يقول المولى عز وجل: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" {البقرة:44)، ويقول (ص) "إن اشد الناس ِ عذاباً يوم القيامة عالم ُ لم ينفعهُ اللهُ بعلمهِ"، ويقول صلى الله عليه وسلم " لا يكونُ المرءُ عالماً حتى يكون بعلمهِ عاملاً" ويقول ( ص) " العِلمُ عِلمان عِلمٌ على اللسان ، فذلك حُجةُ الله تعالى على خلقهِ وَعِلمٌ في القلب فذلك العِلمُ النافع " وتأتي هذه الآية الكريمة موضحة من هم العلماء ، بوصف دقيق رباني لا جدال فيه ، قال الله تعالى ) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور( فاطر/28 . وقد اتفق أهل العلم إن هؤلاء هم العارفون بالله . فإن العالم الذي يخشى الله ويزن أعماله وأقواله وكل كلمه تخرج على لسانه لأنها صائبة للقلوب وخاصة القلوب المؤمنة ، والتي وضعت ثقتها بهذا العالم . وأخذت فتاويه على محمل الجد والتطبيق ولم تناقش في هذه الفتاوي لأنها رأت فيها مصدرا صادقاً فخرجت من منبع أصيل وهو كتاب الله وسنة رسوله : وعندما قال أهل العلم أن العلماء هم العارفون بالله ، الذين قال في حقهم رب العزة ) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ (أي أن الذي يعلمه الله ليس كالذي يعلمه البشر فالفرق بين الصنفين واسع وكبير ومن الصعب حتى المقارنة بين العلمين لنضرب على ذلك أمثله من كتاب الله وسنه رسوله الكريم تقول الآية الكريمة بعد ما جاء الهدهد وهو طير كان مسخراً لدى النبي سليمان عليه السلام فغاب ثم حضر وجاء بخبر بلقيس من اليمن واخبر سليمان عليه السلام عن حالها وملكها وقوة جيشها فقال سليمان عليه السلام عندما جمع كل من كان مسخراً له من الجن والإنس قال لهم (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ( 38 ) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين ( 39 ) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ( 40 ) ) . هنا يتبين لنا من هُم العلماء الذين عندهم عِلمٌ من الكتاب رفعهم الله بهذا القدر الكبير ووهبهم علمٌ لم يكن حتى عند بعض الأنبياء ، مثل هؤلاء العلماء الذين ابحث عنهم كي أتشرف ولو بنظره إليهم أو مجالستهم ولو للحظات معدودة، لاقتبس من نورهم أضيئ به قلبي وأروّح عن نفسي لكي تطمئن وتسكن ،ويفيضون علينا بعلمهم الذي سنعمل به إلى أن نعشق الله ونحبه ونحب رسوله وأنبياءه ورسله وأولياءه . كي نطبق الحديث الذي روي عن رسول الله (ص) (عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين »)أخرجه البخاري[32] ومسلم([33. ]. وليس العلماء وخاصة علماء الكلام الذين حفظوا الآيات والأحاديث ليس من اجل أن يعملوا بها بل ليظهروا على شاشات التلفاز يتفيهقون ويتشدقون ويصدرون الفتاوى، فتاوى الفتنه حسب الطلب من سلاطينهم وحكامهم وأهوائهم وكل تلك الفتاوى مدفوعة الثمن !!! لتجد اليوم أن هؤلاء العلماء يتقاضون أمولاً طائلة مقابل أي ظهور في وسائل الإعلام سواء مسموعة أو مرئية أو مكتوبة حتى وصل البعض منهم يملك من المال عشرات الملاين من الدولارات والعقارات وبلغ الترف عندهم إلى درجة لا تصدق !!! من بحبوحة من العيش ، فراح البعض منهم إلى أن يتزوج حتى أكثر من أمراءةً ليشبع غرائزه !!! ناهيك عن المقام العالي الذي يرتقيه هذا العالم، جاء العالم… وذهب العالم… وحضر العالم ،والهالة الذي يعيشها هذا العالم فينسى الله!!! فتزهوا لهُ الدنيا فيصبح مطلوبا إعلاميا وتنهال عليه الأسئلة من كل حدبٍ وصوب. ويقيم له موقعاً في الانترنت فيا لهُ من مقام!! ،تراه مشغولٌ يرد على أسئلة الناس فيحتويه السلطان ويصبح عنده وجيهاً وليس وجيهاً عند الله، ويصبح علمه يباع في المزاد العلني وخاصة بعد أن ينال لقب دكتور بالإضافة إلى لقب شيخ . هؤلاء العلماء الذين قال في حقهم سيدنا علي كرم الله وجه( اخطر ما يكون على ألامه علمائها إذا أحسنوا علا شأنها وإذا أساءوا كانوا وبالاً عليها ) فترى اليوم الأغلب من هؤلاء العلماء علماء فتاوي الفتنه والقتل وسفكٌ للدماء وهذا ما اخبر عنه الصادق الصدوق في حديث شريف ( أول من تصعرُ بهم النار يوم القيامة ثلاثة عالم وشهيد ومنفق. وكلهم لم يعملوا ولم يقوموا بإعمالهم لوجه الله بل ليقول الناس عنهم فقالوا!!! ولهم في الآخرة عذاب النار والخزي عندما يقفون بين يدي العزيز الجبار . يقول سيدنا عيسى عليه السلام في حق علماء السوء قال مثلُ علماء السوء كمثل صخرة وقعت على فم نهرٍ لا هي تشرب، ولاهي تترك الماء يخلص إلى الزرع . فعلماء الدنيا هم أخسُ حالا واشد عذابا من الجاهل يوم القيامة وأن الفائزين المقربين هم علماء الآخرة ،هؤلاء الذين يخشون الله ويعملون حسابهم يوم يقفون بين يدي الله ينتظرون الجائزة الكبرى، بأن ادخلوا الجنة آمنيين، وفي أخبار داود عليه السلام حكاية عن الله تعال ( قال يا داؤد إن ادنى ما اصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي بأن احرمه لذيذ مناجاتي يا داؤد لا تسال عني عالما أسكرته الدنيا فيصده عن طريق محبتي، أولاءِ قطاع الطريق على عبادي ) وجاء قول الحبيب صلى الله عليه وسلم يحذرنا إلا نجالس ألاّ هؤلاء العلماء قائلاً !!: (لا تجلسوا عند كل عالم إلا إلى عالمٍ يدعوكم من خمس إلى خمس: من الشك إلى اليقين ومن الكبر إلى التواضع ومن العداوة إلى النصيحة ومن الرياء إلى الإخلاص ومن الرغبة إلى الزهد). وقراء هذه الآية قال تعالى : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) القصص) وقوله (ص) هلاك أمتي عالمٌ فاجر وعابدٌ جاهل وقول احد الصالحين شر الشرار شرار العلماء وخير الخيار خيار العلماء. وانشد احد الصالحين يقول: يا واعظ الناس قد أصبحتَ متهماً إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً فالموبقات لعمري أنت جانيها تعيب دنيا وناسا راغبين لها وأنت أكثر منهم رغبة فيها ولكن هناك العلماء الصالحون الأتقياء الذين ألهمهم الله الصدق وهداهم إلى سواء السبيل ورفعهم درجات وقرنهم باسمه يقول عز وجل (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران 18. يا ليتنا نجد مثل هؤلاء العلماء نستنير بعلمهم وتطمئن النفوس بحضورهم وتكون التجليات الربانية التي تُبكي العيون وتّعيش الأنفس في سكون فتصافحنا الملائكة في الطرقات وتزول الضغائن من القلوب ويموت الحقد والكره من النفوس ونعيش في ظل هذا الحديث القدسي (ما وسعني لا سمائي ولا ارضي بل وسعني قلب عبدي المؤمن ) فمن كان الله في قلبه فلا مكان للشيطان فيه. يا علماء ألامه اتقوا الله فأنكم إلى الفناء قادمون وأنكم من هذه الدنيا الدنية راحلون و إلى ربكم راجعون وبين يديه تحاسبون فطوبى لمن فاز وادخل الجنة وويلٌ لمن خاب … فكان وقودا للنار . )لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)، (وقودها الناس والحجارة) فلا أسفاً على الكذابين والدجالين الاخسرين أعمالا نسأل الله النجاة والعفو من الرحيم الرحمن . رمضان كريم والله ولي التوفيق الشيخ عبد الله نمر الكريم ملاحظة : نرجو من جميع الاخوة المعقبين عدم نشر