عقود من الزمن مرت والتعليم المغربي يواضب على تدريس اللغية الفرنسية، والإدارات العمومية تصدر أوراقها باللغة ذاتها، وبلاغات المؤسسات الرسمية التابعة للدولة ناطقة بلغة موليير، فهل يتجه المغرب إلى قطع صلته بموروث لا يمثل ثقافته ولا يحضَ بقبول من فئة عريضة من المجتمع المغربي. اللغة الفرنسة، لغة تربعت على عرش التعليم العمومي، والوثائق الرسمية، وأمام هذا الوضع الذي عمر لسنين، تروج أخبار من قبيل أن المغرب يتجه إلى اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في البلاغات الصادرة عن المؤسسات، بالإضافة إلى أن وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة تتجه إلى الاستغناء عن المقررات الدراسية الناطقة باللغة الفرنسية، ولحد الآن لم يتم تأكيد ذلك. وقد أطلق نشطاء حملة رقمية تحت وسم "لا للفرنسة"، يدعون من خلالها إلى توقيع عريضة رقمية، ناهز عدد الموقّعين عليها في اليوم الخامس من نشرها، ما يناهز ستة آلاف شخص، بمعدل توقيعات فاق 1000 توقيع في اليوم. ورفضت العريضة "التدريس بالفرنسية، وكذا استخدام الفرنسية في المؤسسات الرسمية"، مع المناداة ب "التدريس بالعربية، اللغة الرسمية والأولى في المملكة المغربية، التي تعبّر عن المشترك اللغوي بين مختلف مكونات شرائح البلاد"، على حد وصف واضعي العريضة. وجاء في العريضة "التكتل كمغاربة، خصوصا رجالات ونساء قطاع التعليم من أساتذة وإداريين ومفتشين تربويين وآباء وأمهات، ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، بل وجميع الهيئات والمؤسسات التي تهتم بمستقبل البلاد وأبنائها، من أجل الضغط على أصحاب القرار لرفع هذا الظلم الكبير والتوجه الخطير الذي لا يخدم بتاتا حاضر ومستقبل تلامذتنا، ويُنبئ بفشل ذريع لمنظومة التعليم ومزيد من التراجع للبحث العلمي والانحدار لمستوى التعليم العالي". وقالت العريضة "فرنسة التعليم في البلاد، التي تستهدف الشرائح العمرية الصغيرة ومراحل أساسية كالتعليم الإعدادي حيث فيها يتم التأسيس الحقيقي لبناء المنطق الرياضياتي والمنهج العلمي بشكل صريح لدى المتعلم(ة)، هو بمثابة الضربة القاضية التي حكمت على الجيل الحالي وأجيال قادمة بالفشل المحتوم"، شارحا بكون "الأغلبية لا تفهم الفرنسية، ومَن يفهمها أغلبهم على قِلّتهم لا يجيدون استخدامها أفضل من تعلم العلوم بلغتهم العربية". وحسب المصدر فإنه "لا مبرر لمَن أجبر أبناء المغرب على التعلم عبر الفرنسية حصراً، سوى العبث بمستقبل هذا الشعب وربطه قسرا بماض بئيس وفكر فرانكفوني متسلط عقيم"، منبهين إلى أن "فرض الفرنسية على المغاربة جريمة (...)، لا بد من إزالتها فورا". وشددت العريضة أن "الإصرار على استخدام الفرنسية في الإدارات العمومية، بما فيها قطاع التعليم، هو ضرب للهوية المغربية وترسيخ لفكرة التبعية لفرنسا، وهذا يمس بشكل مباشر وخطير سيادة واستقلال البلاد". وأضافت العريضة أن "القانون الإطار 51.17 سنة 2019 يتضمن مسا خطيرا بمستقبل التعليم في المغرب ويتسبب في استمرار النزيف الذي أحدثته فرنسة التعليم العالي المغربي منذ عقود ولا زال مستمرا؛ إذ تسبب في فتح الباب للهيمنة الفرنسية على التعليم والقضاء على التعددية اللغوية بالصيغة التي يتضمنها"، داعية مختلف الهيئات والمؤسسات إلى أن "تعمل فورا على الدفع نحو تعديل هذا القانون لسد الثغرة التي أحدثها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه". "إن اعتماد الفرنسية كلغة تعليم وتلقين للتلاميذ يتضمن عدم احترام توجهات الوطن وقيَمه ودستوره ولغته"، يؤكد نص العريضة التي يسعى أصحابها من خلال جمع التوقيعات إلى لفت انتباه صانعي القرار إلى ضرورة "تعلم اللغات وتحسين ظروف تدريسها في حصصها المخصصة لها لأجل تمكين التلاميذ والطلبة من التواصل مع محيطهم الخارجي"، مشدّدين على "خوض معركة النفَس الطويل دون كلل أو ملل، مع الاستمرار في النشر على وسم #لا_للفرنسة ومشاركة العريضة والدعوة إلى توقيعها والتفاعل مع محتواها حتى تحقيق كامل أهدافها"، وفق تعبيرهم.