بعد فترة إغلاق استمرت أزيد من شهرين بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، شرع أرباب المقاهي والمطاعم بالدار البيضاء في فتح محلاتهم تدريجيا أمام الزبناء، تغمرهم مشاعر اختلطت بين التفاؤل والتوجس. ورغم أن القطاع كان من بين أكثر القطاعات الخدماتية تضررا بفعل الأزمة الصحية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، فإن المهنيين لا يخفون حقيقة كونهم يحاولون إقناع أنفسهم بأن عودتهم لممارسة نشاطهم الاعتيادي ستكون حميدة، تتيح لهم تحصيل ولو جزء بسيط مما ضاع منهم خلال فترة التوقف، واستعادة نزر قليل من رقم معاملاتهم. وإذ أن استئناف نشاطها يبقى محدودا في مرحلة أولى في توصيل الطلبات للمنازل وإعداد الطلبيات الجاهزة، فإن فتح هذه المحلات، الذي طالما انتظره مهنيو هذا القطاع الخدماتي بامتياز وأيضا الزبناء، سيمنحهم متنفسا لإنعاش قطاع يعتبر استراتيجيا لا سيما في مجال توفير الشغل. ففي الأسبوع الماضي، قام وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي بالسماح لأرباب المقاهي والمطاعم باستئناف أنشطتهم ابتداء من 29 ماي الماضي، شريطة الاقتصار فقط على تسليم الطلبات المحمولة وخدمات التوصيل إلى الزبناء. ويبقى استئناف المقاهي والمطاعم لنشاطها الخدماتي، قبيل نحو 10 أيام من الموعد المحدد لنهاية مرحلة الطوارئ الصحية، محتشما حسبما عاينت ذلك وكالة المغرب العربي للأنباء في جولة عبر مختلف أحياء المدينة، بمان أن العديد منها ما يزال مغلقا. وحسب مهنيين من القطاع، فإن هذه الوضعية تجد تفسيرها، أساسا، في كون ملاك المقاهي والمطاعم لم يستطيعوا فتح محلاتهم وبالتالي استئناف عملهم نتيجة إكراهات مالية ولوجستيكية على الخصوص. وفي هذا الصدد، يوضح مالك أحد المطاعم بالدار البيضاء محمد بوزوبع، في حديث للوكالة، أن “اليوم هو ثاني يوم بعد إعادة فتح المطعم عقب فترة إغلاق مؤقتة بسبب الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، شرعنا في العمل بتقديم خدمة الطلبات المحمولة والتسليم بالمنازل”. وقد تمت إعادة تهيئة فضاء المطعم بالكامل لضمان استئناف جديد للعمل في ظل أفضل شروط السلامة الصحية، إذ في المدخل، وحتى قبل الوصول إلى المستخدم المكلف بأخذ درجات الحرارة وتوزيع المحلول المعقم، هناك ملصقات وضعت على الأرض لتحسيس الزبائن بأهمية احترام التعليمات الصحية، خاصة مسافة الأمان. محكوما بهاجس تنظيم جيد لكل سلسلة العمل، عمد صاحب المطعم إلى وضع نظام للتشوير يبين المسار الذي ينبغي اتباعه ابتداء من الدخول إلى المحل وإلى حين استلام الطلب. ويقول السيد بوزوبع “قمنا باتخاذ كل تدابير السلامة والوقاية التي أقرتها السلطات الصحية، لنقدم لزبنائنا أفضل خدمة بيع، ونجعلهم يعيشون معنا تجربة جيدة، من خلال الحفاظ على صحتهم وصحة متعاونينا من مستخدمين وموزعين، والذين وزعت عليهم الكمامات وبدلات الوقاية والقفازات من أجل حمايتهم”. حرص كبير على التنظيف الدائم واليومي للمطعم، وتعقيم أدوات العمل وتهوية المكان، هي جزء من التدابير التي لا يتردد مالك المحل في احترامها وتنفيذها بصرامة كبيرة. ويقر هذا المهني أن “المملكة نجحت في تدبير الأزمة بشكل جيد، والمغاربة، وأكثر من أي وقت مضى، يدركون جيدا أهمية النظافة والسلوكات الحاجزية للقضاء على هذا الفيروس، ونصبو حاليا إلى النجاح في إنعاش الاقتصاد الوطني”، معربا عن تفاؤله بقدرة الفاعلين الاقتصاديين على رفع هذا التحدي المصيري. وهنا تجدر الإشارة إلى أن السلطات العمومية لا تتوقف عن تكرار أن المصالح المختصة تسهر على متابعة ومراقبة مدى التقيد بالشروط التي تضمنها قرار السماح للمقاهي والمطاعم باستئناف نشاطها، متعهدة باتخاذ الإجراءات الزجرية اللازمة في حق مخالفي تلك الشروط.