1 كلّما عبرت درب المقبرة يومض الاقحوان حد المطر يذرف الرخام البارد ورد الرمّان وتتهدل أغصان الصفصاف من السور كأنَّ الفوانيس تتدلّى من السحاب لم أفهم سر ذاك الرذاذ لكن وجدي يفوح على الظلال كأنني أحتسي حامض قلبي وأنتَ هناكَ تغفو وحيداً مسكون بنزع العتمة لا تقصص صرير حزني على الجدران العطشى قد تعودتُ اقتسام وريدي لكنني أخشى عليكَ يا أخي وأنتَ في ضريحكَ أن يفيض عبير الساقية ويشتد هطول العشب وأعلم أنكَ تكابد الحساسية 2 في فراغ الأماكن المقاعد أيضاً تضجرُ أغيّر جهتها من ركن إلى آخر من غرفة إلى غرفة من موسم لموسم ومن درب يكتم خطاه لوجوه تمطر وأنتشل من حطب الرحيل خطىً مبتورة هذا الضرع جاف لا خيل فيه ولا وتد فأية جدران تبعثر الصور وأي خواء يترصّد هذا القلب الضامر لا تتركوا المقاعد وحدها حتى لا تبهت ملامحها تذكروا للمجالس أحلام مغلقة ورحيق منسدل على شرفة الغياب 3 هكذا عندما توصد الساعة الرملية الأبواب تخبو أضواء الخان ويغفو تعب العمر على حد الحجر هناك يختبئ النهار والمسافات وتكابدك سُرّة الغيم في الخان الكثير من السّواقي من الزجاج الكثير وأقدام عارية وجنون مرتعش جلده ينفخ الغبار في الأفواه الرّامدة وأنت تنظر إلى ملامحك المكتظة في المرايا المنكسرة لا تنسى أن تسدل الستار الثقيل قبل حديث الظمأ وتحفظ المفتاح 4 الحياة جميلة وهادئة مثل نهر يزأر قبل الخسوف لعلّ الأبواب لا توصد الوقت الحبيبة غاضبة مثل مطر منفلت ينقر الزجاج حتى صار وجهها يطمر ظلاله والقبيلة هائجة كخيل ظمأى تشققت عينيها شيخ القبيلة سجن الشجر ونفى الغابة وأنا مرتاح كثيراً وهادئ جداً هادئ تماماً مثل الصندوق الخشبي لحفّار القبور 5 ما من شيء يجمعنا أنتم وأنا سوى طاحونة عتيقة قمح ابتلع العتمة وحزن يقشّر مشارف البهجة ينمو على أهداب اليقظة بياض يمور في الظلام حزن يشبه وتد في خيمة لاجئ كأنه دار الأيتام وأنتم في هذا السواد تضحكون مثل صغير يدثّر حلم الوسادة تمضغون حزنكم وتنامون أبواب القيامة هنا