في الوقت الذي كان على جريدة العرب، الصادرة في لندن، الإعلان عن رفضها للتدخل العسكري الغربي في سوريا، سارعت هذه الجريدة العربية المهاجرة إلى تأييدها لهذا التدخل، الذي ترى فيه ملاذا للمعارضة والشعب السوري من طغيان نظام الأسد، وبلغة صريحة، تكشف عن هول العمالة والارتزاق، الذي أصبح بعض العرب المهاجرين يقدمونه للدول التي تستضيفهم، ولأولياء النعمة في الغرب بسيادة أمريكا، التي تحمل في جسدها فيروسات السياسة الاستعمارية الغربية، رغم ادعائها الحرص على استقلال الشعوب، وصيانة السلم والديمقراطية والحرية، كما تروج لذلك أبواقها الإعلامية، والمثير للفضول، أن الأمريكيين يعرفون أنهم لا يحترمون القانون الدولي، ولا المنظمات الأممية، حينما يقررون ترجمة مشاريع سياساتهم، كما فعلوا في العراق وأفغانستان، والصومال والسودان، وأن الشرعية الدولية التي يدافعون عنها ليست بمعزل عن مخططاتهم الهيمنية من التفجيرات الإرهابية، التي تعرضت لها، وقبل ذلك نهاية الحرب الباردة، وتفكيك الاتحاد السوفياتي، التي سمحت لهم باستباحة جميع القيم والقوانين، حتى التي يدعون أنهم حماتها، وأن هذه السياسة التي تعرف جرائمها الشعوب، التي خبرت ويلاتها حتى عهد قريب، التي تريد إنجاز مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي لا توجه فيه أي قوة إقليمية يمكن أن تهدد مصالح الغرب ودولته المصونة إسرائيل. شكرا إذن، لهيئة تحرير جريدة العرب في لندن، على هذا الموقف القومي التحريري الوضيع .. الرخيص والدعائي، لما تعتزم أمريكا وحلفاؤها القيام به في سوريا، التي تواجه حرب العصابات، التي تقودها التنظيمات الإرهابية، التي يسخرها الغرب لتدمير محور الممانعة الذي يضم سوريا وحزب الله وإيران، وقد اتضح من سير العمليات، أن الغرب كان لا يزال يتحين الفرص للتدخل، كما فعل في العراق وليبيا في إطار مشروع الربيع العربي لدعم المطالبة بالديمقراطية، واستئصال الفساد والاستبداد في الوطن العربي، ومن هنا، يحق لنا أن نساءل رئيس تحرير جريدة العرب في لندن عن أسباب إيمانه السريع، والتفافه حول الموقف من اتهام الغرب لسوريا باستعمال الأسلحة الكيماوية ضد الأبرياء في ريف دمشق ..؟ وهل بإمكان نظام الأسد، الذي قبل بتحرك فريق التفتيش الأممي حول استعمال السلاح الكيماوي قبل المجزرة الأخيرة، يمكن له اللجوء إلى ذلك، وهو المسؤول عن أمن وسلامة المواطنين أولا ..؟ وهل هذا النظام ساذج إلى الدرجة التي يتهم فيها نفسه، وهو الذي اتضح من سير العمليات العسكرية أن ميزان القوى لصالحه، بما فيها منطقة الغوطة الشرقية، التي تعرض السكان فيها لهذه الضربة الكيماوية ..؟. ليس بإمكاننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا إدانة مسؤولي جريدة العرب في لندن، الذين تحولوا في منبرهم الصحفي إلى مجرد صحافة مأجورة، وبوقا رخيصا للغرب، الذي توجهه مصالحه السياسية والاقتصادية في المنطقة، ونستغرب في نفس الوقت على هذه العصبية الجاهلية، التي يقوم بها هؤلاء العرب لصالح من استباحوا الوطن العربي من قبل، ويريدون العودة إلى ماضيهم الاستعماري تحت شعارات، مساعدة الشعوب العربية على التحرر من الفساد والاستبداد، وإن كنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على علم بهذا التوجه في التعاطي المهني لهذا النوع من الصحافة المسخرة والمخدومة، التي بدأت تكشف بالملموس عن من يدعمها ويمولها ضد العرب، فإن التزامنا القومي والمهني المستقل، يفرض علينا إثارة انتباه جميع الصحف، التي يمكن أن تنخدع أو تنخرط في مثل هذه السلوكيات المنحرفة، وأن نبل مهنة المتاعب أكبر من ذلك، وأن منتهى سقف العمل الصحفي أن يكون متحررا ومستقلا، فبالأحرى أن يكون معاديا للاستعمار والقهر السياسي، والاستغلال الطبقي في أي مكان من العالم، وإن كنا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نشعر بالحزن والأسى على ما يعانيه الشعب السوري في ظل نظام الأسد، فإننا لا نسمح لمن يمارسون العمل الصحفي أن يكونوا أبواقا رخيصة، لمن يهددون بالتدخل العسكري ضد سوريا، ويمولون العصابات الإرهابية، التي لا تريد الديمقراطية والحرية للشعب السوري، بقدر ما ترغب في أن تكون حامية لمصالح الغرب، ولصنيعته إسرائيل فقط، وحسبنا الله في سلوك هذه الجريدة العربية المهاجرة، التي تغرد خارج السرب العربي لصالح المشروع الأمريكي، المرسوم سلفا لمستقبل الشرق الأوسط، وسواء كانت الضربة المحتملة لسوريا صغيرة أو كبيرة، فإن ما نستخلصه من موقف جريدة العرب في لندن، هو الإيمان، والولاء الرخيص لمن يحتضن ويمول، بدل الدفاع عن الهوية والأصل والمرجع العربي، كما يفعل الصحافيون الغربيون، الذين يعرفون أن دولهم لا تتدخل عسكريا لإنقاذ ومساعدة الشعوب، ولكن لحماية المصالح الاقتصادية والسياسية أولا، والأسوأ أن تقع في هذا الخطأ القاتل جريدة اختارت الهجرة للدفاع عن مصالح العرب، وهكذا تبقى قضية الشرعية الدولية، التي يدغدغ الغرب بها قلوب الأمريكيين والشعوب المغلوبة على أمرها، مجرد شعار باهت، وكاذب للتغطية على حقيقة السياسة الاستعمارية الغربية، التي يريدون تطبيقها تحت شعارات براقة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبذلك يكون التدخل الغربي الأمريكي المرتقب في سوريا، ومهما كان حجمه، التعبير الصادق عن الوجه الحقيقي لدولة الديمقراطية والحرية في الغرب الرأسمالي الاستعماري الجديد. و في الختام، نسأل الله في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عودة الوعي الصحيح لهذه النخبة، التي تعمل في جريدة العرب في لندن، حتى لا تفقد ما تبقى لها من روابط وعلاقات مع العرب، الذين تتحدث باسمهم في هذه العاصمة الغربية، وأقل ما يمكن القيام به هو التزام الصمت، وذلك أضعف الإيمان … ! الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة