بحلول عيد الأضحى من كل سنة، تعرف الأسواق التجارية بمدينة طنجة رواجا تجاريا تنتعش معه مجموعة من المهن الموسمية المرتبطة بأضحية العيد وبالتقاليد والعادات الأصيلة التي تصاحب هذه المناسبة الدينية وتزدهر في شوارع وأحياء ودروب عاصمة البوغاز. وكما في مختلف المدن المغربية، يشكل عيد الأضحى بالنسبة لمجموعة من الشباب الطنجاوي ، مناسبة لا تعوض لكسب المال واستثماره مستقبلا في مجالات أخرى، وهو بالنسبة لآخرين موعد لتجديد الصلة مع ممارسة مهنية موسمية تتوارت منذ عدة سنوات. وتعد هذه الأنشطة المهنية العابرة علاوة على ذلك نعمة حقيقية لهؤلاء الباعة من الشباب الذين يجذبهم الربح السهل والسريع، وهو ما تشهد عليه كثرة وقدرة هؤلاء البائعين على التكيف مع الحالات الجديدة التي تنشأ وتتطور في سوق التجارة التي تطلب الذكاء والحذق. وإن استثمر البعض من هؤلاء في تسويق الفحم كمنتج أساسي لعشاق اللحم المشوي إلا أن البعض الآخر يقترح على الزبائن مجموعة كاملة من السكاكين والملحقات الضرورية الخاصة بالأضحية غالبا ما تكون بأسعار تنافسية. وثمة فئة ثالثة من هؤلاء التجار الموسميين، تعمل على تقديم خدمات للمواطنين الذين يرغبون في شحذ سكاكينهم ومختلف الأدوات المرفقة، وهي مهنة تضمن عائدا جيدا لبعض الأشخاص الذين لا زالوا يقومون بهذه المهمة. وتشمل مهن العيد مجالات أخرى مربحة حتى ولو أنها تعتبر “صغيرة” إلا أنها تجذب في الكثير من الأحيان شباب الأحياء الفقيرة، لا سيما بيع الأعلاف على أرصفة الشوارع وعند مداخل الأحياء، حيث يقوم ممتهنوها باقتناء كمية كبيرة من الأعلاف يتم تقسيمها إلى رزم صغيرة تلبي طلبات المواطنين. وفضلا عن ذلك، تنشط مهن أخرى صبيحة يوم العيد، تجسدها تجمعات الشباب الذين يعملون على شي رؤوس الذبائح وقوائمها، بالإضافة إلى تقطيع الأضاحي وجمع جلودها وتجفيفها من أجل استعمالها أفرشة تقليدية في البيوت. كما أن هناك إقبالا على الأدوات المنزلية التي تعرف انتعاشا ملحوظا مقارنة بالأيام العادية. ومع انتعاش الأسواق العصرية الجديدة بالمدينة، حافظ سوق كسبراطا و السوق دبرا على رواجهما، من خلال اقتناء المواطنين للتوابل الخاصة والمعروفة لدى المرأة الطنجاوية لتحضير بعض الوصفات التي يشتهر بها مطبخ المنطقة بمناسبة عيد الأضحى على غرار ما يعرف باللحم بالبرقوق وبعض الوجبات الخاصة، وكذا كل ما يلزم لتحضير مجموعة من الحلويات والفطائر التي تصاحب مآدب العيد. وتظل طنجة من المدن المغربية العريقة التي لازالت تحافظ على تقاليدها وعاداتها بمناسبة عيد الأضحى، وهو ما يجعل أسواقها تعرف رواجا مزدهرا يغطي به التاجر عن بعض الركود الذي يعيشه طيلة السنة.