لقد شكل الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى ال23 من حكم جلالة الملك محمد السادس، رسالة قوية إلى كل المغاربة، رسالة دولة تربوية للتهدئة والشرح والتفاؤل. لم ينتقد أحدا وإنما وضع تشخيصا لأزمة الغلاء التي ضربت كل الدول، وخلفياتها وماذا علينا أن نفعل. علينا أن نتفاءل ونتفهم وليس أن نقول "إرحل" لأي أحد، لأن الأزمة أكبر من أي شخص والملك والدولة هو من يقود تدبيرها، بتعاون جميع السلطات العمومية بما في ذلك الحكومة. لقد جدد جلالته ثقته في الحكومة التي أفرزتها استحقاقات 08 شتنبر، باعتبارها حكومة تعبر إرادة الشعب. متحدثا عن تدبير المرحلة العصيبة من طرف الدولة، ويرد بطريقة ضمنية على أصحاب الهاشتاغ، مشددا على أن الحكومة ما هي إلا جزء من الدولة والسلطات العمومية. لقد كان جلالة الملك واضحا في إعلان ثقته السامية في حكومة عزيز أخنوش من خلال عدة إشارات منها الصريحة والضمنية، ولعل أبرزها دعمه للمشاريع الحكومية، مؤكدا أنها مشاريع الدولة، خصوصا فيما يتعلق بمضاعفة ميزانية صندوق المقاصة، لتتجاوز 32 مليار درهم، برسم سنة 2022، وتخصيص اعتمادات مهمة، لدعم ثمن بعض المواد الأساسية، وضمان توفيرها بالأسواق، علاوة على إطلاق برنامج وطني للتخفيف من آثار الجفاف على الفلاحين، وعلى ساكنة العالم القروي. ومن أوجه ثقة جلالة الملك في حكومة عزيز أخنوش، تأكيد جلالته أنه بفضل تضافر جهود الدولة والقطاعين العام والخاص، تمكن الاقتصاد الوطني من الصمود، في وجه الأزمات والتقلبات، وحقق نتائج إيجابية، في مختلف القطاعات الإنتاجية، وذلك رغم الأزمة المركبة للغلاء والتي أكدها ليست نتيجة إجراءات حكومية وإنما هي عالمية أكبر. وعبر عن حرصه على تكريس دعائم الدولة الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بتعميم التغطية الصحية على عموم المغاربة مع متم 2022، وتعميم التعويضات العائلية على 7 ملايين طفل، و 3 ملايين أسرة بدون أطفال، بداية من نهاية 2023. وبرؤية القائد المتبصر، دعا عاهل البلاد إلى التفاؤل بالمستقبل، ومبشرا ضمنيا بمشاريع واستثمارات مستقبلية، حيث قال "علينا أن نبقى متفائلين، ونركز على نقط قوتنا"، حيث أكد على أهمية "الاستفادة من الفرص والآفاق، التي تفتحها هذه التحولات، لاسيما في مجال جلب الاستثمارات، وتحفيز الصادرات، والنهوض بالمنتوج الوطني". داعيا "الحكومة والأوساط السياسية والاقتصادية، للعمل على تسهيل جلب الاستثمارات الأجنبية، التي تختار بلادنا في هذه الظروف العالمية، وإزالة العراقيل أمامها"، وهذا ما يبرز التوجيه الملكي الصريح للحكومة، كحكومة تتمتع بثقة الملك والشعب. وجدد جلالة الملك تكريس أواصر التضامن الوطني المغربي، قائلا: "وإدراكا منا لتأثير هذه الأوضاع، على ظروف عيش فئات كثيرة من المواطنين، قمنا بإطلاق برنامج وطني للتخفيف من آثار الجفاف على الفلاحين، وعلى ساكنة العالم القروي"، وداعيا الحكومة، إلى تعزيز آليات التضامن الوطني، والتصدي بكل حزم ومسؤولية، للمضاربات والتلاعب بالأسعار. إن خطاب الذكرى ال23 من حكم جلالة الملك محمد السادس، هو خطاب الثقة في حكومة لن يكون إسقطاها إلا عبر الآليات الديمقراطية وفي المؤسسات الدستورية. والتفاؤل بمستقبل زاهر. وحشد التعبئة، ورص الصفوف وراء عاهل البلاد لتنزيل رؤيته في جميع القطاعات.