تعلن المدرسة المغربية رفضها تلقين المعرفة للتلاميذ ونقلها إليهم، ولقد بات من الضروري على كل فاعل تربوي ألا يهمل تمثلات متعلميه وأن يعيَها ويجعلها منطلقا للعملية التعليمية التعلمية، بهدف تمكين هؤلاء المتعلمين من تدعيم الصحيحة منها وتصحيح الخاطئة، بما يجعل من الوسط التعليمي مجالا زاخرا بالأنشطة الذاتية للمتعلم ويهدف الى مساعدته على بلورة طاقاته الكامنة وتنمية روح الإبداع والابتكار. وتلعب التمثلات التي يحملها التلميذ معه الى المدرسة دورا مهما في قبول المعارف المدرسية أو رفضها، لذلك ألح جان بياجي في نظريته البنائية على ضرورة التعامل الديداكتيكي مع هذه التمثلات لبناء المعرفة الصحيحة عند التلميذ، كما بينت أن اختلال التوازن شرط ضروري لكل نمو واكتساب؛ فعدم أخذ تمثلات التلاميذ بعين الاعتبار، ينتج عنه تنضيد أو تراكب إطارين مرجعيين عند الطفل أحدهما يستعمل في وضعيات ديداكتيكية والأخر في وضعيات غير ديداكتيكية، كما بينت دراسات ميدانية في ديداكتيك العلوم، أنه من أجل تدريس مفهوم علمي، لا يكفي إمداد المتعلم بالمعلومات والبيانات المنظمة، لأن المتعلم لا يدمجها و يتبناها إلا إذا استطاعت أن تغير تصوراته السابقة ويفسر ذلك بوجود رصيد معرفي سابق لدى المتعلم ينطلق منه بالضرورة نحو كل تعلم جديد، ويستعمل كنموذج تفسيري فعال، حتى لو كان خاطئا علميا، لذا، فالتعلم الحقيقي هو الذي يأخذ بعين الاعتبار تمثلات المتعلم فهما واستثمارا وتصحيحا. ويتساءل كل أستاذ مغربي في فصله سؤالا يتقاسمه معه ضمنيا باقي الزملاء، وهذا التساؤل هو: ما التعلمات الضرورية والأساسية بالنسبة للتلاميذ؟ وما هي التعلمات التكميلية أو الثانوية؟ تقوم المؤسسة التربوية، إضافة إلى دورها الرئيسي، بدورين آخرين: دور الأسرة ودور المجتمع، ولهذا أضحت مسؤوليتها معقدة في وقت تخلى فيه الطرفان الآخران، كليا أو جزئيا، عن لعب أدوارهما، وينضاف لهذا العامل، تسارع التحولات التربوية في المجال التربوي والتقني. وأمام هذه المعوقات، تستسلم المؤسسة التربوية لإكراهات الواقع (الاكتظاظ، الغلاف الزمني الأسبوعي، مستوى التلاميذ...) فتسقط العملية التربوية في فخ الروتين والآلية والبطء. وهو ما يجعل من الأقسام التعليمية تعاني في كثير من الأحيان قلةَ الحيوية والنشاط وقلة أنشطة الإنتاج والتفتح بالمعنى والغرض الذي جعلت لأجله. وفي هذا السياق، ولتجاوز الصعوبات سابقة الذكر، تأتي التمثلات باعتبارها الكيفية التي يوظف بها الفرد بصورة شخصية معلوماته السابقة لمواجهة مشكل معين خلال وضعية معينة(1) لما لها من وظائف عدة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: - معرفة مستوى المتعلمين في الموضوع المقدم. - استغلالها لتنظيم أنشطة داخل القسم. - علاج مشاكل عملية وعلمية. - معرفة وحدات البرنامج فتنجلي مكامن الضعف والقوة وأوليات الدروس والمضامين والأنشطة. - تتيح للمتعلمين إمكانية تنظيم وترتيب مُدرَكاتهم حتى يتمكنوا من توجيه تصرفاتهم داخل المحيط الذي يعيشون فيه. - تمكنهم من إقامة تواصل فيما بينهم من خلال وضع ضوابط. - الحفاظ على المعلومات، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالبنيات والعلاقات. -أداة لتخطيط الأنشطة والافعال. -دور تنظيم وتنسيق المعارف. -دور التواصل أي الاندماج في أنظمة معقدة كثيرا أو قليلا لتبادل المعلومات. - لحفظ أو الاحتفاظ بالمعارف التي لم يعد من الممكن الوصول إليها بشكل فوري ومباشر، وأهمية هذه الوظيفة تتجلى في تمكن الفرد من الحفاظ على المعلومات الضرورية لمواجهة وضعيات جديدة. - وظيفة التنسيق والتنظيم وتسمح للفرد بإقامة العلاقات المناسبة لكي يسهل عليه تذكرها وإعادة إنتاجها(2) وبما أن التمثلات نسق تفسيري شخصي مسبق، لابد للأستاذ من إيجاد طرق لتوظيف هذه التمثلات في بناء المفاهيم العلمية مع المتعلمين، ومن هذه الطرق نذكر ما يلي: الطريقة الأولى: -يقترح كيرلان القيام أولا بحصر التمثلات الموجودة لدى المتعلمين، وننطلق فيما بعد في عملية بناء المفهوم محددين الأنشطة التي يستوجب تنفيذها لوضع قطيعة (تعديلات، إعادة بناء، اتصال...) كما يمكن أيضا النظر الى التمثلات كعمليات لبناء المعارف، ومن ثم لإيجاد العلاقة أو الاختلالات الواقعة بين التمثلات والمعرفة العلمية فعلى سبيل المثال: المتعلمون في المستوى الثانوي التأهيلي توجد لديهم تمثلات خاطئة في بعض المواد المدرسة وخصوصا بعض الدروس: 1 أمثلة من مادة التربية الإسلامية: مستوى جذع مشترك (درس فقه الصيام نموذجا): -اقتصار صيام رمضان على الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر الى غروب الشمس - صيام رمضان فرصة لتنويع المأكولات والمشروبات والتباهي بالألبسة التقليدية. -صيام رمضان فرصة لمتابعة جديد المسلسلات الخليجية والمصرية والمغربية. -صيام رمضان فرصة للإكثار من النوم نهارا لكيلا يحس الصائم بالجوع أو العطش. مستوى الأولى باك (درس الاختلاف آدابه وتدبيره نموذجا): -الاختلاف هو الخلاف. -أسباب الاختلاف هي نفس أسباب الخلاف. مستوى الثانية باك (درس الشروط العلمية والمنهجية لتدبر القران نموذجا): -تدبر القران بمعنى تفسيره أو تأويله أو التفكر فيه. - تدبر القران حكر على العلماء وفقهاء الأمة 2 أمثلة من مادة اللغة العربية: مستوى جذع مشترك أدب (مجزوءة الحكي): الخلط بين مفاهيم: الحكي والسرد والوصف والإخبار... الخلط بين الكاتب (الفعلي) والسارد (الذي يسرد القصة للقارئ) صعوبة التمييز بين القصة (باعتبارها متنا حكائيا) والخطاب (باعتباره مبنى حكائيا). مستوى الأولى باك (مجزوءة بنية النص النثري القديم ووظيفته): يجد كثير من التلاميذ صعوبة في التمييز بين الأنماط الكتابية النثرية...فكل نثر لديهم يشبه أي نثر، ويجد الأساتذة صعوبات جمة في تعليمهم الوقوف على ما يميز نمطا عن غيره (مثلا الفرق بين المقامة والرسالة والخطبة...). مستوى الثانية باك آداب / آداب وعلوم إنسانية (مجزوءة من إحياء النموذج إلى سؤال الذات): تقتضي دروس هذه المجزوءة من التلميذ الإلمام بالنموذج الشعري القديم، على كافة مستوياته: المضامين أو الأغراض الإيقاع الترسانة البلاغية المعتمدة، غير أن ما يعانيه كل أو جل تلاميذ هذا المستوى، يبرهن على أنهم يعالجون دروس هذه المجزوءة بفقر معرفي وتمثلات مضطربة، ومن ذلك على سبيل المثال: الخلط بين المضامين بغض النظر عن إطارها الزمني. عدم القدرة على ملامسة الفروق الدقيقة المشكلة للتحول في القصيدة العربية التي حافظت على الشكل القديم (نظام الشطرين) لكنها ملأته بمضامين حديثة نسبيا. يضاف إلى كل هذا، الخلط الكبير في محتويات دروس علوم اللغة، والتي تلعب التمثلات الخاطئة دورا كبيرا في ضعف استيعابها والاستفادة منها. (3) ولذلك علينا، نحن كأساتذة ومربين للأجيال، ألا نضع هذه التمثلات موضع أخطاء فنهملها وندلي بدلا من تصحيحها بجوابنا العلمي، بل لابد من التعامل معها، أولا كتفسيرات مغروسة فعلا في ذهن التلميذ، والحاجة التعلمية تدعو إلى تصحيحها وإزاحتها باعتبارها تمثلات معيقة، قد تحول دون فهم وبناء المعرفة أو المعلومات العلمية حول موضوع التعلم. الطريقة الثانية: -ويمكن للمدرس استثمار وتوظيف تمثلات التلاميذ في ثلاث وضعيات على الأقل وهي كالتالي: 1-قبل بداية الدرس: حيث يقوم المدرس برصد تمثلات المتعلمين والتي لها علاقة معرفية بالمفاهيم الأساسية التي تكون الدرس أو الوحدة التعليمية. 2-خلال الوضعية التعليمية: ويمكن بلورة ذلك عبر أربع استراتيجيات هي: ا-استراتيجية التشكيك في معرفة التلاميذ وتمثلاتهم. ب-استراتيجية الحوارات المتعارضة التي تعني خلق علاقات عمودية وافقية بين التلاميذ للحصول على تمثلات مختلفة حول موضوع أو ظاهرة ما. ج-استراتيجية وضعيات استكشاف التمثلات. د-استراتيجية المواجهة حيث تتم المواجهة بين المعرفة المستهدفة ومعرفة التلاميذ. 3-بعد الوحدة التعليمية: باعتماد التقويم والتغذية الراجعة للتحقق من مدى تحقيق تغير المفهوم. الطريقة الثالثة: - وضعية انطلاق: إبراز تمثلات المتعلمين عن طريق أسئلة شفوية. - الوقوف على التركيب المعرفي للتمثلات لدى المتعلمين: وضعية اليقين أو التوازن المعرفي في نظر المتعلمين. - مقابلة التمثلات من خلال تداول معلومات متناقضة: وضعية شك – خلق نزاع معرفي-اثارة قلق معرفي وزعزعة التوازن المعرفي لدى المتعلم. - بناء تركيب معرفي جديد: بناء تدريجي للمفاهيم العلمية الجديدة. - توازن معرفي جديد: ترسيخ المفهوم العلمي الجديد وإظهار جانب الخطأ في التمثلات. - إبراز التمثلات: أسئلة موجهة شفوية. - صياغة الأهداف في صيغة عوائق قابلة للتجاوز ومناسبة لمستوى المتعلمين والشروط التي يتم فيها التعلم. - تحديد المسار الذي يمكن من تجاوز العوائق من خلال تدرج بيداغوجي يأخذ بعين الاعتبار إمكانات المتعلمين وقدراتهم ويسهل عليهم في الوقت نفسه عملية اكتساب المفهوم العلمي. - اختيار وضعية بيداغوجية مناسبة (حل المشكلات). - اختيار الأنشطة والوسائل التي تسهل على المتعلم تجاوز العوائق والوصول لبناء المفهوم. - وضع إجراءات علاجية استباقية توقعا لوجود صعوبات يكشف عنها التقويم. وفي الواقع يصل المتعلم إلى المدرسة محملا بمجموعة من المعارف النظرية والتجريبية حول حقل معرفي معين، إلا أن الأستاذ لا يعطي اهتماما لهذه الظاهرة الموجودة سابقا هنا ويعتبر المتعلم صفحة بيضاء أو عذراء من المعارف، وفي هذا الإطار تطرح عدة تساؤلات من بينها: هل الخطاب العلمي للمدرس يعكس الفكرة الحقيقية للمتعلم؟ هل هذا الموجود سابقا هنا يلعب دور العائق لاكتساب التعلمات؟ وللإجابة، فلا بد من الإلمام بالتمثلات قدر المستطاع والتي بواسطتها يعبر المتعلمون عن حقيقة أو مظهر يفسرونه بها ولكي يرصد الأستاذ تمثلات المتعلم لابد من استخدام عدة تقنيات نذكر منها: 1-المقابلة: -الفردية. -مع مجموعات صغيرة. -مع مجموعة القسم. -باعتماد الخطاب اللغوي فقط. -باعتماد الخطاب المكتوب (رسومات، خطاطات،...). -باعتماد الوسائل التي يستعملها التلميذ (تربية بعض الحيوانات، الزراعة، المختبر أدواته...). -باعتماد الأجهزة والوثائق 2-الاستبيان: -نصف موجه. -موجه، أسئلة مفتوحة (كتابة و / أو رسومات). -أسئلة ذات أجوبة متعددة. -أسئلة فقط. -أسئلة مدعمة (avec support). -أسئلة ترافقها معلومات مساعدة. 3-الملاحظة: -الجانب الشفوي. -الجانب الحركي. -الجانب الكتابي. -مسودات التلاميذ. -إنتاج تلقائي. -إنتاج مطلوب(4) ونظرا للطبيعة التركيبية المعقدة للتمثلات، فإن صعوبات عديدة تظهر خلال محاولة الكشف عنها أو خلال محاولة تحديد طبيعتها، مما يستدعي حسب الكثير من الباحثين عدم الاكتفاء بتقنية واحدة للكشف عن العوائق، بل يجب اللجوء إلى استعمال تركيبي (combinatoire) لعدد من التقنيات المقترحة سابقا. وتعتبر الخبرة المكتسبة للفرد وتاريخه الثقافي والاجتماعي والنفسي والمعرفي هي أهم مصدر للتمثلات، إلا أن التمثلات تتميز بعدة مميزات منها على سبيل المثال لا الحصر: 1-قد تكون التمثلات عامة (كالتمثلات الاجتماعية والثقافية والدينية) أو خاصة تمثل تصور كل فرد لظاهرة أو مفهوم أو فكرة معينة. 2-قد يكون سلبيا أو خاطئا مما يستدعى التدخل قصد العلاج والتصحيح بما هو أحسن وأقدر موضوعية، وقد يكون إيجابيا يتطلب دعمه وتطويره والاقتناع بأنه قابل للتطور والتغيير أيضا. 3-التمثل يتميز بالحركة والدينامية، أي إنه قابل للتطور سواء بالتعليم والتعلم أو بتطور العلوم الموضوعية عبر التاريخ. 4-بتشكيل التمثل عموما في الوسط الذي ينبثق فيه، فإن كان الوسط غنيا، علميا ومتطورا، يكون التمثل أقرب إلى الواقع، والعكس أيضا صحيح، إنه إذن يتأثر بالوسط المعرفي والثقافي والاجتماعي والعلمي الذي ينشأ فيه. 5-هناك تشابه بين تمثلات المتعلمين والعوائق الإبستمولوجية في تاريخ العلوم(باشلار) 6-كل فرد سواء كان طفلا صغيرا أو كبيرا، يمتلك انساقا معينة من التمثلات حول جميع مجالات الحياة المعرفية والعلمية(5). إن الاشتغال على تمثلات التلاميذ وبها، هو في الحقيقة وضع التلاميذ ضمن وضعية تعلمية، إنه زعزعة نموذج للتفسير من أجل أن يحل محله آخر أحسن منه، مما يشكل تقدما بالنسبة للتلميذ المغربي يمكنه من فهم منهجية التفكير واكتسابها ويتحقق ذلك بتوظيف ما يسمى: العصف الذهني أو الميتامعرفية أو مفهوم الصراع المعرفي، والذي يعتبر أداة تسمح بتعميق الفهم من خلال مجابهة التمثلات. ان تحقيق ما سبق ذكره رهين بتغيير الأساتذة لنشاطهم وتعاملهم مع التلميذ المغربي والمادة المعرفية وكذا الخطأ وحمولة التلميذ، لان الهدف من الاهتمام بالتمثلات هي تحويلها للوصول في النهاية الى بناءات أكثر قربا من الواقع وأكثر من أداء في حل المسائل المستقبلية، وكذا لان المدرسة المغربية حاليا لا تقدم معارف جديدة فقط، بل تغير المعارف وتعطيها صبغة جديدة، انها تعلم الطفل الكيفية والطريقة التي ينبغي ان يعرف بها. (6) وعندما نتأمل في كيفية اشتغال بعض الاساتذة، نجد بأنهم يهدفون أساسا الى الدفع بالتلميذ المغربي الى الفعل فقط دون الاهتمام بتمثلاتهم، والاعتماد بشكل أساسي على بيداغوجيا التلقين التي تنتج السلبية لدى المتعلم وخير مثال على ذلك إذا سال أي اب مغربي ابنه عندما ينهي يومه الدراسي بالسؤال التالي: ماذا تعلمتم اليوم؟ فإن أجوبة هذا التلميذ ستكون على الشكل التالي: قمنا بإنجاز تمارين في مادة الرياضيات، صححنا واجبا في مادة الإنجليزية، درسنا أسباب الحرب العالمية الثانية... إن هذه الأجوبة غنية بتنوعها، لكنها تشترك في خاصية واحدة مفادها أن أغلب التلاميذ المغاربة لا يتحدثون عما تعلموه، وإنما عما فعلوه، مما يجعل تعلمهم سطحيا وأفعالهم وحياتهم عديمة الجدوى. ولو سالت أيها الأستاذ المغربي التلاميذ الذين تدرسهم: ما هي قضيتكم في هذه الحياة، والتي تبلورت في نفوسكم وأنتم تترعرعون على كراسي الدرس والتحصيل ؟؟ لما ظفرت منهم بشيء، وان صدقوك القول لقالوا إنهم لا يعلمون لهم قضية علمتها إياهم المدرسة، وأن كل ما في الامر أنهم يهدفون إلى الحصول على عمل مناسب، ليمتلكوا دارا وسيارة وزوجة في أحسن الأحوال، ومن كانت غايته هينة، هان عليه امتطاء كل السبل لتحقيقها غير مبال بمشروعية الوسيلة وسلامة المسلك. إن الأستاذ الذي يأتي الى القسم ولم يهيئ درسه او يهيئه دون إتقان، اوالذي يقدم درسه بصورة سطحية, ويبخل بما عنده من معرفة على تلامذته ولا يحمل هم إفادتهم والنصح لهم ولا يعبأ بالصورة المشينة التي يكونها الفصل عنه، أو يدمن ارتكاب الأخطاء أو أي خطأ تربوي من حين لأخر، ولا يراعي تمثلات متعلميه ولا يبحث فيما هو تربوي ،فمن المؤكد أنه غير منخرط في المشروع الإصلاحي لبلاده وروح الوطنية ماتت في وجدانه ؛ ليس ذلك تأسيسا على موقف سلبي اتخذه ازاءه، وإنما لكونه تعود أن يغش او يتراخى في عمله، ولا عهد له بالأمانة والاتقان، ولم يتشبع بقيم المسؤولية وحب العمل والإخلاص فيه وحب المغرب أولا, لا في المدرسة ولا في الشارع أو من الإعلام والثقافة السائدة، ولم يجد في محيطه نماذج مثالية للصدق والجدية إلا نادرا حتى يتبين من خلالها أنه مقصر ومفرط ومعاكس لتوجه مجتمعه، ويرى نفسه غير معني في شيء بتقدم مجتمعه ونهضته أو المساهمة في رفع تحدياته، فذلك ليس في وعيه انه من الواجبات الملزمة وربما اعتبره من الواجبات التي دأب على تضييعها والتملص منها, ولو عرضا حاول ان يقوم بالمهمة التربوية على احسن وجه لفتح على نفسه ابوابا واسعة من النقد والقدح والتهكم والمضايقات في كل جهة, لأن فعله حينئذ يصبح شذوذا عن القاعدة العامة داخل المجتمع, وخروجا عن النمط المهين، فكم هم الجادون في مختلف المواقع الذين تم إعفاؤهم عن مزاولة مهامهم بذريعة أنهم لم يحسنوا التكيف مع ظروفهم(7). أيها الأستاذ المغربي ان الاستاذية في المغرب ليست فقط بابا للرزق وذلك بانتظار راتبك الشهري مع تقضية جل وقتك في المقهى، لاحتساء اكواب متتالية من القهوة والشاي وتجاذب أطراف الحديث مع اصدقائك، والاقسام المغربية ليست اقسام للروتين والتواكل والتك