرضن للتحرش والاعتداء وهن بصدد قضاء حاجتهن في العراء. وقال أحدهم ، إن "مدرسة "الدشيشة"، ومنذ إحداثها في 1982، ما زالت تتخبط وسط عدة مشاكل ومعوقات تحول دون تحقيق مردودية التمدرس المرجوة، إذ بالإضافة إلى انعدام المرافق الصحية، نجد أن وضعية الحجرات الدراسية لا تتلاءم مع مناخ المنطقة، حيث يضطر المدرسون في كثير من الأحيان لاستعمال وسائل شخصية لوقاية أنفسهم وتلامذتهم من شدة الأمطار وخطر التيارات الهوائية التي تخرق الحجرات الدراسية، رغم أن هذه المنطقة عرفت خلال السنوات الأخيرة إقلاعا اقتصاديا مهما بسبب المشاريع الضخمة الموازاة مع إحداث المركب المينائي "طنجة المتوسط". من جهة أخرى، ذكر فاعلون تربويون بالإقليم، أن أوضاع التعليم بنيابة فحص أنجرة مازالت بعيدة كل البعد عن واقع الخطابات الرسمية، لأن المشاكل الحقيقية لا تكمن في تسييج المؤسسات أو صباغتها، بل هناك إكراهات جد عميقة لها علاقة بجغرافية الإقليم وبعد المراكز السكنية عن الوحدات المدرسية، بالإضافة إلى قلة وسائل النقل التي تلزم المدرسين على قطع الكيلومترات مشيا في فصل الشتاء وأثناء الأيام الممطرة للوصول إلى مقر عملهم، ناهيك عن افتقار كل المدارس إلى سكن وظيفي يضمن الاستقرار وتأدية الواجب في ظروف ملائمة. وتحدثت المصادر نفسها عن استمرار ظاهرة الأقسام المشتركة أو الأقسام المتعددة المستويات، موضحين أن هذه العملية الترقيعية تطبق بالإقليم بطريقة أكثر فظاعة، وذلك نتيجة حتمية للخصاص المهول في الموارد البشرية وشح التعيينات الجديدة، مشددين على ضرورة إعادة النظر في تعيين النساء بالمناطق الجبلية الوعرة والمهمشة، بعد أن أصبحن عرضة لجرائم التحرش والاعتداء، نتيجة إقامتهن بسكنيات غالبا ما توجد بعيدة عن أي تجمع سكني يحقق الحد الأدنى المطلوب من الأمن والاطمئنان، أو بعدهن عن الوحدات المدرسية ولجوئهن إلى النقل السري الذي يشكل خطورة على حياتهن. وقالت أستاذة فضلت عدم الإفصاح عن هويتها، إن "عددا كبيرا من نساء التعليم أصبحن مستهدفات بجرائم الاعتداء في أي لحظة، ما اضطر أمهات كثير منهن إلى اصطحابهن والعيش معهن في تلك المناطق النائية للتخفيف عنهن من حالة الرعب النفسي، حيث يجبرن على التعايش بين ضغط القيام بواجب محفوف بالمخاطر، وعجز الجهات المعنية عن توفير الأمن لها شرطا أساسيا للاستقرار". عن الصباح