نصير كاظم خليل تتعالى الأصوات اليوم في العراق مطالبة بإصلاحات لتشكيل ( حكومة تكنوقراط ) كطريق أو وسيله لمعالجة حالة التردي الحاصلة في البلاد دون معرفة فيما إذا كانت هذه الحكومة ملائمة أو متوافقة مع واقع العمل السياسي أو مع المجتمع العراقي الذي يمر بتجربة الديمقراطية لأول مره وهل تتوفر لها مقومات النجاح ؟ والتكنوقراط كلمة يونانيه تستخدم للتعبير عن شكل من أشكال الحكومة ذات الكفاءة والتقنية والاختصاص وأول ما ظهرت كحركة في الولاياتالمتحدةالأمريكية في العام 1932 وقبلها طرحت كمصطلح لأول مره من قبل الكاتب الانكليزي William.H.Smith ( 1788 – 1865 ) في العام 1919 بتولي الاختصاصيين العلميين مهام الحكم في المجتمع الفاضل إي أنه أشترط وجود ( مجتمع فاضل ) كي ينجح أهل العلم والاختصاص ( التكنوقراط ) في أداء مهامهم في إدارة البلاد وهي تعني حكومة يقودها أهل العلم والاختصاص غير حزبيه وغير منحازة لمذهب أو دين أو حزب أو طائفة وأن الوزارات يفترض أن تدار من قبل أشخاص مختصين ومهنيين مثلاً وزارة النفط يقودها وزير مختص بالنفط والإنتاج وفي مجال الصناعة النفطية وهكذا لبقية الوزارات ولكل تجربة جديدة في الحياة العملية تواجه بعض المشاكل أو المعوقات وأول مشكلة ستواجه الحكومة الجديدة ( التكنوقراط ) عند تشكيلها هي كيفية اختيار أعضاءها ومن يختارهم رئيس الوزراء أم روؤساء الكتل السياسة والحزبية ؟ وبالتالي يصبح الاختيار سياسي ومن خلال ذلك هناك مخاوف مشروعه لدى الشارع العراقي من حكومته التكنوقراط القادمة ومخاوفه تكمن في مجموعة من علامات الاستفهام ومنها مثلاً هل تستطيع الحكومة الجديدة أن تعمل في وسط سياسي فاسد ( إدارياً ومالياً )؟وهل بمقدورها أن تقضي على الفساد والمفسدين ؟ سيما وأن معظم أعضاء هذه الحكومة مستقلين لا ينتمون إلى أي جهة حزبية أو سياسية وهل تقضي على المحاصصة السياسية ( هذا لي وذلك لك ) والتي جاءت بأشخاص غير أكفاء ؟ وهل من يتم اختيارهم من أصحاب الشهادات ينجح في إدارة مؤسسات البلاد ؟ حيث أن الشهادة وحدها لا تكفي ما لم تكن هناك خبرة ومعرفة ودراية في مجال الاختصاص والإدارة حيث أن هناك من يحمل شهادات عليا وهو لا يستطيع قيادة بيته ومن يضمن أن من يأتي يكون أفضل من سابقه ؟! وهل تستطيع حكومة التكنوقراط توفير فرص عمل لإلاف الخريجيين أو تنهض بالواقع الزراعي المتردي ليكون العراق بلد مصدر كما كان خلال أعوام الخمسينيات من القرن الماضي حيث كانت صادراته الزراعية تفوق صادراتة النفطية وهل تنهض بالواقع الخدمي في مجال التدريس وتصريف المياه والكهرباء وغيرها من القطاعات الخدمية ؟ هذا ليس بتشاؤم ولكن هذا هو حال واقع العمل السياسي في العراق ، ان حكومة التكنوقراط في حال تشكيلها ونجاحها فانها بحاجه الى عشرين سنه على الأقل للنهوض بالعراق الى ما هو أفضل لذا فأن المرحلة الحالية بحاجة الى سياسيين وطنين يحبون شعبهم ووطنهم ولا يجاملون على حسابهم وبحاجه أيضاً الى حكومة قوية وأصحاب فكر ورؤيا سياسية حكيمة تقود البلاد الى بر الأمان ودحر الإرهاب والتعايش السلمي ونبذ الطائفية المقيتة وأن مثل هذه الحكومة لاتكون الملاذ الا اذا تهيئة لها البيئة الملائمة .