هدية لمن سيتولى مسؤولية الشأن العام من حزب العدالة والتنمية الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله ومن اهتدى. أما بعد، فهذه هدية لمن سيتولى مسؤولية الشأن العام من حزب العدالة والتنمية فيها تذكرة وموعظة، ننصت فيها لقول ربنا وهدي نبينا ومنهاج سلف الأمة الصالحين في السياسات الشرعية بما يجعلنا على خط الصلاح والإصلاح، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " نصوص من القرآن والسنة وآثار سلف الأمة هذا أوان تذكرها وتدبرها: الأصل كراهية طلب المسؤوليات والولايات: ففي صحيح البخاري عن أبي موسى قال:" أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك فكلاهما سأل فقال يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قال قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت فقال لن أو لا نستعمل على عملنا من أراده .." وفي رواية أخرى للبخاري"دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي فقال أحد الرجلين أمرنا يا رسول الله وقال الآخر مثله فقال إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه " وفي رواية لمسلم "دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحد الرجلين يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل وقال الآخر مثل ذلك فقال إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه " وروى البخاري أيضا عن عبد الرحمن بن سمرة قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير " روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة" وروى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها " اختيار البطانة الصالحة: قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118)آل عمران روى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ما استخلف خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله " عدم وضع الضعفاء في المسؤوليات: روى مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم " المنطق الإسلامي في تولي المهام والمسؤوليات: الإصلاح وتجنب الفساد وسبيل المفسدين قال تعالى:"وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)الأعراف تهيب المسؤولية واستحضار لحظة المحاسبة فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : « قلت يا رسول الله ألا تستعملني ؟ قال : فضرب بيده على منكبي ، ثم قال : يا أبا ذر : إنك ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة : خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها . تحري القسط والعدل وأداء الآمانات بمفهومها الواسع: قال تعالى:"وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة. وقال سبحانه:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء. وقال سبحانه:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) النساء. وقال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) روى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " روى الترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من أمير عشرة ، إلا و هو يؤتى به يوم القيامة مغلولا ، حتى يفكه العدل ، أو يوبقه الجور " اتباع الحق وتجنب الانسياق مع الهوى: قال تعالى:"يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)ص الاحتياط في مسألة الولاء ومعرفة ما يدخل فيه وما لا يدخل: - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا (144) النساء - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14)المجادلة. مبدأ محاسبة من تحت مسؤوليتك: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)الأعراف التواضع للمومنين: قال تعالى:"وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) الحجر التواصل والتقليل من مقتضيات الاحتجاب والانتباه إلى خطورة وآفات أمر الوسطاء: روى أبو داود في سننه وصححه الألباني عن أبي مريم الأزدي قال:"دخلت على معاوية فقال ما أنعمنا بك أبا فلان وهي كلمة تقولها العرب، فقلت: حديثا سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره قال فجعل رجلا على حوائج الناس " وفي الطرق الحكمية لابن القيم ص:226 أن عمر رضي الله عنه قام بتحريق قصر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, لما احتجب فيه عن الرعية . الرفق بالناس: روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" التخفيف من معاناة المستضعفين في مختلف المجالات الحيوية (التشغيل،الإدارة (تخفيف إجراءات الانتظار،التماطل،الابتزاز،الإهانة..)الصحة،التعليم،السكن،قلة ذات اليد: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة . ومن يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة . ومن ستر مسلما ، ستره الله في الدنيا والآخرة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ." دخلت على عمر بن عبد العزيز زوجته فاطمة فوجدته يبكي، فسألته عن سرِّ بكائه، فقال: إني تَقَلَّدْتُ (توليت) من أمر أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أسودها وأحمرها، فتفكرتُ في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري والمجهود، والمظلوم المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذوي العيال الكثيرة، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمتُ أن ربي سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيتُ ألا تثبتَ لي حجة فبكيتُ. وذكر المؤرخون أن عمر بن عبد العزيز كان همه أن يعيش المسلمون في عزة وكرامة، ينعمون بالخير والأمن والأمان، فقد كتب إلى أحد أمرائه يقول: لابد للرجل من المسلمين من مسكن يأوي إليه، وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، وأثاث في بيته، وكان يأمر عماله بسداد الديون عن المحتاجين، وتزويج من لا يقدر على الزواج، بل إن مناديه كان ينادي في كل يوم: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى استطاع بفضل من الله أن يغنيهم جميعًا. وقد بلغت شفقة الصالحين من الولاة مبلغا وصل أثره إلى الأنعام من خلق الله، كتب عمر بن عبد العزيز ذات يوم إلى واليه في مصر قائلاً له: بلغني أن الحمالين في مصر يحملون فوق ظهور الإبل فوق ما تطيق، فإذا جاءك كتابي هذا، فامنع أن يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل. الحذر من الغش وعواقبه: روى مسلم عن معقل بن يسار قال:"إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " تفقد الأحوال والمسؤوليات المنوطة بك: قال تعالى عن سيدنا سليمان:"وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)النمل. التثبت مما ينقل إليك من أخبار: قال سليمان للهدهد لما نقل إليه خبر بلقيس:"قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) النمل. الاحتياط لأموال المسلمين: عدم أكلها بالباطل: قال تعالى:" وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ.."188 البقرة وقال تعالى:" وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.."161 آل عمران (والغلول الخيانة في الفيء والغنيمة وغيرهما) تجنب تبذيرها: قال تعالى:" ولاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) الإسراء. (فمثلا مكاتب الوزارة والإدارة إذا كانت صالحة وتجهيزاتها مناسبة فمن السفه تبذير المال في تجديدها) استحضار نماذج سلفنا الصالح في حفظ أموال الأمة لمجاهدة أنفسنا حسب الوسع والطاقة(مثال عمر وعمر بن عبد العزيز) قال رجل لعمر بن الخطاب: (يا أمير المؤمنين لو وسعت على نفسك في النفقة من مال الله تعالى، فقال له عمر: تدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟ كمثل قوم كانوا في سفر فجمعوا منهم مالاً وسلّموه إلى واحد ينفقه عليهم، فهل يحل لذلك الرجل أن يستأثر عنهم من أموالهم؟). ولما رأى ولاة الأقاليم الخلفاء يسيرون وفق هذا الطريق ساروا عليه، وأصبح الواحد منهم يبعث الأموال الكثيرة إلى الخليفة دون أن يخطر بباله أن يأخذ منها شيئاً لنفسه، ويروى أن عمر بن الخطاب لما رأى الأموال الكثيرة المنقولة من الأقاليم بين يديه، قال: (إن قوماً أدوا الأمانة في هذا لأمناء، فقال له بعض الحاضرين: إنك أديت الأمانة إلى الله تعالى فأدوا إليك الأمانة، ولو رتعت لرتعوا). روى الأعمش عن إبراهيم، قال: (أرسل عمر إلى عبد الرحمن بن عوف يستلفه أربعمائة درهم، فقال عبد الرحمن: أتستلفني وعندك بيت المال، ألا تأخذ منه ثم ترده؟ فقال عمر: إني أتخوف أن يصيبني قدري، فتقول أنت وأصحابك: اتركوا هذا لأمير المؤمنين حتى يؤخذ من ميزاني يوم القيامة، ولكني أتسلفها منك لما أعلم من شحك، فإذا مت جئت فاستوفيتها من ميراثي.) وقال عمر مرة لمن يتساءلون ما يحل لعمر من بيت المال:"ألا أخبركم بما أستحل من مال الله؟ حلتين حلة الشتاء والقيظ وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا أفقرهم، ثم أنا رجل من المسلمين يصيبني ما يصيبهم". (هذه الأقوال من "مسؤولية الولاة عن حفظ الأموال العامة "د. محمد فاروق النبهان) . وقد كان لعمر بن عبد العزيز رحمه الله مصباحا يكتب عليه الأشياء التي تخصه، ومصباحا لبيت المال يكتب عليه مصالح المسلمين لا يكتب على ضوئه لنفسه حرفًا..وذات مرة سخنوا له الماء في المطبخ العام، فدفع درهمًا ثمنًا للحطب!! الاجتهاد في تنميتها: ففي السنن الكبرى للبيهقي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة " يقصد تنميتها واستثمارها. وعند الطبراني في المعجم الأوسط عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:اتجروا في أموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة" الطاعة في المعروف لمن هم أعلى منك: قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59) النساء اللين والعفو والشورى والأخذ بالعزيمة وحسن التوكل على الله: قال تعالى:"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران وفي قصة المرأة العاقلة بلقيس:"قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) النمل. قبول النصيحة وبذلها: روى مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " روى مسلم عن معقل بن يسار قال :"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة " من مواصفات المومنين حال القوة والتمكين: العناية بالصلاة والشورى والإنفاق المشروع في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالى:" وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ (39)الشورى. وقال تعالى:"الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41)الحج. الحذر من الافتتان من إقبال السلطة والجاه والمال: روى البخاري عن عمرو بن عوف المزني قال:قدم أبو عبيدة بمال من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما صلى بهم الفجر انصرف ، فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ، وقال : ( أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء ) . قالوا : أجل يا رسول الله ، قال : ( فأبشروا وأملوا ما يسركم ، فوالله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا ، كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم ) . وروى الترمذي وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ما أخشى عليكم الفقر ، و لكني أخشى عليكم التكاثر ، و ما أخشى عليكم الخطأ ، و لكني أخشى عليكم التعمد " لا تكليف بما لا يطاق والمسؤولية بحسب الوسع المتاح: قال تعالى:"لا يكلف الله نفسا إلى وسعها" بقي أخي الكريم أن تسائل نفسك بصدق عن مقدار وسعك وهل عملت حتى عجزت عن المزيد في فعل المعروف والأمر به واجتناب المنكر والنهي عنه. ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده . فإن لم يستطع فبلسانه . فإن لم يستطع فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان " . فانظر في أمرك فما لا تستطيعه لا تلام عليه وأما ما كان في مقدورك وعواقبه مقدور على تحملها فمن مسؤوليتك القيام بتغييره. الصبر لمن لم ينل حظه من المناصب: ففي صحيح البخاري عن أسيد بن حضير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استعملت فلانا ولم تستعملني قال إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني " نعم للاجتهاد ولكن بمقاصده وضوابطه: لا بد للاجتهاد من أصول، حتى لا ينقلب التجديد إلى تبديد ، والاجتهاد بالمقياس الصحيح بحمد الله قادر على مسايرة التطور ولكن بمرونة غير سيالة بل إنها (سماحة ومرونة مقيدة بالجريان على أصول الشريعة منضبطة بمقاصدها التي تتجه جملة بتكاليف الشريعة إلى تحقيقها)[1] فهو اجتهاد يتأتى به القدرة على الاستجابة، للتحديات التي يفرضها الواقع والتاريخ في زمان ومكان معينين، في المجتمع الإسلامي. استجابة تحفظ مصالح الإسلام والمسلمين في إطار من الشرع ..وليس كما يحلو للبعض أن يتصور الاجتهاد على أنه إسباغ بردة الدين على أنماط السلوكيات الغربية المستوردة والغريبة عن منطقنا وتصورنا، أو وسيلة للتحلل من الالتزامات الشرعية. أو يقصد به مجرد التخفيف من الأحكام الشرعية فسحا لدائرة الرخص وتضييعا لدائرة العزائم[2] . بعض مهام أهل الحل والعقد في حزبنا المبارك: اختيار الأمثل فالأمثل فليس يستعمل غير أصلح الموجود ، ويختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه ، وشرط كل منصب:القوة والأمانة. والقوة في كل منصب بحسب ما يحقق المقصد من إحداثه، فمثلا القوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العدل الذي دل عليه الكتاب والسنة وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام. والأمانة ترجع إلى خشية الله ، وألا يشتري بآياته ثمنا قليلا ، وترك خشية الناس تعالى : ( فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا) ومن أهم الشروط المعتبرة التي يذكرها الفقهاء: أحدها : العدالة والتي تعني فيما تعنيه الاستقامة في السيرة وتجنب الكبائر وعدم تعمد المجاهرة بالصغائر . والثاني : العلم المؤدي إلى التصرف المشروع في الأمور العامة، ويقصد بالعلم هنا العلم بالمجال المراد تولية المهام فيه والمؤدي إلى حسن مواجهة المستجدات بما يناسبها.العلم وثالثها : الرأي المفضي إلى سياسة القطاع وتدبير أموره بما يحقق المصلحة. ورابعها : الشجاعة والحكمة في القول والفعل . وخامسها:القدرة على ممارسة المهام من جهة سلامة السمع والبصر واللسان والقدرة على الحركة. ومما ذكره العلماء أيضا من مهام المسؤولين في الإسلام: إقامة السياسات الجالبة للمصالح المشروعة وتقوية صف المصلحين ودفع المفاسد وقمع المفسدين، وتنفيذ ما يستطاع من شرع رب العالمين، واليقظة اللازمة لتجنب الفتن والمخاطر، والإصلاح بين الناس، ومحاسبة المقصرين... والله نسأل أن يوفقنا للخير ويعيننا عليه، والحمد لله رب العالمين. *** [1] فتحي الدريني:مناهج الاجتهاد .مجلة الاجتهاد ع8/1990 [2] طارق البشري:ملاحظات منهجية حول موضوع التجديد في الفقه الاسلامي مجلة الاجتهاد.ع:9_1990.ويشير إلى أنه يمكن أن يكون من الاجتهاد المناسب مثلا :منع التجنس والتقلل وضبط الاستهلاك.