طرحت "هيئة مغاربة الخارج " فكرة مشروع حزب للجالية المغربية يسعى إلى تأطير و توجيه شريحة مهمة من المهاجرين المغاربة قصد المشاركة السياسية في الاستحقاقات الانتخابية وتمثيل مصالح هاته الفئة من أبناء الشعب المغربي، و كذا التأثير في السِّياسات الحكومية و القوانين التشريعية التي تمس بشكل مباشر أو غير مباشر مصالح المهاجرين المغاربة في مشارق الأرض و مغاربها. بل أكثر من ذالك، يمكن لحزب الجالية أن يمارس عملية الرقابة والمراقبة عن طريق ممثليه و نوابه بالمؤسَّسات التشريعية و المجالس الجهوية والمحلِّية و ذالك بإنشاء وإحداث آليات تنظيمية تمكنه (الحزب) من ممارسة حقه السياسي والتمثيلي. لكن فكرة إنشاء حزب يمثل الجالية ستسيل الكثير من الأقلام و الألسن، و ستثير حفيظة بعض الأحزاب الوطنية و جهات حكومية وممثلي الجالية الرسميين كمجلس الجالية والوزارة المنتدبة المكلفة بالجالية المغربية...إلخ ، و سيخرج علينا "علماء" السياسة وأساتذة القانون الدستوري، والقانون الدولي، وخبراء الانتخابات و الخرائط السياسة ...!!!! سيخرج هؤلاء ، ليعلنوا "استنكارهم" و" شجبهم" و "تنديدهم" بالفكرة !!!، ورفضهم لها بمبرِّرات نعرفها مُسبقا ! ألا و هي أن "الحزب هو إطار سياسي يضم أشخاص لهم تصور نظري و احد، ومشروع مجتمعي واحد، و يتطلع هؤلاء للاستحواذ على السلطة بوسائل سلمية عن طريق صناديق الاقتراع .." كما سيقول دهاقنة السياسة "إنه تنظيم يقدم مرشحين باسمه في الانتخابات " وإنه "تنظيم يسعى إلى السلطة .."، إذاً و من وخلال التعاريف السياسية و القانونية و كذالك الفلسفية، التي سيبحث عنها هؤلاء لهدم أو حتى" َرفْس" الفكرة ،بالإضافة إلى ما هو تقني بحت ، و جغرافي وكذاك تجارب دول أخرى في تعاملها مع دياسبورا المهاجرين. نعم، يمكن لهؤلاء وللذين سيجدون في مشروع إنشاء حزب للمهاجرين المغاربة ضربا من الخيال و حتى تهديدا للوحدة الوطنية.. و غيرها من التراهات التي اعتدنا سماعها عندما يقتضي الحال إقصاء فئة أو مجوعة من ممارسة حقِّها .. لا يهم ..فنحن كذالك لنا مبرِّراتنا و نظريات فقهية سياسية وقانونية تزكِّي و تدعم فكرة إنشاء حزب للمهاجرين ، و تجارب سبقتنا في مناطق أخرى من العالم. فإذا جادلنا أصحاب النظريات التيبولوجية و توقفنا عند الشق التعريفي للحزب السياسي نجد أن مجموعة من المفكرين و المنظرين السياسيين و فلاسفة الثورة اختلفوا في تعريف الحزب، فالتعريف الماركسي يعرف الحزب السياسي ما هو إلا تعبير سياسي لطبقة ما، أي أنه لا وجود لحزب دون أساس طبقي ..، أما "ماكس ويبر" فيذهب إلى أن الحزب يستخدم للدلالة على علاقة اجتماعية، تنظيمية ، تقوم على أساس الانتماء الحر والهدف هو إعطاء رؤساء الأحزاب سلطة داخل الجماعة التنظيمية من أجل تحقيق هدف معين أو الحصول على مزايا معينة ..." ، أما بوردو فهو من أعطى ترفا بسيطا و جامعا لوظائف الحزب، فهو يعرف الحزب باعتباره "تنظيم يضم مجموعة الأفراد بنفس الرؤية السياسة و تعمل على وضع أفكارها ما موضع التنفيذ و ذالك بالعمل في آن واحد على ضم أكبر عدد ممكن من المواطنين إلى صفوفهم وعلى تولي الحكم أو على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة " ، إذا و حسب تعريف" بوردو " ليس من الضروري أن يتطلَّع الحزب إلى الاستحواذ على السلطة في الأنظمة الديمقراطية بل يكتفي بمكانة تخوله التأثير على قرارات حكومية تخدم مصالح الفئة التي يمثِّلها. إنَّ حزب الجالية المغربية هو تنظيم سياسي يضم إلى صفوفه أكبر عدد من المهاجرين المغاربة، للدفاع على حقوقهم و التأثير في السياسات الحكومية التي تمس مصالحهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة، و تمثيلهم في المؤسسة التشريعية عن طريق مُنتخبين من الجالية، و كذالك ممثلين في المؤسَّسات الوطنية والجهوية و المحلية، ومجلس الجالية و الوزارة المكلفة بتدبير شؤون الجالية، و كل المؤسسات المدنية التي لها صلة بمصالح الجالية كالمجالس الإدارية للأبناك الوطنية شبه العمومية ..إلى غيره من المؤسسات و المنظمات التي تعنى بشؤون الجالية المغربية من قريب أو من بعيد ". أما كيفية ممارسة الحزب لوظيفته السياسية فالأمر ليس معقَّداً كما يُحاول الكثيرون إيهامنا به، حيث بالإمكان تعيين المقر الإجتماعي للحزب على التراب المغربي و إيجاد صيغة تنظيمية ببلدان الإقامة كما هو معمول به في بعض الدول الأوروبية، مادام أنَّ تشريعات وقوانين بلدان الإقامة تعطي للمهاجرين حق إنشاء جمعيات مدنية و حقوقية. نحن نعلم أن الجالية المغربية أصبحت تتخذ أشكال تنظيمية راقية انطلاقا من بلدان الإقامة، حيث نجد أشكال مختلفة وسائل التعبير و العمل الحقوقي والأكاديمي ..، فهناك منظمات غير حكومية تهتم بمشاريع تنموية كجمعيات المهاجرين التي تعمل في مجال التنمية الذاتية، و جمعيات مهنية تضم مقاولين ومستثمرين من أبناء الجالية، وكذالك جمعيات عمالية، و طلابية ..إلخ من التنظيمات التي من خلالها يحاول المهاجر مهما كان وضعه و مكانته الاجتماعية ببلدان الإقامة التعبير عن أفكاره وممارسة حقه بالمشاركة الفعلية و الرمزية في دفع عجلة التنمية بالوطن، لكن و مع انحصار دور هاته الجمعيات و التنظيمات في العمل الجمعوي و الحقوقي و الإجتماعي، يبقى المهاجر تحت رحمة القوانين و التشريعات و كذا القرارات السياسية، و التي تقرِّر في أبسط ما يمكن أن يربط المهاجر بأرض الوطن. إذا مسألة خلق إطار سياسي للممارسة الفعل السياسي و المشاركة في رسم معالم السياسة "المُهاجِراتية" إذا صح التعبير، من طرف المعني بالأمر بالدرجة الأولى ألا وهو" المهاجر" أصبح أمراً ضروريا و مُحتَّما حتى و لو اتَّخذ الحزب شكلا آخر غير الحزب، وما دامت الجالية المغربية تلفها الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، و يحميها دستور المملكة، و ما دامت روابط الدم و القرابة بأرض الوطن أقوى من العملة، وما دمنا نحمل العلم الوطني في أفراحنا و حفلاتنا وفي المناسبات الرياضية و المنتديات الثقافية و الفكرية..ببلدان المهجر، فلنا الحق، كامل الحق في ممارسة حقوقنا الوطنية السياسية و الدفع بعجلة التنمية في بلدنا الحبيب ليتبوأ مكانة دولية لائقة بمواطنيه و شعبه و تاريخه وسمعته التي لم تنل ولن تنال منها سهام الغدر و أيادي الفساد و المفسدين، و من أجل مهاجر مواطن فاعل و متفاعل لنا موعد مع التاريخ و مع الوطن و لنلتف حول هيئتنا و حزبنا و الله المستعان .