لمْ أكنْ تقياً كما ينبغي لابن الشيخ ألف صلاة ويزيد ما كنتُ ناسكاً يشبه الإمام يحمل طقوس المغفرة ولا ورعاً مثل حفّار القبور لستُ عاقلاً ولا مجنوناً بل أنتفض في غباري وحيداً كسوْسنة زرقاء يوماً لمْ أمتلك أمري كان لي بساط وعصفور في نهري تطير الأسماك وغابتي تلد خيولاً برأسين شرنقة تربك وجه الشجر ومقبرتي مرايا تتناسل لكنّني لست ساحراً ولا مسحور في مواكب الغيث والضيم تفر الصناديق الخشبية نحو الجبال خشية درب المقبرة إن زحف الموتى نحو ضفة السّواد معهم يسير بساطي وقلبي يمور إن انقسم ظهر العربة انفلت القماش البارد من سوارهِ وفاض التراب على الأسماء تفقأ العقارب ثدي المجرة ويموت عصفوري مع الطيور ليسَ سواي في جنون المسافة عارياً من خطاي حافي الشراع أولِ دربي شطر يقظة وأوراق مطر لا شيء في احتشاد الثاني سوى ثلاث هزيلات الصرير وتسع بحور من الفصول أشتهي بساتين التين كثيراً وجداً جداً أحبُّ عصافير الصباح منذ أسقتْ الرّيح الجراد للعشب المحموم لم يعد في الكروم المرتبكة ماء جفَّ فم الشمس وشاخت الزهور يوماً لم أكنْ زاهداً مثل بدويّ لكنْ كانَ كفّي مائدة للجياع وقلبي مدفأة للحفاة غيمة مطر كنتُ للعابرين ولكل من تسربله الخطى درباً مشطور كنت خلف رداء الوقت أروي باكورة الحصاد لم تمسّني يدٌ زرقاء منذ كنت صبياً تحرسني سواعد متضرعة يا مسك الأولياء أيّ سر فيك وكيف عبرت حين خرج البر من البحور خلف الضجيج الرّاقد في جوف الوحشة أمضي نحو بساتين الله حيث رياض النعيم أشجار العصافير حيث تهب المنازل بساطي مسكنه لا سواه في سلال الخطايا غفور وصل التراب نهايته وانتهى النهار يغادر الشجر الغابات الهرمة يأوي الماء إلى صخره والعصفور إلى طينه ويغفو الطريق ليستريح ويتهيّأ المسافرون للعبور في رحلتي إليكَ يشدني بياض الطريق يعانق الثوب مني الحجارة لم يكن حصاراً ولا غباراً يتشظّى كان وعداً للصالحين والأولياء قالوا هذا أجر الله للمأجور