أمشي في الشارع فأراها عارية تتمايل في مشيتها، ذات ريح يسكر من شدة الإفراط، شعرها يتطاير في الهواء وفي فمها علكة. تمر على كائن حزام سرواله عند ركبتيه وفي عنقه ويديه سلاسل فضية، يتلألأ كالعروس في ليلة زفافها.. يتبعها و يدندن بكلمات الحب والغرام، تبتسم وتبطئ في مشيتها ويتبادلان أطراف الحديث وبعدها يتبادلان أشياء أخرى أمام أعين الناس الذين سيقولون كما قلت أنا، "لقد رأيناها وفي فمها علكة واقفة مع صاحب سروال حزامه عند الركبتين" . عجبا لهم، يغنون عن الحب ولا يحبون، يكتبون أشعارا عن العشق ولا يعشقون، يتحدثون عن الأرق باسم الحب وينامون، يقسمون على نيتهم وهم يكذبون، رغم ذلك للأغبياء يجدون، يصدقونهم وهم يمثلون. يعشقون الأجساد وينسون الفؤاد، ينجذبون بالمظهر ويغفلون عن الجوهر. وأخرى لم أرها ولم تسمح لي بأن أراها، فلا ريح ينبعث منها ولا شعر ظاهر، متسترة بحجاب ولباس فضفاض. تمشي على استحياء كملكة لا يكلمها ولا يمسها من هب ودب. يراها البعض غبية حرمت نفسها من حرية سن الشباب بفعلتها هاته، فأطلقوا ضحكات مفعمة بالسخرية والنظرة الدونية. أما الآخرون فقد رأوها جوهرة أحصنت نفسها بسياج الحشمة والوقار خوفا من ربها ووفاء لزوجها الذي سطرته أقلام الغيب. شباب وضعوا لجاما لغرائزهم وصبروا في زمن القابض على دينه كالقابض على الجمر. لا يريدون حراما رغم سعره الرخيص وعجزوا عن الحلال لكثرة الشروط. يعشقون ويحبون لكن العين بصيرة واليد قصيرة. قلوبهم تنبض حبا وأعينهم تدمع شوقا ونيتهم تفيض صدقا. أهل يمنعون وشباب يفتنون ونفس أمارة بالسوء؛ كل هذا يؤدي إلى مرض يصيب الشخص ليوقعه أرضا بذنوب لم تكن لتذنب لو كان للأهل والشباب حكمة أو تفكير. يحبها ولكن هي تفضل الحب الحرام عن الحلال، يحبها ولكن هي تريد زواجا لمدى الحياة وهو يريد زواجا لليلة، تحبه وتريد أن تكون له زوجة وهو يريدها عشيقة. وآخرون يحبون بعضهم ويريدون حلالا ولكن الظروف تقول لم يحن الوقت بعد. لعبة القدر صعبة للغاية وبالرغم من ذلك فإن لعبها هذا يكون لسبب من الأسباب ودائما ما يكون هذا "الحظ السيئ" لصالح الإنسان.