رأى مراقبون ووسائل إعلام جزائرية أن التعديل الوزاري، الذي أعلنه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، جاء بحكومة لتحضير انتخابات الرئاسة المقررة شهر أبريل القادم لانتخاب خليفة له. وأجرى بوتفليقة، يوم الأربعاء الفائت، تعديلا حكوميا جديدا، جدد من خلاله الثقة في وزيره الأول عبد المالك سلال، فيما شهدت وزارات سيادية مثل الداخلية، الخارجية، العدل، الإعلام والدفاع تغييرات وعين فيها شخصيات مقربة منه، كما شهدت الحكومة الجديدة الاستغناء عن أكثر من عشرة وزراء وتعيين 11 آخرين جددا إلى جانب عملية تحويل لوزراء إلى دوائر وزارية أخرى. وعلقت صحيفة "الخبر"، على التغيير الحكومي، بالقول "بوتفليقة يطرد خصومه من الحكومة"، معتبرة أنه "تعديل وزاري بنكهة الرئاسيات لحكومة عمرها سنة"، مضيفة أن "ملامح تغير موازين القوى في أعلى هرم السلطة واضحة في التعديل الحكومي الجديد"، في إشارة إلى أن بوتفليقة فرض خيارته في هذا التعديل. من جهتها قالت صحيفة "الشروق" في قراءتها لدلالات التغيير الحكومي إن "بوتفليقة أحكم قبضته على مفاصل الدولة"، مبرزة أن التغييرات الأخيرة التي أقدم عليها الرئيس بوتفليقة، على مستوى الحكومة وجهاز الأمن، "فاجأت كل المتتبّعين، وأدخلت البلاد في حالة من الترقّب حول ما إذا كانت هناك قرارات أكثر ثورية سيكشف عنها في الأيام القليلة المقبلة، في وقت كان يعتقد الكثير أن المرض قد أضعف مكامن القوة لدى القاضي الأول للبلاد". أما صحيفة "النهار" المقربة من النظام الحاكم فقالت "حاول رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، من خلال هذا التعديل الوزاري الجديد، تشكيل طاقم حكومي تكنوقراطي، فباستثناء بعض الأسماء المعروفة بانتمائها .. فإن القاضي الأول في البلاد استعان بأسماء جديدة لم يسبق أن خاضت معترك السياسة، في إشارة واضحة منه إلى بدء مرحلة جديدة حاسمة لم تشهدها البلاد منذ الاستقلال". من جهتها قالت صحيفة "الوطن"، الناطقة بالفرنسية، إن "بوتفليقة بمنحه حقائب وزارية هامة لشخصيات مقربة منه وقبلها بسط سيطرته على قيادة الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني" إلى جانب تغييرات داخل المؤسسة العسكرية يكون قد وضع ترسانة تسمح له بمراقبة الإنتخابات الرئاسية القادمة". وقال عبد العالي رزاقي، أستاد الإعلام بجامعة الجزائر، لوكالة الأناضول، "في البداية لابد من الإشارة إلى أنه كان الأولى محاسبة الحكومة السابقة على حصيلتها قبل الذهاب إلى هذا التغيير وهذا ما لم يحدث وتمت معاقبة وزراء دون غيرهم"، موضحا أن "هذا الأمر يقود للإستنتاج أن الرئيس أبعد كل من يعارض مرشح الرئاسة القادم لخلافته ومنهم وزراء من الحزب الحاكم عارضوا تولي عمار سعداني الأمانة العامة للحزب مؤخرا إلى جانب وزراء آخرين أبعدوا وينتمون لحزب التجمع الوطني الديمقراطي وأخرون محسوبون على جهاز المخابرات وعلى مرشحين محتملين للرئاسة". وتابع أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر أن "رسالة الرئيس من هذه التغييرات هي أن انتخابات الرئاسة القادمة في 2014 ستكون أكثر ديمقراطية ومفتوحة لان الرئاسة هي الجهة الوحيدة التي ستشرف عليها هذه المرة…". وبشأن توقعاته للمرحلة القادمة رأى رزاقي أن "جناح الرئاسة يراهن على حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم كقوة سياسية لتمرير خيارهم أي مرشحهم لخلافة بوتفليقة لكن الأمور ليست بهذه السهولة فهناك حزب آخر في السلطة هو التجمع الوطني الديمقراطي سيكون له مرشح إلى جانب مرشحين آخرين أقوياء"، مضيفا "أن هذه الإنتخابات ستكون لأول مرة في دورين بين مرشحي الرئاسة وجناح آخر في النظام الحالي".