ت- بودنيب ا لنوافذ المكسورة" هو اسم لنظرية كان لها تأثير واسع خلال السنوات العشر الأخيرة في كيفية إدارة المدن وترقية مستواها، وتقليل نسب الجرائم والمخالفات بأنواعها. أصل النظرية بسيط جداً أي : "أن وجود نوافذ مكسورة في الحي يشجع الناس على كسر المزيد من النوافذ ثم الاعتداء على السيارات والسرقة، وأن وجود بعض الأوساخ في الشارع يشجع الناس على المزيد من الاستهتار بالنظافة العامة حتى يصبح الحي لا يطاق" الحل حسب هذه النظرية هي: الاعتناء بالتفاصيل الصغيرة أولاً بأول، وإنهاء الأخطاء الصغيرة مهما كانت للقضاء على المشكلات الكبيرة لو تأملت النظرية فستجد أن الفكرة بسيطة: الخطأ بأنواعه هو وباء معد ينمو ويتكاثر ويتضخم بسرعة، والقضاء على الوباء يأتي مع القضاء على بذرة الخطأ. تأمل النظرية أيضاً يفرز نتيجة أخرى: الناس بطبعهم مستعدون للانضباط إذا دخلوا بيئة شعروا نفسياً أنها منضبطة، ومستعدون بسرعة للانفلات إذا دخلوا بيئة شعروا نفسياً بأنها منفلتة. لاحظ أن الفكرة هي: التركيز على منع الأخطاء الصغيرة، ولكن هذا لا يعني إشاعة جو من الجبروت والعقاب الشديد؛ لأن لهذا أثره السلبي والعكسي حين يثير التحدي في نفوس الناس، ولكن الأصل هو منع الأخطاء فقط لإشاعة الجو النفسي بالانضباط، وهذا سيتكفل بامتناع الناس عن الأخطاء صغيرة وكبيرة دون الحاجة لأنظمة العقاب الشديدة. فجوهر الفكرة هو: عدم التسامح مع الأخطاء مهما صغرت، والتركيز على أن يشعر الناس أنهم يعيشون ضمن إطار نظام لا يرحب بالفوضى والخطأ؛ لأن الناس في طبعها يحبون ذلك، وسيلتزمون بالنظام عندها. كل ما ذكرته سالفا هو تمهيد لموضوع إجتماعي بامتياز (تصاعد و ثيرة الإجرام في مدينة بودنيب ) خاصة في السنوات الأخيرة، هذه المدينة الصغيرة التي لم تكن معروفة من قبل إلا عند سكانها أو من زارها ذات مرة أصبحت معروفة و نالت حقها من الشهرة لدرجة أصبح سكان المناطق الأخرى يربطونها بحادثة" الأكراد 2010". و المثال وارد، ففي سفرية لأحد المدن المجاورة و عند ركوبي سيارة الأجرة بدأت أتبادل أطراف الحديث مع الركاب الآخرين و عندما سألني أحدهم عن مقر سكناي أجبت أنا "بودنيبي" فالتفت لي كل الركاب قائلين أنت إذا من ألأكراد.... إن تفشي ظاهرة إرتكاب الجرائم خاصة بين الفئة الشابة نتيجة لتظافر مجموعة من ألأسباب نذكر منها التربية السيئة،التعاطي للممنوعات،غياب رقابة الأولياء لأبنائهم، تساهل السلطات مع المجرين، تدخل النفوذ للحيل دون معاقبة المجرين الشيء الذي يحفز على القيام بجرائم ربما أكبر من السابقة،وربما حتى الساكنة لها دورها في تفش الإجرام،... كل هذه العوامل ساعدت في نشوء عصابة إجرامية أخرى متكونة من سبعة أشخاش عمرهم لا يتجاوزون 14 سنة سرقوا مجموعة من المحلات التجارية لدرجة أنهم في الليلة الواحدة كانوا يقومون بعمليتي سرقة زرعوا الرعب في نفوس التجار و حتى الساكنة خاصة بعد حضور الشرطة العلمية ولم تتوصل للفاعلين و تواصلت جرائمهم.وذات يوم شاعت ألأخبار بين الساكنة عن هوية الفاعلين و قبض عليهم و بحوزتهم مبالغ مهمة و أدواة ساعدتهم في أعمالهم و بعض المسروقات الأخرى المتنوعة(دراجات،تعبئة الجوال،سجائر...) بالرغم من سنهم الصغير إلى أن أفعلهم كبيرة حيرت السلطات و الساكنة.لكن السؤال الذي يطرح نفسة مائة مرة في كل كرة ،ما السبب الذي جعل الجهات المسؤولة تفرج عنهم؟ كيف نتوقع مجتمع(بوذنيبي) خال من الجرائم؟ أظن أن عصابة"ألأكراد" لو لم تكن قضية رأي عام لطلق سراحهم. كل هذا التهاون هو ما يحرض على ارتكاب الجريمة لأن العقاب غائب تماما (السيبة بالمفهوم العامي)